"العقوبات الأمريكية لم تقتصر على إيران فقط بل ستمتد آثارها إلى قطر" .. كان هذا محور التقرير الذى نشرته صحيفة "الفايننشال تايمز" الأمريكية مؤخرا، والتى أشارت فيه إلى أنه هناك دول أخرى يمكن أن تتضرر من العقوبات الأمريكية على إيران، وجاء بعنوان "قطر بموقف غير مستقر مع العقوبات المفروضة على إيران". وأجابت الصحيفة على أحد الأسئلة المطروحة، وهو كيف ستؤثر هذه العقوبات على دول أخرى في المنطقة مثل قطر، التي ليس لديها شكوى مع واشنطن، وتظهر تعاطفًا قليلاً مع طهران، وتعتمد بطرق معينة على البلدين. وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أعلن منذ مايو الماضي، أنه سيعيد فرض العقوبات على إيران، وأن من يقومون بأعمال مع إيران لن يُسمح لهم بإقامة أعمال مع الولاياتالمتحدة. وقالت "الفايننشال تايمز" إن آثار التهديد بالعقوبات بدأت تظهر، مع إلغاء شركات مثل "توتال" الفرنسية للاستثمارات في ايران، مشيرة الى أن قطر إحدى أصغر الدول في الشرق الأوسط، ومن الأغنى في الوقت نفسه، فصادرات الغاز الطبيعي إلى عدد من الدول من بينها بريطانياوالصين جلبت ارتفاعًا بالعائدات خلال ال20 عامًا الماضية، كما تملك قطر حوالى 865 تريليون قدم مكعب من احتياط الغاز، وتعدّ المصدّر الأكبر في العالم، كما أنّ لديها 27% من الغاز الطبيعي المُسال في السوق العالمي. وأصبح أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، أقرب إلى إيران، خلال العام الماضي، في أعقاب الحصار الذي فُرض على الدوحة، ومن بينها إغلاق الحدود البرية بين قطر والسعودية، وكذلك المجال الجوي، بهدف إلزام الدوحة بقطع علاقاتها مع إيران، لكن النتائج جاءت عكسية، إذ تحسنت التجارة بين إيرانوقطر، وسمح الطريق بين ميناء بوشهر وقطر باستمرار إمدادات الطعام والسلع الرئيسية، كما استخدمت قطر المجال الجوي الإيراني، مقابل دفع المال. وأشارت الصحيفة الأمريكية، إلى أن هذا التعاون أحدث المزيد من الضغط على ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، حيث إن إعادة فرض العقوبات من الولاياتالمتحدة على إيران عقد الوضع القائم، فقطر تضم قاعدة "العديد" الأمريكية التي بها 10 آلاف جندي، كما أنها تعتمد على إيران لأن البلدين لديهما حقل غاز مشترك فيه 1800 تريليون من الغاز الطبيعي و50 مليار برميل من الغاز المكثف. وقالت صحيفة "الفايننشال تايمز"، إنه يجب على قطر الآن أن تختار وتقرر أي جانب تريد أن تتعامل معه، إذا ما نفذت واشنطن ما أعلنته خلال تصعيدها ضد إيران، والخطوة المنطقية الأولى للولايات المتحدة يجب أن تكون بدفع السعوديين إلى إنهاء الحصار، ومع ذلك، فلا يبدو أن القطريين ينوون لعب أي دور ضد طهران، وقد جاء ذلك على لسان وزير الدفاع القطري خالد العطية، الذي قال إن الدوحة لن تشارك بأي تحرك ضد إيران، كما أعلن رئيس الخطوط الجوية استمرار استخدام المجال الجوي الإيراني. ولفتت الصحيفة الأمريكية، إلى أنه يجب أن تكون الدوحة مُدركة لمخاطر الرد الإيراني إذا ما شاركت بحملة أمريكية ضد طهران، لا سيما فتح ملفات لخلافات قديمة حول تقسيم وتطوير حقل الغاز الطبيعي، ويمنع قطر من تحقيق طموحاتها المستقبلية في نسبة تصدير الغاز. وقالت وسائل إعلام إيرانية، إنه حدث طفرة في حجم التجارة بين إيرانوالدوحة خلال الشهور القليلة الماضية، وأبرز في هذا الشأن ما ورد في صحيفة "فايننشال تريبيون" الإيرانية، المتخصصة في الشؤون الاقتصادية، من أن التبادل التجاري بين طهرانوالدوحة على صعيد السلع غير النفطية، تضاعف في الفترة ما بين مارس ويوليو من العام الجاري. وكانت أرقام رسمية إيرانية أفادت مؤخراً بأن سبتمبر 2017، شهد زيادة في صادرات إيران غير النفطية إلى قطر بنسبة وصلت إلى نحو 127%، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2016. وسلّط تقرير صحيفة "ذا ماريتايم إكسيكيوتف"، الضوء كذلك على التصريحات الأخيرة