في إطار دورها الهام للتصدي لفوضى الفتاوى الدينية وتحديد المفاهيم بصورة واضحة، تعقد دار الإفتاء مؤتمرها العالمي الرابع تحت مظلة الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، وذلك تحت عنوان «التجديد في الفتوى بين النظرية والتَّطبيق» خلال الفترة من 16 حتى 18 أكتوبر الجاري. يُشارك في فعاليات المؤتمر وفود وعلماء ومفتون ورجال دين يمثلون أكثر من 70 دولة ومنظمة دولية على مستوى العالم؛ من أجل الوصول إلى تحديد واضح للمفاهيم والضوابط في ضوء الفتوى الشرعية من ناحية التنظير الذي يبدأ من استنباط الأحكام من الأدلة الشرعية، ومن ناحية التَّطبيق الذي يكون شكله النهائي في صورة العلاقة بين المفتي والمستفتي، مع ربط هذه الأمور بالواقع العصري الذي نعيشه حاليًّا من خلال القضايا الإفتائية المعاصرة التي تناقشها فعاليات المؤتمر وجلساته. وقال الدكتور إبراهيم نجم، مستشار المفتي والأمين العام لدور وهيئات الإفتاء في العالم، إن أهمية الموضوع الذي يناقشه المؤتمر العالمي للإفتاء هذا العام تحت عنوان «التجديد في الفتوى بين النظرية والتَّطبيق» تأتي في إطار المحاولات الحثيثة التي تبذلها الأمانة على مستوى العالم برئاسة الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، لتصحيح الوعي العام للأمة الإسلامية في قضية الفتوى الشرعية وأهميتها وخطرها وضوابطها وضرورة صدورها من المتأهلين وتصحيح المسار الذي نسعى إليه دائمًا نحو المعاصرة والتطور والتجديد مع المحافظة على ثوابت الدين. وأضاف: بجانب ذلك نناقش قضيةً من أهم القضايا المثارة، ألا وهي قضية التجديد، لكنها سُتناقش هذه المرة في ضوء الفتوى الشرعية من ناحية التنظير الذي يبدأ من استنباط الأحكام من الأدلة الشرعية، ومن ناحية التَّطبيق الذي يكون شكله النهائي في صورة العلاقة بين المفتي والمستفتي. وأوضح أن أهمية عقد المؤتمر في هذا التوقيت تنبع كذلك من خلال التصدي لفتاوى الجماعات والتنظيمات الإرهابية التي لا تعرف أي شيء عن الدين، فمع تصاعد حدة التطرف الفكري، وتعاقب الأحداث الإرهابية العالمية التي أصبحت الأمة الإسلامية تَئِنُّ من جرَّاء تطورها، نظرًا لتخفي صانعيها خلف ستار الدين والركون إلى فتاوى تراثية تبرر لهم سفك الدماء واستباحة الحرمات، مشيراً إلى أن الجهاد الفكري بات فرضًا على كل علماء الأمة استنباطًا للأحكام الشرعية والفقهية والفتوى بما يتماشى مع الواقع، وكذلك ترسيخًا للفقه الوسطي، بمعنى الاعتدال في كل أمور الحياة من تصورات ومناهج ومواقف، وتَحَرٍّ متواصل للصواب في التوجهات والاختيارات. وأكد أن دار الإفتاء حملت على عاتقها عبرَ الأمانةِ العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم رايةَ تجديد الفتوى للتوافق مع مجريات العصر وتغير أحوال البلاد والعباد ومناقشتها دون سطحية أو تخوف، وذلك عملًا بالمبدأ الفقهي "الفتوى بنت زمانها"، ومصداقًا لقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: «يبعث الله على رأس كل مائة عام من يجدد لهذه الأمة أمر دينها»، وحتى نرشد المستفتين إلى ضوابط وقواعد للعيش في زمانهم. من هنا جاءت أهمية إقامة مؤتمر عالمي حول: "التجديد في الفتوى بين النظرية والتطبيق"، الذي يعد بمنزلة حدث تاريخي تجتمع فيه كلمة المفتين للوفاء بفريضة التجديد الرشيد، والاجتهاد في المستجدات، فضلًا عن أهمية انطلاقه من أرض الكنانة مصر. وقال الدكتور محمد البشاري، أمين عام المؤتمر الإسلامي الأوروبي، إنَّ الساحة الإسلامية بحاجة إلى مؤتمر دار الإفتاء الدولي الذي سيعقد في 16 أكتوبر المقبل، خاصة وأن قضية الفتوى تحتاج إلى تدقيق وترتيب وميثاق فقهي بين المجامع الفقهية. وأضاف أن المؤتمر سيخرج بميثاق عالمي جامع للفتوى، مشيرًا إلى أنه سيكون أول وثيقة عليها إجماع المجامع الفقهية لتنظيم الإفتاء، خاصة في ظل وجود أكثر من مائة وعشرين عالمًا من أكثر من ثمانين دولة لبحث قضية التجديد في مجالات الإفتاء ومواجهة الاجتزاء الفقهي الذي دأبت عليه الجماعات المتطرفة والمتشددة. وقال الدكتور محمد الشحات الجندي، أستاذ الشريعة الإسلامية ورئيس الجامعة الإسلامية بكازاخستان، إنه يعول كثيرًا على مؤتمر دار الإفتاء في تصحيح المفاهيم وتجديد الخطاب الإفتائي والتناول الفقهي لكثير من القضايا المعاصرة والمستجدة ولعل أبرزها قضايا الإرهاب والتطرف، ودعم البناء والعمران واستقرار المجتمعات. وأضاف أن مؤتمر دار الإفتاء العالمي الذي يأتي تحت عنوان "التجديد في الفتوى بين النظرية والتطبيق"، سيواجه الأفكار الشاذة كافة والمضي في تقديم أبواب جديدة لاجتهاد العلماء، والفقهاء في فتاواهم المجمعية والعلمية للرد على كثير من الشبهات التي تثار سواء من المتطرفين أو المفرطين.