إن من أخلاق الأنبياء أنهم أكثر الناس خشية لربهم ؛ فهم أعلم الناس بالله ، قال تعالى : (( إنما يخشى الله من عباده العلماء )) [فاطر : 28]، والأنبياء أخشى الناس لله ، لهذا فمن تأمل في الآيات الكريمة ، وفي الأخبار النبوية عن الأنبياء رأى عشرات ، بل مئات الأمثلة : فآدم ، قال الله عنه : (( وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين )) [الأعراف : 22]، فبادر (( قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين )) [الأعراف :23]، ونوح لما سأل ربه نجاة ابنه وتبين أنه لم يوفق إلى الصواب ، وبين له ربه خطأ ذلك منه ، بادر ، ولم يتوان ، واستغفر ربه : (( ونادى نوحٌ ربه فقال رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين [45 ] قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عملٌ غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين )) [هود :45-46] فبادر خشيةً وخوفًا وطمعًا في مرضاة الله ، وخشية عقابه وسخطه (( قال رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين )) [هود: 48] . ويونس ذو النون غضب على قومه وسخط عليهم ولم يصبر ، لكن لما نبهه ربه ، رجع فبادر ولم يتوان (( وذا النون إذ ذهب مغاضبًا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين )) [الأنبياء :87] وفي سورة الصافات (( فلولا أنه كان من المسبحين [143] للبث في بطنه إلى يوم يبعثون [144] فنبذناه بالعراء وهو سقيم [145] وأنبتنا عليه شجرة من يقطين )) [الصافات :143-145] فدعا ربه ووحده وسأله أن ينجيه ، فاستجاب الله ذلك له . وموسى وكز رجلاً فمات ، وتبين له خطأ ذلك الأمر (( قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين )) [القصص : 15]، ثم سارع ؛ فاعترف أنه ظلم نفسه ، وسأل الله المغفرة : (( قال رب إني ظمت نفسي فاغفر لي فغفر له ، إنه هو الغفور الرحيم )) [القصص : 16] ونبي الله داود كان كسائر إخوانه الأنبياء سريعًا في الأوبة ، والعودة لما فتنه الله في الحكم بين الخصمين : (( وظن داوود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعًا وأناب )) [ص : 24] . ولعظيم شأن الأنبياء ، وعظيم شأن أخلاقهم وهديهم ودعوتهم ؛ فإن الله أمر أفضلهم ، وهو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، أن يقتدي بهداهم ؛ فقال له : (( أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده )) [الأنعام : 9] . ومن هنا – أيها المربي الفاضل – حرىٌّ بك أن تعنى بتهذيب أخلاقك ، وأن تستشعر منزلة الخلق الحسن ، وأن تعلم أن الأخلاق الحسنة دعوة ٌ صامتة ، فكم دخل في الإسلام من قوٍم بسبب الأخلاق الحسنة ، وقد وصف الله تعالى رسوله الكريم – صلى الله عليه وسلم - فقال (( وإنك لعلى خلق عظيم )) [القلم :4].