من يرقص مع الثعابين عليه ان يتحمل لدغاتها فبين عشية وضحاها، أصبح اسم "صلاح عبد السلام" الأكثر تداولًا فى وسائل الإعلام وأصبح وجهه الذى ظهر فى صورة نشرتها السلطات الفرنسية عقب هجمات باريس الدامية، معروفًا فى كل أنحاء العالم. ولايزال الفرنسى عبدالسلام، المطلوب رقم واحد فى أوروبا، لدوره الرئيسى فى الهجمات، إلا أن حالته شكلت لغزا للمحققين، حيث فقد أى أثر له فى الرابع عشر من نوفمبر، أى غداة الهجمات التى فجر فيها أخوه الأكبر إبراهيم نفسه فى أحد المقاهى. وتبين التحقيقات قيام صلاح باستئجار سيارتى "بولو" و"سيات" كانتا قد استخدمتا فى الاعتداءات، كما استخدم بطاقته المصرفية لتسديد فواتير غرفتين فى نزل للشقق الفندقية فى الفروفيل بالقرب من باريس، حيث أقام المهاجمون قبل الاعتداءات. وذكرت تقارير إخبارية أن عبدالسلام نجح فى عبور الحدود الفرنسية، ليدخل إلى بلجيكا مع شخصين آخرين برفقته فى السيارة، على الرغم من تحقق رجال الشرطة فى كامبرى من هويته التى أوضحت أن تحركاته بعد الهجوم لم تشر إلى كونه هاربا قبل تنفيذ المخطط المحدد له. ولكن من هو "صلاح عبدالسلام" (26 عاما) المتهم الرئيس فى تفجيرات باريس التى أودت بحياة 130 شخصًا، يوم الجمعة 13 نوفمبر2015؟ صلاح نشأ وترعرع فى مولينبيك فى بلجيكا، وهو حى فى بروكسل، أغلبية سكانه من المهاجرين المسلمين، وكان صلاح يملك حانة فى مولينبيك؛ ولكنها أغلقت منذ أسابيع قليلة بعد أن علمت الشرطة بأنها كانت ملاذًا لتجار المخدرات، واعتاد الذهاب إلى حانات الشواذ فى بروكسل، وكان يدخن الحشيش ويقضى معظم وقته فى لعب البلاى ستيشن. وفى نفس السياق، نقلت "سى إن إن" عن شقيق صلاح، محمد، قوله إن هذا الحى الذى كان يسكن فيه صلاح يُشكل موطنًا لكثير من الشباب الذين ذهبوا إلى سوريا للتدريب مع داعش. وأضاف محمد أنه وشقيقيه كانوا من محبى الحفلات، وكان لديهم أصدقاء يخرجون معهم كل يوم، "وأحيانًا كنا نغيب ليومين أو ثلاثة، دون أن نعود إلى المنزل للنوم". وقال محمد أيضًا إن الأمور تغيرت مؤخرًا، عندما امتنع شقيقاه عن شرب الكحول، وقال إنه يعتقد إنهما تأثرا بالتطرف من خلال شبكة الإنترنت، مناشدًا شقيقه صلاح تسليم نفسه قائلا، هذا هو الحل الأفضل. بالتأكيد هناك غموض حول البحث عن هذه الشخصية تحديدا، كشفه مصدر فرنسى مطلع على التحقيقات فيقول "تحركاته لا يوجد فيها منطق وغير مفهومة، الطريقة التى ترك فيها سيارته والساعات التى مرت قبل أن يجرى اتصالا مع شركائه فى بلجيكا واستخدامه الطريق الرئيسى فى الذهاب إلى بروكسل بدل طرق أخرى، كل هذه الأمور قد تشير إلى أنه فقط السيطرة". ويبدأ الغموض بعض سماح قوة أمن الحدود بين فرنساوبلجيكا بمرور عبدالسلام الذى لم تكن السلطات الفرنسية قد أعلنت عن اسمه، إلى بروكسل برفقة شخصين ألقى القبض عليها لاحقا وهما محمد أمرى، المولود بالمغرب، وعمره 27 عاما، وحمزة أتوه، البالغ من العمر 21 عاما، حيث لا يعرف إلى أين ذهب بعدها. ويبلغ الغموض ذروته عند المحققين فى البحث عن إجابات حول إذا كان يفترض بعبدالسلام تنفيذ هجوم آخر فى فرنسا؟ أم كان يفترض به الانضمام إلى العناصر التى هاجمت مسرح باتاكلان؟ أم أن الخطة تقضى برجوعه إلى بلجيكا وتنفيذ هجوم فى العاصمة بروكسل؟ ويستدل المحققون على أن هناك عملية أخرى بالتسجيل الذى زعم فيه تنظيم "داعش،" تبنيه للعمليات قائلا إن من نفذه "ثمانية إخوة" والمهاجمون فى باريس كانوا سبعة ما يعنى أنه وعلى الأرجح فإن عبدالسلام إما أنه ارتبك ولم ينفذ جانبه من الخطة، أو أنه بصدد تنفيذها. وحسب نتائج التحقيق فقد تم توقيف الشابين محمد عمرى (27 عاما) وحمزة عطو (20 عاما) اللذين رافقا صلاح فى عبور الحدود الفرنسية إلى بلجيكا ليعترفا بإيصال صلاح إلى بروكسل، وأن أعطى كل منهما بيانات مختلفة عن المكان الذى تم إيصال صلاح عبدالسلام إليه. محامية دفاع أحد الموقوفين أكدت فرضية استعداد صلاح لتفجير نفسه بحسب تصريحات موكلها الذى لم يتحدث عن أسلحة، بل عن سترة ضخمة كان يرتديها صلاح عبدالسلام شبيهة بحزام ناسف أو شىء من هذا القبيل، على حد قولها. وفى إطار التحقيقات، توصلت السلطات الفرنسية إلى أن مدبر العملية عبد الحميد أباعود كان متواجداً على الأراضى الفرنسية قبل أربعة أيام من تنفيذ الهجمات، وأنه شارك شخصيا فى إطلاق النار فى أحد مطاعم باريس. أباعود الذى قتل فى مداهمة للشرطة فى حى سان دوني، قتل معه شخص ثالث تبين أنه هو الانتحارى وليست حسناء بولحسن التى قتلت أيضاً فى عملية المداهمة. إلى ذلك، انتقلت التحقيقات فى اعتداءات باريس إلى خارج الحدود الفرنسية منذ لحظة وقوعها، فتركيا أعلنت أخيرا عن اعتقال ثلاثة أشخاص فى مدينة أنطاليا يشتبه بانتمائهم لتنظيم داعش ولهم صلة بالاعتداءات، بينهم أحمد دهمانى، بلجيكى من أصل مغربى، واثنان سوريان.