في سنة 1965 صدر بيان من الأزهر الشريف بعنوان:(رأي الإسلام في مؤامرات الإجرام) كتبه الإمام الأكبر شيخ الأزهر حسن مأمون، قال فيه: "إن الأزهر عاش عمره الطويل لفقه الإسلام والتعريف به، ومدارسة القرآن، والاستمداد منه، وورود الحديث الشريف والصدور عنه، قد شرفه الله بثقة المسلمين جميعا فيه، فائتمنوه على عقائدهم، وحكموه في كل ما يعن لهم من أقضية الحياة، ومحدثات العصور، ولقد كرم المسلمون شرف مهمته وإخلاص نيته فضموه إلى مقدسات الإسلام، ولم يبلغ الأزهر هذه المنزلة من التاريخ إلا لأنه تمشى مع طبيعة الإسلام، حقا لا إكراه عليه، ووضوحا لا خفاء فيه، وصراحة لا تبيت لها، وتخطيطا لا ائتمار عليه، يجادل بالحسنى، ويدعو إلى الله على بصيرة بالحكمة والموعظة الحسنة، لكن أعداء الإسلام حين عز عليهم الوقوف أمامه حاولوا حرب الإسلام باسم الإسلام، فاصطنعوا الأغرار من دهماء المسلمين، ونفخوا في صغار الأحلام بغرور القول، ومعسول الأمل، وألفوا لهم مسرحيات يخرجها الكفر لتمثيل الإيمان، وأمدوهم بإمكانيات الفتك، وأدوات التدمير، ولكن الله قد لطف بمصر، وغار على الإسلام أن يرتكب الإجرام باسمه، فأمكن منهم، وهتك سترهم، وكشف سرهم، ليظل الإسلام أكرم من أن يتجر به، وأشف من أن يستتر فيه، وأجمل من أن يشوه بخسة غيلة، ولؤم تبييت، ووحشية تربص، ودناءة ائتمار، وقد شاء الله أن يدل مصر وقيادتها على أوكار الخيانة وكهوف الغدر، وإذا كان القائمون على أمر هذه المنظمات قد استطاعوا أن يشوهوا تعاليم الإسلام في أفهام الناشئة، واستطاعوا أن يحملوهم بالمغريات على تغيير حقائق الإسلام تغيرا ينقلها إلى الضد منه، وإلى النقيض من تعاليمه، فإن الأزهر لا يسعه إلا أن يصوب ضلالهم، ويردهم إلى الحق من مبادئ القرآن والسنة المشرفة، وحين يشترط المتآمرون على الإسلام أن يكون المسلم منضما لجماعة خاصة تستهدف البغي، وتدعو إلى التمرد فإنهم بذلك يدخلون على الإسلام ما ليس منه، إن الاستعمار قد أن يعيش بينكم، فاصطنع منكم نفرا ليهدموا مكاسبكم، ويضعوا العراقيل في سبيل نهضتكم، وإياكم- أيها المسلمون- أن تخدعوا بكلمة حق يراد بها باطل، فدينكم واضح لا إلغاز فيه، شريف لا همس فيه، فمن أسر به إليكم فقد خدعكم، ومن تخفى في إعلامكم فقد استحمقكم، وإن الأزهر الشريف يلقنكم عقائد الدين صافية من تعكير الضالين، مستقيمة عن التواء المبطلين تأخذ بيديكم إلى خير مجمع عليه، وتنجيكم من شر غير مختلف فيه". كما أصدر الأزهر أيضا تقريرا عن كتاب"معالم في الطريق" لسيد قطب جاء عام 1965 أعده الشيخ محمد عبد اللطيف السبكي-عضو جماعة كبار العلماء بالأزهر- بناءً على طلب الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشيخ حسن مأمون الذي أسند إليه مراجعة وكتابة تقرير عن مضمون الكتاب جاء فيه: "لأول نظرة في الكتاب يدرك القارئ أن موضوعه: الدعوة إلى الإسلام، ولكن أسلوبه أسلوب استفزازي، يفاجأ القارئ بما يهيّج مشاعره الدينية، وخاصة إذا كان من الشباب أو البسطاء، الذين يندفعون في غير رؤية إلى دعوة الداعي باسم الدين، ويتقبّلون ما يوحى إليهم من أحداث، ويحسبون أنها دعوة الحق الخالصة لوجه الله، وأن الأخذ بها سبيل إلى الجنة، وأحب أن أذكر بعض النصوص من عبارات المؤلف، لتكون أمامنا في تصور موقفه، إن المؤلِّف ينكر وجود أمة إسلامية منذ قرون كثيرة . ومعنى هذا: أن عهود الإسلام الزاهرة، وأئمة الإسلام، وأعلام العلم في الدين، والتفسير، والحديث، والتفقه، وعموم الاجتهاد في آفاق العالم الإسلامي، معنى هذا: أنهم جميعًا كانوا في جاهلية، وليسوا من الإسلام في شيء، حتى يجيء إلى الدنيا سيد قطب"!! إن كلمة "ولا حاكمية إلا لله" كلمة قالها الخوارج قديمًا، وهي وسيلتهم إلى ما كان منهم في عهد الإمام علي، من تشقيق الجماعة الإسلامية، وتفريق الصفوف، وهي الكلمة التي قال عنها الإمام علي : "إنها كلمة حق أريد بها باطل" ، فالمؤلف يدعو مرّة إلى بعث جديد في الرقعة الإسلامية، ثم يتوسع فيجعلها دعوة في الدنيا كلها، وهو دعوة على يد الطليعة التي ينشدها، والتي وضع كتابه هذا ليرشد بمعالمه هذه الطليعة، وليس أغرب من هذه النزعة الخيالية، وهي نزعة تخريبية، يسميها: طريق الإسلام، والإسلام كما هو اسمه ومسمّاه يأبى الفتنة ولو في أبسط صورة، فكيف إذا كانت غاشمة، جبارة، كالتي يتخيّلها المؤلف"؟!!. "وما معنى الحاكمية لله وحده ؟؟ هل يسير الدين على قدمين بين الناس ليمتنع الناس جميعًا عن ولاية الحاكمية، أو يكون الممثل لله في الحكم هو شخصية هذا المؤلف الداعي، والذي ينكر وجود الحكام، ويضع المعالم في الطريق للخروج على كل حاكم في الدنيا، تلك نزعة المؤلف المتهوس، يناقض بها الإسلام، ويزعم أنه أغير الخلق على تعاليم الإسلام، أليست هذه الفتنة الجامحة من إنسان يفرض نفسه على الدين، وعلى المجتمع"