لم يكن من قبيل المصادفة زيارات اقادة العرب المتعاقبة للبيت الابيض فبروتوكوليًا، من المنطقى أن يعدد الرئيس الأمريكى ترامب لقاءاته بقادة منطقة حيوية شائكة كالمنطقة العربية، فى محاولة أكبر لفهم ما يحدث خلالها. أما استراتيجيا، فقد تكون هناك نية لإقامة حلف "سنى عربى" نواته أربع دول، وهى: مصر والسعودية والإمارات والأردن، يقود المنطقة فى مواجهة الأخطار السياسية والاقتصادية المحدقة بها، وربما يكون بديلا، أو مكملا، لناتو خليجى قائم فعلا، يخوض حربًا فى اليمن منذ عامين، لكنه لم يحقق معظم أهدافه. الرئيس السيسى زيارة الرئيس السيسى لواشنطن واللقاء المرتقب اليوم بين الرئيس المصرى ونظيره الأمريكى لاشك أنه سيتطرق إلى بعض الملفات المهمة والشائكة، لاسيما بعد فترة الجمود المؤقتة خلال نهاية حقبة أوباما. ملفات كالحرب على داعش والأزمة الليبية والسورية واليمنية والسلام الفلسطينى الإسرائيلى بالتأكيد ستكون مطروحة فى اللقاء، لكنها ستكون وفق أجندة عربية أمريكية موحدة، ربما ناقشها القادة العرب جزئيا فى قمة "البحر الميت"، وربما ناقشوها كلية فى الغرف المغلقة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، جلسة السيسى وسلمان. محمد بن سلمان على ذكره، فقد أنهى ولى ولى العهد السعودى زيارة وصفتها صحف المملكة بأنها كانت ناجحة، للولايات المتحدةالأمريكية خلال الأسبوع الماضى، ناقش فيها، ظاهريا،عدة قضايا متعلقة بالمنطقة. كسر الرئيس الأمريكى ترامب خلال اللقاء بروتوكول البيت الأبيض، وذلك بسماحه للمصورين وكاميرات القنوات الفضائية بالتقاط صور اللقاء الذى جمعه مع الأمير الشاب، حيث من المعتاد ألا يُسمح للمصورين ووسائل الإعلام بالحضور والتقاط الصور إلا إذا كان الاجتماع مع رئيس دولة. خلال اللقاء بدا واضحًا التوافق والانسجام بين الجانبين فى التعامل مع العديد من الملفات، أبرزها التصدى للأنشطة الإيرانية الإقليمية المزعزعة للاستقرار فى المنطقة، كما اتفق الجانبان على ضرورة توسيع نطاق مواجهة خطر التنظيمات الإرهابية التى باتت تهدد العالم. اقتصادياً، شهد اللقاء سلسلة تفاهمات هامة، منها إطلاق استثمارات سعودية كبيرة فى الولاياتالمتحدة، فضلًا عن فتح فرص للشركات الأمريكية للدخول إلى السوق السعودية وفق رؤية المملكة 2030، كما بحث الجانبان برنامجاً مشتركاً لمشاريع تطوير تقدر قيمتها بنحو 200 مليار دولار، خلال السنوات الأربعة المقبلة. حيدر العبادى وتعد زيارة رئيس الوزراء العراقى حيدر العبادى إلى واشنطن نهاية الأسبوع قبل الماضى، هى الأولى له بعد تولى الرئيس الأمريكى الجديد دونالد ترامب إدارة البيت الأبيض، وجاءت هذه الزيارة بدعوة من قبل الرئيس الأمريكى بعد التسريبات الإعلامية التى أفادت بأن ترامب رفض زيارة العبادى إلى واشنطن فى وقت سابق، الأمر الذى نفته الخارجية الأمريكية وسفارتها فى بغداد. زيارة العبادى إلى واشنطن طبيعية بحسب المعطيات والتطورات السياسية؛ وذلك بحكم تّغير الإدارة الأمريكية وبحكم العلاقة بين واشنطنوبغداد، لاسيما مع التطورات العسكرية والحرب ضد تنظيم "داعش"، إلا أن الإعلام السياسى خلق من هذه الزيارة نقيض ومضادات عراقية-إقليمية، لاسيما