التي أدلى بها مساعد رئيس مؤسسة الموانئ والملاحة البحرية الإيرانية هادي حق شناس، وأشار فيها إلى أن قطر ترغب في تنشيط خطوط الملاحة البحرية مع بلاده، وتفعيل حركة التجارة بين ميناء بوشهر الواقع جنوبإيران وميناء حمد القطري، لكن التقرير أكد وجود إمكانية لأن تلقى الجهود القطرية في هذا المجال انتكاسةً لا يُستهان بها بسبب العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران. وقد يؤدي فرض العقوبات الأمريكية على طهران، إلى جعل ميناء بوشهر أقل فائدة، رغم أنه يمثل نقطة عبور لشحن البضائع القادمة من الخارج إلى قطر، كما أن الكثير من الشركات الملاحية الأجنبية الكبرى أنهت بالفعل أنشطتها في الموانئ الإيرانية، تخوفًا من وقوعها تحت طائلة العقوبات، وهو ما يجبر الشركات الإيرانية على الاعتماد بشكل أكثر كثافة على الأسطول البحري للبلاد. وسيرقى تنفيذ العقوبات على طهران، إلى مرتبة فرض حظرٍ شبه كامل على التجارة، مع المؤسسات والكيانات الإيرانية، خاصة بعدما تكتمل مراحل استئنافها، بما سيشمل منع الشركات الأجنبية من إجراء أي معاملات تجارية مع قطاعات النفط والشحن وبناء السفن في إيران، أو إبرام أي صفقات تجارية مع هذا البلد باستخدام الدولار. وتؤثر العقوبات سلبًا على اقتصاد إيران، على الرغم من أن التأثير السلبي على الاقتصاد الحالي للعقوبات الحالية أقل من سابقتها، حين تم تبني قرار مجلس الأمن الدولي، وقد انضم الاتحاد الأوروبي إلى تلك العقوبات، لذلك كان تأثيرها أقوى. ولكن إذا انضمت أوروبا والصينوروسيا إلى العقوبات الأمريكية، فمن الطبيعي أنها ستكتسب قوة أكبر، وسوف تبدأ بالتأثير في حياة إيران السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وكانت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موجيريني قالت فى وقت سابق، "نأسف لإعادة فرض العقوبات الأمركية على طهران"، كما أطلقت عملية معروفة ب"قانون التعطيل"، للحد من تأثير العقوبات الأمريكية على الشركات الأوروبية التي تريد الاستثمار في إيران، بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق. وهذا القانون يحظر على المؤسسات الأوروبية الامتثال للعقوبات الأمريكية، تحت طائلة التعرض لعقوبات يحددها كل بلد عضو، كما يسمح لهذه المؤسسات بالحصول على تعويضات لأي ضرر ينجم عن هذه العقوبات من الشخص المعنوي أو المادي المسبب له. وسيخدم هذا القانون الشركات الصغيرة والمتوسطة أكثر من المجموعات الكبرى، فبالنسبة للأخيرة يمر الحل عبر التفاوض للحصول على إعفاءات واستثناءات مع الولاياتالمتحدة. ومن المرجح أن تجري إيران اتفاقيات مع بعض الدول لتداول عملتها، لتفادي خطر العقوبات الأمريكية الجديدة، فعلى سبيل المثال، تجري مفاوضات مع الهند بشأن التبادل التجاري بالروبية. ومع روسيا، تريد إيران التوصل إلى اتفاق حول التجارة بالروبل، ومع الصين باليوان، وفي الوقت نفسه، فإن القضية الرئيسية هي استمرار المفاوضات مع أوروبا. ووفقًا لأحدث البيانات، تريد فرنسا أن تصبح بمثابة مكتب لتنفيذ هذه المسائل، على تتحقق التجارة من خلال فرنسا، حيث ستقوم إيران بنقل نفطها، وسيتم تحويل الأموال إلى الحسابات الفرنسية التي ستدفع مقابل المشتريات، والمفاوضات بشأن تنفيذ هذه الآلية. وقال وزير الخزانة الأمريكية، ستيف منوتشين إن الولاياتالمتحدة مصممة على التأكد من أن النظام الإيراني سيتوقف عن تحويل احتياطاته من العملة الصعبة إلى استثمارات فاسدة وأن تصل إلى أيدي الإرهابيين. أما فيما يتعلق بالهدف وراء إعادة العقوبات، قالت وكيلة وزارة الخزانة الأمريكية لمكافحة الإرهاب، سيجال مانديلكر، إن الهدف هو منع البنوك الإيرانية التي تساهم في عملية قمع الداخل الإيراني وفي التدخلات الخارجية، من أن تكون جزءً من النظام المالي الدولي، وتسليط الضوء على الطبيعة الحقيقية للقمع الذي يمارسه النظام الإيراني على النظام المصرفي المحلي.