لقد بذل العلماء قديما وحديثا كل وسعهم لإيجاد تعريف للفظة القرآن فتناولوها من الجانبين اللغوي والاصطلاحي كما هو معهود عند كل تعريف ، وأوردوا في ذلك أقوالا وآراء يكاد يكون كل واحد منها تكرارا للآخر ، غير أن كل واحد من أولئك العلماء الأجلاء رجح رأيا استحسنه ومال إليه ، ومن هنا رأيت في بحثي هذا المتواضع أن أضرب عن التعريف اللغوي صفحا ، إذ لا حاجة ولا فائدة من ذكره هنا ، أما التعريف الاصطلاحي فسأذكره لأنني فيما بعد سأتعرض للجانب الآخر من الوحي ألا وهو الحديث بقسميه : القدسي والنبوي وذلك عند ذكر الفرق بينهما وبين القرآن الكريم . وسبب تناولي لهذه التعريفات أن الرسول صلى الله عليه وسلم - كما سيأتي- نهى عن كتابة شيء عنه غير القرآن وذلك زيادة اهتمام منه صلى الله عليه وسلم بالقرآن حتى لا يختلط به غيره من الحديث بنوعيه ، ويعلم من ذلك أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يفرقون بين ما هو قرآن يجب عليهم كتابته وتدوينه ، وما هو غير قرآن نهوا عن كتابته . التعريف الاصطلاحي للقرآن الكريم وردت عن العلماء تعريفات كثيرة للقرآن الكريم وهذه التعريفات تتفاوت من ناحية الشمول ، فبعضها أشمل من بعض ، وتتفاوت كذلك من ناحية الألفاظ ، وإني - وإن قل الاعتداد بكثرة ألفاظ التعريف أو قلتها - أقر بأن التعريف ينبغي أن يكون دالا على جميع أجزاء المعرف بأقل لفظ ممكن ، مهما كثرت ألفاظه . وعند الرجوع إلى كتب علوم القرآن لمعرفة التعريف الاصطلاحي وجدت كما أشرت سابقا عدة تعريفات فالشيخ مناع القطان رحمه الله قال نقلا عن العلماء - كما يقول- : (كلام الله المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم المتعبد بتلاوته) . وقال الشيخ صبحي الصالح رحمه الله : (هو الكلام المعجز المنزل على النبي صلى الله عليه وسلم المكتوب في المصاحف المنقول عنه بالتواتر المتعبد بتلاوته) . ثم قال بعد ذلك : وتعريف القرآن على هذا الوجه متفق عليه بين الأصوليين والفقهاء وعلماء العربية" . وأما الشيخ محمد سالم محيسن فعرفه نقلا عن إرشاد الفحول قائلا : (هو كلام الله تعالى المنزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم المكتوب في المصاحف المنقول إلينا نقلا متواترا المتعبد بتلاوته المتحدى بأقصر سورة منه) . أما الشيخ الصابوني فقد عرفه بأنه : (كلام الله المعجز المنزل على خاتم الأنبياء والمرسلين بواسطة الأمين جبريل عليه السلام المكتوب في المصاحف المنقول إلينا بالتواتر المتعبد بتلاوته المبدوء بسورة الفاتحة المختتم بسورة الناس) . وقد خرجت من مجموع هذه التعريفات بتعريف أرى أنه أجمع من غيره وهو : "القرآن كلام الله الذي أوحاه إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يقظة بلفظه ومعناه ، المعجز والمتعبد بهما والمنقول إلينا تواترا والمحفوظ بين دفتي المصحف" . وهذه العبارات التي يحتوي عليها التعريف منتقاة من مجموع التعريفات منقول من موقع الإسلام الدعوى والارشادى .