مع إيران؛ وذلك بسبب تصاعد الصراع السياسى والإعلامى بين أمريكاوإيران بعد مجىء ترامب، والتساؤلات التى يطرحها البعض، بأن الأخير سيُخير العبادى بين واشنطن وطهران، وأن هذه الزيارة سترسم ملامح العلاقة الأمريكية العراقية فى ظل رئاسة ترامب للولايات المتحدة. زيارة السيد العبادى تندرج ضمن الاستراتيجية السياسية للحكومة العراقية بتمتين العلاقات العراقية الأمريكية وتفعيل اتفاقية الإطار الاستراتيجى بين واشنطنوبغداد، وتطمين الجانب الأمريكى بمستقبل العلاقات بين البلدين وبعلاقاته الخارجية مع دول الخليج، لاسيما مع المملكة العربية السعودية، وطلب المساعدة الأمريكية للعراق فى حربه ضد تنظيم "داعش"، فضلاً عن المساعدات المالية والاقتصادية والأمنية، وهذا ما طرحه بالفعل العبادى أمام ترامب فى زيارته الاخيرة. الملك عبدالله الثانى لقد أعلن الديوان الملكى الأردنى والبيت الأبيض، أن العاهل الأردنى، الملك عبد الله الثانى بن الحسين، سيبدأ غدا الثلاثاء، زيارة إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية، يلتقى خلالها الرئيس دونالد ترامب. تأتى هذه الزيارة التى تعد الثانية للعاهل الأردنىلواشنطن، منذ تولى ترامب فى يناير الماضى، بعد الزيارة الأولى التى امتدت 6 أيام، دشن من خلالها أول زيارة لمسؤول عربى رفيع المستوى إلى إدارة ترامب، انتهت بعدد من الاتفاقات وإجراءات عملية ترسم مستقبل التعاون فى المنطقة وذكر الديوان الملكى الأردنى فى بيان له أن مباحثات الملك عبد الله مع الرئيس الأمريكى ستجرى فى الخامس من أبريل، وتركز على تعزيز علاقات التعاون والشراكة الاستراتيجية بين الأردنوالولاياتالمتحدة، والتطورات الراهنة على الساحتين الإقليمية والدولية"، لافتا إلى أن "ملك الأردن يلتقى خلال الزيارة "لم تُحدد مدتها"، مع عدد من أركان الإدارة الأمريكية". من جانبه أعلن البيت الأبيض عن ترقب ترامب لاستقبال الملك فى زيارته الثانية منذ توليه مهام منصبه. وأضاف أن الجانبين "سيتبادلان عدداً من وجهات النظر ذات الاهتمام المشترك المتعلقة بالشرق الأوسط، بما فى ذلك أفضل السبل التى تستطيع الولاياتالمتحدةوالأردن من خلالها هزيمة داعش، وإنهاء الصراع فى سوريا، وتعزيز السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين". ولفت البيان إلى أن مباحثات الزعيمين ستتضمن "كيفية تقوية التعاون بين الولاياتالمتحدةوالأردن، وتعزيز السلام والرخاء فى الشرق الأوسط". محمود عباس فى كلمته أمام قمة البحر الميت أكد الرئيس الفلسطينى محمود عباس أنه تلقى دعوة من الرئيس ترامب لزيارته فى منتصف أبريل الجارى، للحديث عن السلام، مشيرا إلى أنه اتفق مع الإدارة الأمريكية على التحرك على أساس حل الدولتين. ويبدو أن اللقاء سيتناول ما تنوى طرحته الإدارة الأمريكية على القمة العربية بخصوص باستبدال عبارة "حل الدولتين" ب"حل يتوصل له الطرفان"، والحديث مجددا عن "مفاوضات مفتوحة" دون سقف زمنى ولا رعاية دولية، وثالثا الضغط باتجاه "مؤتمر إقليمى يطلق المفاوضات مجددا" بدلا من مرجعية المبادرة العربية التى تبنتها القمة. الزيارة ولا شك ستكون تاريخية وقد تشكل منعطفا كبيرا فى القضية الفلسطينية.