أكدت صحيفة واشنطن بوست،على لسان الكاتبة كاثرين رامبل، أن فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية يُعد أخطر التهديدات التي تواجه الاقتصاد الأمريكي في الوقت الراهن، لافتة إلى تقرير أصدرته مؤسسة "موديز" للتحليلات، يوم الإثنين، يخلص إلى أن عواقب السياسة الاقتصادية لترامب ستكون حتماً "كارثية". وتقول رامبل: "في هذه الأيام، يبدو أن الولاياتالمتحدة عرضة للكثير من الصدمات الاقتصادية المخيفة التي يأتي معظمها من الخارج، مثل خروج بريطانيا المحتمل من الاتحاد الأوروبي أو (الهبوط الاضطراري) بعد سنوات من النمو الاقتصادي السريع في الصين، ولكن أكبر تهديد للاقتصاد الأمريكي الآن يتمثل في فوز دونالد ترامب في سباق الانتخابات الرئاسية". وتلفت رامبل إلى تقرير حديث أصدرته مؤسسة "موديز" للتحليلات يشير إلى عواقب "كارثية" لمقترحات ترامب في شأن السياسة الاقتصادية؛ إذ من المتوقع أن تؤدي إلى ركود بالولاياتالمتحدة لمدة عامين، الأمر الذي سيكون بمثابة أطول انكماش منذ "الكساد الكبير" (أسوأ أزمة اقتصادية خلال عشرينات القرن الماضي)، فضلاً عن خسارة الولاياتالمتحدة الملايين من فرص العمل. وتضيف "إن أكبر ضحايا هذه العواقب هم عائلات الطبقة العاملة التي يدعي ترامب مناصرتها". وتضمنت الاقتراحات التي تناولها تقرير موديز الدعوات الضخمة، غير المسبوقة، التي أطلقها ترامب لخفض الضرائب في مقابل تخفيض ضئيل في الإنفاق، وهو ما سيقود إلى زيادة العجز الاتحادي بمقدار حوالي 10 تريليون دولار في غضون عشر سنوات، وذلك وفقاً لمركز السياسة الضريبية. وبحسب رامبل، فإن مثل هذه الخطط أو الاقترحات تجعل الليبراليين التقليديين من أمثال هيلاري كلينتون، يبدون كأنهم محافظون من الناحية المالية، إذ أن التأثير المالي الصافي لبرنامج كلينتون الانتخابي سوف يقترب من الصفر، والأهم من ذلك أن هذه الخطط ستقود إلى زعزعة اقتصاد الولاياتالمتحدة بشكل كبير. ويعود السبب في ذلك، كما يشرح تقرير موديز، إلى أن الاقتراض الحكومي على ذلك النحو سوف يتسبب في زيادة أسعار الفائدة، وهذا بدوره سيحشد في المقابل أنشطة القطاع الخاص في قطاعات الإسكان والإنفاق الاستهلاكي والاستثمار في الأعمال التجاربة، ومن ثم فإن العواقب السلبية لارتفاع كل من معدلات العجز وأسعار الفائدة تفوق بكثير أي منافع ضئيلة ربما تتحقق من انخفاض الضرائب. وتضيف رامبل: "إن ما سبق ليس إلا إحدى عواقب المقترحات الاقتصادية لسياسة ترامب التي ستضر بالاقتصاد، وقد كتبت من قبل عن توقعات خبراء الاقتصاد بمؤسسة موديز بشأن الحرب التجارية التي من المرجح أن يحرض عليها ترامب من خلال فرض التعريفات الجمركية على الواردات الصينية والمكسيكية، الأمر الذي من شأنه أن يخاطر بضياع ملايين فرص العمل بالقطاعات التي تعتمد على التصدير داخل الولاياتالمتحدة". وعلاوة على ذلك، يتنبأ تقرير موديز أن سياسات ترامب حول الهجرة سوف تضرب أيضاً الاقتصاد الأمريكي، فعلى سبيل المثال، يتوقع أن حملته للترحيل الجماعي سوف ينتج عنها خفض عدد الوظائف المتاحة للمواطنين المولودين في الولاياتالمتحدة من جنسيات أخرى (وجدت تحليلات موديز أن ولاية أريزونا شهدت بالفعل نتائج مماثلة بعد حملتها ضد المهاجرين غير الشرعيين). وتقدر موديز، أنه بحلول عام 2021 (إذا وافق الكونغرس على تلبية كل شيء في قائمة رغبات ترامب) سوف يتراجع الاقتصاد الأمريكي بحوالي 6,5%، وهو أقل مما يمكن أن يكون عليه في ظل السياسات الحالية، فضلاً عن ضياع حوالي 9,4 ملايين فرصة عمل. وعلى مدار العقد المقبل، سوف يتجاوز الضرر الاقتصادي لسياسات ترامب، بشكل كبير، الصدمات المالية الأخرى المخيفة مثل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أو حتى حرب العملات العالمية الناجمة عن انهيار الاقتصاد الصيني. ولكن على الرغم من ذلك، ترى كاتبة المقال أن تلك التوقعات ربما تستهين بالتداعيات المؤلمة لفوز ترامب في الانتخابات الرئاسية؛ إذ لم تحاول موديز تقديم نموذج لتداعيات اثنين من أخطر اقتراحات ترامب الاقتصادية (الأكثر غباءاً على حد وصفها)، ربما لعدم توافر المزيد من التفاصيل في شأنهما، وهما: ميل ترامب إلى المزاح بشأن الاخفاق في تسديد الديون الأمريكية، ورغبته في إعادة معيار الذهب. وفي ظل الصورة المرعبة التي ترسمها هذه التوقعات، تحض كاتبة المقال الناخبين في الولاياتالمتحدة (الذين لا يختلفون كثيراً عن المؤيدين لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي) على عدم المساهمة الطوعية في جلب إعصار اقتصادي من الفئة الخامسة لأنفسهم وزعزعة استقرار الأمور، التي ستحدث حتماً إذا أصبح ترامب رئيساً للولايات المتحدة. وبينما يُعد تقرير موديز، بحسب كاتبة المقال، أول محاولة لقياس التداعيات الشاملة لاقتراحات ترامب الاقتصادية، فإن الناخبين ليسوا حديثي العهد بإدراك هذه المخاطر؛ خاصة أن خبراء الاقتصاد والسياسيين والمؤرخين على حد سواء قد حذروا مراراً وتكراراً من مخاطر الحرب التجارية والعزلة الدولية والترحيل الجماعي وانفجار الدين الاتحادي. وتختم الكاتبة: "لن تكون الولاياتالمتحدة الدولة الوحيدة المعرضة للخطر؛ إذ أن فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية يمثل واحداً من أكبر 10 مخاطر تواجه العالم بأسره، وفقاً لوحدة الاستخبارات الاقتصادية؛ ويتقدم في تصنيفه على اندلاع اشتباك مسلح في بحر الصين الجنوبي، أو انقسام الاتحاد الأوروبي وحتى التهديد المتزايد للإرهارب الجهادي. والواقع أن الشخص الوحيد الذي يمكن ضمان نجاته من كل ما سبق وأنه سيكون أفضل حالاً من ذي قبل هو دونالد ترامب نفسه".