أعلنت الحكومة الاميركية انها كشفت عن عمليات قرصنة معلوماتية طالت المعطيات الشخصية لأربعة ملايين موظف فيدرالي على الأقل في هجوم الكتروني ضخم يشتبه بأن مصدره الصين.ورصد مكتب ادارة شؤون الموظفين هذا "التوغل الالكتروني" في ابريل 2015، وهو هيئة تتولى ادارة شؤون موظفي الحكومة وتصدر كل سنة مئات آلاف التصاريح الأمنية الحساسة والتحقيقات حول اشخاص مطروحين لوظائف في الادارة.وبحسب ما علمت صحيفة واشنطن بوست من مسؤولين اميركيين طلبوا عدم كشف أسمائهم فإن قراصنة معلوماتيين صينيين خططوا لهذه القرصنة في ديسمبر وهي ثاني عملية قرصنة كبرى لهذه الوكالة تنفذها الصين.غير ان بكين انتقدت توجيه اصابع الاتهام اليها في هذه القضية وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية هونغ لي الجمعة ان "عدم اجراء تحقيق معمق واستخدام كلمات مثل 'محتمل' (لوصف مسؤولية الصين) امر غير مسؤول ولا يستند الى اساس علمي". واكد ان الصين "معارضة لاي شكل من اشكال الجريمة الالكترونية".كما رفضت سفارة الصين في الولاياتالمتحدة هذه الاتهامات واعلن المتحدث باسمها تشو هايكان ان "استخلاص استنتاجات متسرعة واطلاق اتهامات تقوم على افتراضات امر غير مسؤول وغير مفيد" مؤكدا ان "التشريعات الصينية تحظر الجريمة الالكترونية بكل اشكالها والصين بذلت جهود كبرى لمحاربة الجريمة الالكترونية".واعلن مكتب ادارة شؤون الموظفين في بيان ان القرصنة شملت المعطيات الشخصية لحوالي اربعة ملايين موظف في الادارة حاليين وسابقين مشيرة الى انه سيتم ابلاغهم اعتبارا من 8 يونيو.غير انه لم يستبعد ان يظهر ضحاياآخرون في سياق التحقيق عارضا التعويض عليهم بمستوى مليون دولار في حال كانوا ضحية "احتيال وسرقة هوية".واستخدمت هذه الوكالة في الأشهر الأخيرة أدوات معلوماتية جديدة أتاحت لها رصد هذا الهجوم بعد اربعة اشهر على اطلاقه وقد نفذ في وقت كانت الوكالة تدرس اجراءات امنية جديدة تم تطبيقها فيما بعد.ولميتضح هدف القراصنة في الوقت الحاضر ما بين سرقة هويات وتجسس كما لم يتضح ما اذا كانت القرصنة طاولت الرئيس باراك اوباما او مسؤولين كبار في الادارة الاميركية او في وكالات الاستخبارات.ويتولى مكتب التحقيقات الفدرالي (اف بي اي) وادارة الامن القومي التحقيق واعلن الاف بي اي في بيان انه "سيواصل التحقيق ومحاسبة الذين يشكلون خطرا في الفضاء الالكتروني".كما اكدت مديرة مكتب ادارة شؤون الموظفين كاثرين ارشوليتا ان "حماية بيانات موظفينا الفدراليين من حوادث الكترونية تخريبية هي اولى أولوياتنا" مشيرة الى الالتزام ب"مسؤوليتنا في ضمان امن المعلومات المخزنة في أنظمتنا".ودعا المكتب جميع الذين شملتهم عملية القرصنة الى توخي "الحذر" في ادارة حساباتهم المصرفية والتعامل مع بياناتهم الشخصية. وتزايدت عمليات القرصنة في الأشهر الأخيرة في الولاياتالمتحدة واستهدفت بمعظمها الأنظمة المعلوماتية لمجموعات كبرى على الانترنت مثل شركة تارغت للتوزيع وشركة انتيم للتأمين الصحي ومجموعة سوني بيكتشرز انترتينمنت لانتاج الافلام. وفي العام الماضي تسلل قراصنة صينيون الى الشبكة المعلوماتية لمكتب ادارة شؤون الموظفين وشركتين تتعاملان معه مستهدفين بصورة خاصة ملفات طلبات تصاريح أمنية سرية لعشرات آلاف الموظفين. ورصد الهجوم في مارس 2014 وتم تجميده على الفور ونسبه مسؤول اميركي كبير الى الصين. كما استهدف قراصنة العام الماضي عناوين بريد الكتروني في البيت الأبيض ووزارة الخارجية بما في ذلك بريد باراك أوباما نفسه، وفق ما اقر به مسؤولون اميركيون مؤخرا، في هجوم نسب الى روسيا، بحسب صحيفة نيويورك تايمز. وكان مكتب محاسبة الحكومة الذي يراقب ويحقق في عمل الادارة اشار في ابريل الى "نقاط الضعف في نهج الحكومة الاميركية من اجل حماية الأنظمة المعلوماتية الفدرالية". وقال مدير الاستخبارات الوطنية جيمس كلابر في فبراير ان التجسس الصيني على شركات اميركية "لا يزال يطرح مشكلة كبيرة" مذكرا بأن بكين وموسكو تملكان انظمة "متطورة جدا" لشن هذه الهجمات. واشار بشكل صريح الى الصين في هجوم معلوماتي آخر جرى في اغسطس 2014 واستهدف مستشفيات تديرها شركة كوميونيتي هيلث سيستمز التي تمثل 200 مؤسسة صحية، وقد تمت سرقة البيانات الشخصية للمرضى. وحذر كلابر بصورة عامة بأن الولاياتالمتحدة لا تواجه خطر التعرض لهجوم ضخم بل الخطر يأتي من تضاعف الهجمات "الضعيفة الى المتوسطة المدى". وتزامن الاعلان عن الهجوم مع كشف صحيفة نيويورك تايمز استنادا الى وثائق للمستشار السابق في وكالة الامن القومي ادوارد سنودن ان ادارة اوباما اعطت الوكالة صلاحيات موسعة لمراقبة الاتصالات على الانترنت من اجل رصد اي قراصنة معلوماتيين يعملون لحساب حكومات اجنبية. ودافع مكتب مدير الاستخبارات الوطنية عن موقفه مذكرا بان التهديد الالكتروني للولايات المتحدة يزداد "بوتيرته ومداه وتطوره وخطورته".