عملا بالمثل الإنجليزي " المال يتحدث".. تقوم قطر باستغلال أموالها لشراء وتغيير مواقف زعماء أكبر دول العالم لصالحها، أملا في تحويل أزمتها الأخيرة مع الدول العربية لصالحها، ويبدو أن خطة الأمير الشاب ناجحة حتى الآن، فلم يتخذ كل من إيمانويل ماكرون، أو فلاديمير بوتين، أو أنجيلا ميركل ،أو تيريزا ماي، وحتى دونالد ترامب ،أي مواقف ضد الدوحة خلال إعلانهم مواجهة الإرهاب، بل على العكس تحول موقفهم من رافض للدولة الصغيرة إلى مؤيد لها بسبب خوفهم على ضياع الاستثمارات القطرية من بلادهم. اعتمد الرئيس الفرنسي الحالي ايمانويل ماكرون خلال حملته الانتخابية على قضية مكافحة الإرهاب لاقناع الناخبين بانتخابه، وأكد دائما على الدور القطري في دعم الإرهاب وشرح كيف سيتصدى للدوحة بهذا الشأن، ولكن ما إن وصل إلى الحكم بدأ أمير الدولة الخليجية الصغيرة تميم بن حمد في مغازلة "ماكرون" بمليارات اليورو من خلال صفقات عسكرية واستثمارات ،الامر الذي دفع الرئيس الفرنسي للتراجع عن موقفه وإظهار انحيازه لقطر خلال أزمتها مع الدول العربية وخلال زيارة ماكرون للدوحة منذ أيام قليلة أعلنت قطر توقيع صفقات أسلحة وإنجاز مشاريع بنى تحتية بقيمة 14 مليار دولار مع شركات فرنسية، على هامش هذه الزيارة ووفقا للمحللين تسعى قطر، من خلال إعلان هذه الصفقات، إلى إظهار عدم تأثرها بالإجراءات الدبلوماسية والتجارية الذي اتخذتها السعودية والإمارات ومصر والبحرين ضد الدوحة, ونقلت وسائل إعلام عن ماكرون قوله:" إن هذه الصفقات دليل على قوة العلاقات بين البلدين" وبموجب هذه الصفقات تشتري قطر 12 طائرة حربية من نوع رافال، ونحو 500 عربة عسكرية، و50 طائرة إيرباص لنقل المسافرين, وستتولى مجموعة شركات فرنسية إنجاز شبكة قطار الأنفاق في العاصمة الدوحة بقيمة 3،5 مليارات دولار. كما ستشرف الشركات الفرنسية على تشغيل وصيانة شبكة الأنفاق التي يتم إنجازها في إطار التحضير لتنظيم نهائيات كأس العالم 2022. وأشرف على توقيع الصفقات أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، والرئيس الفرنسي ولم تكتف قطر بهذه الصفقات فحسب ،حيث عبرت أيضا عن رغبتها في طلب 490 عربة عسكرية من طراز في بي سي آي، التي تصنعها شركة نكستر الفرنسية الحكومية، وقيمتها، حسب قصر الإليزيه، نحو 1،5 مليار دولار. والواقع أن موقف ماكرون من قطر تغير منذ شهر سبتمبر الماضي، حين زار تميم فرنسا، ويبدو أنه كان يضع اللمسات المبدئية لهذه الصفقات الضخمة ، التي نجحت في استمالة الرئيس الفرنسي للدوحة ،ففي ختام هذه الزيارة طالب ماكرون، برفع ما أسماه حظر دول الخليج الذي يؤثر على سكان قطر في أقرب وقت ممكن وفقا لبيان اصدره قصر الاليزيه حينها. وأضاف البيان حينها أن ماكرون وأمير قطر تطرقا إلى الأزمة القائمة بين قطر ودول عدة في الشرق الأوسط, وعبر الأول عن قلقه ازاء التوترات التي تهدد الاستقرار الاقليمي، وتعيق الحل السياسي للأزمات، وتضعف فاعلية كفاحنا المشترك ضد الارهاب. وأشار بيان الاليزيه الصادر في سبتمبر الماضي , إلى أن فرنساوقطر مصممتان على تعميق التعاون بين البلدين في هذا المجال، ووضع آليات مشتركة لتجفيف مصادر تمويل الارهاب . كذلك، اتفقتا على العمل معا، استعدادا لمؤتمر عن مكافحة تمويل الارهاب الذي تنظمه فرنسا مطلع سنة 2018 واللافت أن ماكرون كان قد توعد في شهر أبريل الماضي ، وكان حينها المرشح الأوفر حظا في انتخابات فرنسا بأن ينهي فى حال فوزه, الاتفاقات التي تخدم مصلحة قطر في فرنسا. وأضاف حينها أنه يعتقد أنه كان هناك كثير من التساهل وخصوصا خلال ولاية الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي بشأن قطر. وتابع ماكرون حينها أنه ستكون لديه مطالب كثيرة إزاء قطر ، في مجال السياسة الدولية ومن أجل أن تكون هناك شفافية جديدة فيما يتعلق بالدور الذي تؤديه في التمويل، أو في الأعمال التي يمكنهما القيام بها تجاه المجموعات الإرهابية التي هي عدوتنا حسب وصفه. وتغير موقف ماكرون دليل على قوة تأثير الدوحة الاقتصادي على بلاده،حيث تأتى فرنسا فى المرتبة الخامسة بين موردى قطر، حيث وصل حجم التبادل التجارى إلى مليارى يورو فى عام 2015، كما أن هناك العديد من اتفاقيات التعاون بين البلدين. ووفقا لمجلة ماريان الفرنسية، بلغت قيمة العقارات التى تملكها العائلة القطرية المالكة فى فرنسا 3.3 مليار يورو، وهو ما يفتح الباب أمام تساؤل الفرنسيين حول مستقبل بلدهم فى ظل التوجه القطرى للاستثمار فى كل المجالات فى فرنسا، وكذلك تساؤلات ومخاوف أكدها المحامى الفرنسى جابريال روبان، فى مقال له حول نية قطر فى شراء فرنسا من خلال استثمارات حكومتها وكذلك استثمار العائلة المالكة أيضا فيها. ويبدو أن تغير موقف ماكرون من قطر أثار الجدل في فرنسا حيث نقلت صحيفة لوبوان عن المحلل السياسى الفرنسى المتخصص فى شئون الشرق الأوسط رونالد لومباردى، قوله عقب زيارة الأمير الشاب لباريس : إن اللقاء بين ماكرون وأمير قطر تناول التعاون بين البلدين فى مجالات الاقتصاد والأمن فى بلد متهمة بموقفها الغامض من الإرهاب، مضيفا أن قطر التى تعد إحدى البلدان الأكثر ثراء فى العالم، تبحث عن حلفاء فى الغرب، لاسيما ماكرون الذى أبدى من قبل معارضته لسياسة بعض بلدان الخليج من ضمنها قطر. وأكد لومباردى أن تميم الذى يبدو اليوم منبوذا من قبل جيرانه فى الخليج، يبحث عن أصدقاء وحلفاء غربيين عبر جولته الأوروبية التي قام بها في سبتمبر الماضي، مشيرا إلى أن ماكرون يريد السير على خطى أسلافه فى الاستفادة من ثروة قطر، التى تمتلك واحدة من صناديق الثروة السيادية الأكثر قوة فى العالم، التى تقدر بنحو 300 مليار دولار