أثار قرار مجمع البحوث الإسلامية، بإنشاء أكشاك للفتوي داخل محطات مترو الأنفاق بدعوي مواجهة الفتاوى المغلوطة التي تروجها التيارات المتطرفة، حالة من الغضب داخل الشارع القبطي واصفين الأمر بأنه تمييز وتعد صارخ علي الدستور والمواطنة، ومطالبين بإنشاء أكشاك لتلقي اعترافات الشعب القبطي أسوة بأكشاك الفتوي. كانت لجنة الفتوى التابعة لمجمع البحوث الإسلامية قد افتتحت ودشنت "كشك للفتوي" بمحطة الشهداء بمواعيد عمل يومية من الساعة 9 صباحاً حتى 8 مساء لرفع المعاناة عن كاهل المواطنين من الذهاب لمشيخة الأزهر أو دار الإفتاء بالدراسة، مؤكدين أن تلك الخدمة المقدمة للركاب بالمجان دون دفع أية رسوم . من جانبه طالب الناشط القبطي الدكتور فريدي البياضي بتخصيص أكشاك لتلقي اعترافات الشعب القبطي في محطات مترو الأنفاق أسوة بأكشاك الفتوى . وأوضح أن الأقباط يستقلون المترو ويدفعون مقابلاً مادياً تلك الخدمة ويسددون الضرائب المستحقة عليهم وبالتالي عندما تقوم الدولة بتوفير خدمة بهذا المرفق يجب أن تشمل جميع الركاب دون تمييز، مشدداً علي حق الأقباط في الإرشاد الروحي من خلال أكشاك تلقي اعترافات الشعب القبطي . وقال إن هذا الإجراء يمثل تكريساً للدولة الدينية التي لن تكون ناراً علي الأقباط وبردا وسلاما علي غيرهم، فعندما سيطر "داعش" علي الموصل طردوا المسيحيين ثم أعلنوا دولتهم بها ورحبت بهم القبائل وفِي خلال عامين كان هناك عشرات الألوف من أهل الموصل من المسلمين السنة بين قتيل وأسير بيد التنظيم الإرهابي ومن ثم فنحن في مركب واحد ولن ينجو فريق دون الآخر. واستنكر هاني صبري لبيب محامي قرار إنشاء أكشاك لجان للفتوي داخل محطات مترو الإنفاق، واصفاً الأمر بأنه تعد صارخ علي الدستور ويحض علي الطائفية فضلاً عن تعطيله لسير المرفق العام. وأوضح أن هناك قواعد قانونية تحكم سير المرافق العامة ونشاطها من اجل تحقيق أهدافها التي وجدت من اجلها وهي دوام سير المرافق العامة بانتظام واطراد المرفق العام يجب ان يؤدي خدماته لجمهور المنتفعين بشكل دائم ومنتظم بدون تعطيل لمصالح مئات المواطنين الذين يستقلونه هذا فضلاً عن تحقيق مبدأ مساواة جميع الأفراد في الانتفاع بالمرافق العامة والخدمات التي يؤديها هذه المرافق ولا يجوز للمرفق أن يفرق بين المنتفعين بخدماته بسبب الدين أو العقيدة أو اللون أو الجنس. وأشار إلي أن الدستور المصري نص علي "المواطنين لدي القانون سواء وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة ،مؤكداً أن قرار أكشاك لجنة الفتوي داخل محطات المترو يحمل تعدياً صارخاً علي الدستور وغير قانوني وفيه نوع من التمييز الطائفي البغيض بين المواطنين علي أساس ديني وفيه مساس بمدنية الدولة –علي حد تعبيره. وأشار لبيب إلى أن بعض المتشددين غير المخاطبين بقانون تنظيم الفتوي العامة قد يستغلون هذا القرار للمطالبة بأكشاك لجنة الفتوي لهم في بعض المصالح الحكومية والأماكن العامة وقد يقوموا بالمخالفة للقانون بتشكيل لجان علي غرار هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويتحكمون في المواطنين وفق الفتاوي وأهواءهم الشخصية وليس وفق تطبيق دولة سيادة القانون. وتابع :نحن لسنا ضد إصدار الفتوي وفق قانون تنظيم الفتوي العامة رقم 70 لسنة 2017 ولائحته التنفيذية والإجراءات والضوابط المقررة قانونياً ، ولكن قرار إنشاء لجان الفتوي داخل مترو الإنفاق معيب وغير قانوني وليس له ما يبرره في الواقع او القانون. وناشد لبيب رئيس الحكومة بضرورة إزالة كل أشكال التمييز الطائفي بكافة أشكاله وصوره داخل مترو الإنفاق وكافة المرافق العامة للدولة احتراماً لمبدأ المواطنة ودولة سيادة القانون، مطالباً بمحاسبة وزير النقل ورئيس هيئة مترو الإنفاق وكافة المسئولين عن هذا القرار المعيب- علي حد وصفه. وقال أمير عياد، الناشط القبطي، "لا جدال حول أهمية الفتوي وعلماء الدين في المجتمع لمحاربة الفكر المتطرف ويجب أن تعظم الدولة من شأنهم بما يناسب مكانتهم وبالتالي ليس من المقبول أن يساء إليهم بتخصيص أماكن لهم علي أرصفة المترو فهذه "إهانة". وأضاف نستطيع أن نجعل لدار الإفتاء فروعاً في كل حي تليق بالفتوي والعلماء ومكافحة الإرهاب وتطوير الخطاب الديني، مؤكداً أن المترو وسيله لنقل المواطنين وليس مكان مناسب للحصول الفتوى. وأشار عياد إلي أن هذه الفكرة فتحت الباب علي مصراعيه لمطالبة الفصائل الأخرى داخل المجتمع بنفس الحق، موضحاً أنه في حال رفض الدولة لرغبتهم فإن ذلك سيضعها داخل دائرة التمييز السلبي وبالتالي تدخل الدولة في مواجهة وصدامات مع الجميع- علي حد وصفه. وأرجع سخرية بعض الشباب إلى "لامنطقية الفكرة" وعدم جدواها حيث أن المواطن يستقل المترو للذهاب إلي عمله وبالتالي لن يجد وقتاً لسماع الفتوى". ومن جانبه أوضح مينا كمال، الناشط القبطي ورئيس لجنة شباب القاهرة بحزب الوفد، أن هناك جانب سلبي وآخر إيجابي في وجود أكشاك للفتاوي داخل محطات المترو، موضحاً أن الأمر السلبي هو خلط الأمور ببعضها فمكان الفتاوي الدينية ليس محطات المترو والمواصلات العامة حيث أن ذلك يفتح الباب لحالة من الجدل غير المرغوب فيه بالوقت الحالي وستجد من يطالب بفتح أكشاك للقساوسة المسيحيين وأن كانت من باب المقارنة وليس جدية الأمر. وتابع "الجانب الإيجابي اكثر قوة وهو توعية الناس بأمور دينهم وغلق الباب أمام فتاوى المتشددين ووجود منبر معتدل أمام المحتارين في أمور دينهم وبدلاً من أن يذهبوا للأزهر فإنهم يجدون الشيوخ في طريق عملهم بمحطة المترو". وطالب كمال الأزهر بمراجعة الشيوخ المسئولين عن هذه الأكشاك لضمان اعتدالهم في فتاويهم، متمنين أن يستمر الأمر ثلاثة شهور ويتم تقييم التجربة ومدي استمراريتها من عدمه.