قال مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتطرفة بدار الافتاء: إن حالة الفرح والاحتفالات التي عمت شوارع مدينة "منبج" السورية، إثر تحريرها من قبضة "داعش"، تؤكد أن انصياع أهالي المدن والقرى لأوامر التنظيم الدينية ومنهجه المتطرف، إنما هو بفعل الخوف من البطش. وتابع: "بمجرد فقدان التنظيم سيطرته على تلك المدن، يهرع أهلها إلى إزالة كل ما فرضه داعش من ملامح وتقاليد غريبة باسم الدين". وأكد أن "منبج" شهدت العديد من الاحتفالات الشعبية بتخليصها من "داعش"، شملت حرق بعض السيدات، البرقع (النقاب) الذي فرضه التنظيم على المرأة في المدن الواقعة تحت سيطرته، حيث اعتبرها فرضًا دينيًّا واجبًا على كل امرأة بالغة. وأضاف المرصد أن التنظيم فرض نمطه المتطرف على المدن والمجتمعات الخاضعة له بالقوة، ما انعكس على سلوك الناس فور هروب عناصره من المدينة السورية، حيث هرع الكثير من الرجال إلى حلق اللحى باعتبارها من فرائض "داعش". وأوضح المرصد أن التطرف الفكري الذي يصاحبه تطرف سلوكي يُفرض على الناس بالقوة، تكون عواقبه شديدة الخطر على موقف المجتمع من كثير من القضايا التي يطالها التشويه على أيدي خوارج العصر ومتطرفيه، وقد يصل بعضها إلى حد الإلحاد والخروج من الدين. وأضاف أنه لا يمكن بحال من الأحوال إجبار الناس على تبني المناهج المتطرفة والمتشددة، وأن قبول الناس بها لا يعدو كونه خضوعًا للقوة والبطش المفروض من قبل تيار بعينه، وأنه بمجرد زوال تلك القوة أو ضعفها، ينفض الناس تلك الشوائب والمناهج الشاذة والغريبة. وأكد أن هذا النموذج الداعشي البغيض لا يولد إلا حالة من الإكراه التي ينتج عنها السخط الاجتماعي الذي يصل أحيانًا إلى حد النفاق الاجتماعي، يظهر أفراد المجتمع فيه أنهم راضون بما فرض عليهم، وهم في قرارة أنفسهم على غير ذلك بما يخالف مقتضى قوله تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيّ} [البقرة: 256]. وتابع: هذا الحدث وأمثاله يظهر بوضوح يومًا بعد يوم أن النموذج الأمثل للتعامل مع المجتمعات المعاصرة هو السعي الحثيث في البيان والبلاغ مع رعاية الضبط الاجتماعي وعدم الخروج على النظام العام، والتوسع في الاهتمام بعمليتي التربية والتعليم، في إطار من رعاية الإنسانية والمقاصد الشرعية.