تطرقت مجلة نيوزويك الأمريكية، لمسألة تقدم مرشح الرئاسة الأمريكية، دونالد ترامب، في استطلاعات الرأي على سواه من المرشحين الجمهوريين، وبحيث نال أكثر من 40% من إجمالي المستطلعين. وتقول المجلة إن شعبيته المتنامية جعلته مرشحاً بارزاً، ورغم تصريحاته النارية والعنصرية، فإن ظاهرة ترامب تكررت قبل عقود في أمريكا. وتشير نيوزويك إلى أن ديماجوجية وراديكالية مرشحين رئاسيين ليست جديدة على الولاياتالمتحدة. فقد خاض، خلال السنوات الخمسين الأخيرة، عدة شخصيات سياسية مثيرة للجدل سباقات انتخابية، وشكلوا تحديات لشخصيات حزبية كبيرة وراسخة، وحققوا شعبية وتركوا أثراً على التوازن الانتخابي الأمريكي، بطريقة أو بأخرى. وتلفت المجلة إلى أنه في عام 1968، ترشح جورج والاس، داعية الفصل العنصري وحاكم ولاية ألاباما حينها، للرئاسة الأمريكية من أجل منع صدور قانون فيدرالي لإلغاء التمييز العنصري. وقد فاز والاس في عدة ولايات جنوبية. وفي يونيو 1992، تقدم المرشح المستقل روس بيرو لفترة قصيرة في استطلاعات الرأي على جورج بوش الأب وبيل كلينتون. وفي نهاية الأمر حصد 19% من الأصوات في الانتخابات العامة، رغم عدم حصوله ولا على صوت واحد من الكلية الانتخابية. كما تقول نيوزويك بأنه في عام 1996، شكل بات بوكانان تحدياً كبيراً لبوب دول في الانتخابات الجمهورية التمهيدية عبر فوزه في ولاية نيو هامبشاير، لكي يهزم من ثم في منافسات" سوبر الثلاثاء" في مرحلة متأخرة من ذلك العام. ولذا، تسأل المجلة" هل حملة ترامب المثيرة للمشاكل استثنائية بالفعل، وإن كانت كذلك، فلماذا؟". وإن كون ترامب يتنافس بقوة على ترشيح الجمهوريين له ضد مرشحين من أعضاء الحزب القدامى يجعله بالكاد حالة استثنائية. فإن جميع المرشحين الثلاث الآنفي الذكر، كانوا مستقلين، وإن بدأوا حياتهم السياسية من خلال الحزبين الرئيسيين. وإن أخفق ترامب في الفوز بترشح الحزب الجمهوري فقد يرشح نفسه من خارج إطار نظام الحزبين كما فعل أمثاله سابقاً. وكان قد وعد بعدم الإقدام على تلك الخطوة، لكنه تراجع مؤخراً عن تعهده. ولكن، فيما ترى نيوزويك بأن ترامب سياسي انتهازي بامتياز، فإن المرشحين الثلاث السابقين امتازوا باتساقهم السياسي والإيديولوجي. فقد كان والاس مدفوعاً بتصميمه على الحفاظ على نظام الفصل العنصري في الجنوب الأمريكي، وبيرو كان تكنوقراطياً من الجناح اليميني، ومؤيد لسياسة خارجية انعزالية. وانطوى مشروع بوكانان على إعادة الحزب الجمهوري لموقعة التاريخي القديم كمؤيد لحكومة مصغرى، والانعزالية والسياسات الاجتماعية المحافظة. وكان لثلاثتهم شكوك كبيرة حيال الحكومة الفيدرالية. ومن جهة أخرى، عمل ترامب طوال سنين لتعديل سياسته من أجل كسب شهرة أكبر، وتنطوي معظم مواقفه على توسيع السلطة الفيدرالية. وتشير المجلة إلى أن ترامب كان مؤيداً قوياً لإنقاذ صناعة السيارات في عام 2009، وما دعواته لترحيل أكثر من عشرة ملايين عامل مكسيكي غير موثقين، وحظر دخول المسلمين إلى الولاياتالمتحدة، ولقصف كاسح لمعاقل داعش في سوريا، إلا من أجل تعزيز مفرط ووحشي لقوة الشرطة والجيش. وكل ذلك، يأتي، برأي المجلة، كأدلة على أن ترامب رجل استعراضي. وباعترافه نفسه، يقر أن مشاركته في النسخة الأمريكية من برنامج "المبتدئ" قد منحه الشهرة الضرورية لبناء مسيرته السياسية. وترامب يستغل كل مناسبة لكي يخطف الأضواء. ونتيجة لذلك لم يصبح شخصية وطنية أمريكية وحسب، بل شخصية عالمية، وخاصة بالنظر لآرائه المثيرة للجدل.