ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت أن اسرائيل وقعت في الفخ على جبهتها الجنوبية إذ في الوقت الذي تتصدى فيه للحركات الجديدة التي أطلق عليها إرهابية في صحراء سيناء، لا تملك رداً مناسباً باستثناء الرد الدفاعي، لكونها لا تستطيع العمل داخل سيناء خشية المس بعلاقاتها مع مصر، الأمر الذي يضع قيودا على أي محاولة لفرض معادلة ردع من قبلها تجاه هذه الحركات التي تعمل في سيناء. ان ذلك هو ما يدفعها إلى توجيه ضرباتها نحو قطاع غزة. وزاد المحلل، المرتبط جدا بالمؤسسة الأمنية الإسرائيلية، أن الفلسطينيين استخلصوا العبرة بأن محاولة أسر جنود إسرائيليين أو تنفيذ عملية في محيط قطاع غزة، أمر شديد التعقيد، وبالتالي فمن الأسهل عليهم العمل عبر محور (غزةسيناء إسرائيل). وفي محاولة لتبرير استهداف الجيش الإسرائيلي لمقاومين في القطاع، كما حصل في الأيام الأخيرة عندما يدور الحديث عن عملية تنطلق من سيناء، ويشارك فيها مقاومون من قطاع غزة، يمكن إسرائيل عندها أن تنفذ عمليات عسكرية في القطاع، على حد قوله. بأن إسرائيل في هذه المسألة كمن يمشي على البيض، إذ كشفت عن عدم صدق الرواية الإسرائيلية الرسمية التي حاولت في شهر أغسطس الماضي، تبرير اغتيال قادة اللجان الشعبية، بتهمة علاقتهم بعملية إيلات في حينه، بالقول إن الاستخبارات لم تتمكن حتى اليوم، من إيجاد صلة واضحة بينها، لا بل أكثر من ذلك، أقرت محافل إسرائيلية رسمية في تل أبيب أن جميع منفذي عملية إيلات كانوا من مصر، ولكنها استدركت قائلةً إنهم تلقوا التعليمات والتوجيهات من قطاع غزة. وتابع المحلل الإسرائيلي قائلاً إن اسرائيل لا يمكنها أن تسمح لنفسها بأن تجلس مشلولة طوال أسابيع على الحدود، مع قوات عسكرية في حالة تأهب، وطريق مغلقة ومناطق مغلقة في وجه المواطنين، وخاصة أن المصريين، بحسب الصحيفة أيضا، لا يتجاوبون معها. وكنموذج على ذلك، أورد المحلل فيشمان أن محافظ شمال سيناء، الجنرال عبد الوهاب مبروك، نفى أن يكون هناك عناصر إرهابية مجهولة مختبئة في المكان، ويتجاهل المال الإيراني الذي يتدفق إلى شمال سيناء، ولا يتحدث عن مبعوثي حزب الله الذين يتجولون في تلك المنطقة لبناء الشبكات. إلى ذلك، يأتي تقرير المحلل فيشمان في الوقت الذي اغتال فيه الجيش الإسرائيلي ناشطين من كتائب شهداء الأقصى، في قطاع غزة، زاعماً بأنهما كانا يعدان لتنفيذ عمليات عسكرية عبر الحدود المصرية في محاولة للقول إنه نفذ عملية استباقية لا كما حصل خلال عملية إيلات قبل أشهر خلت. في نفس السياق، قال المحلل للشؤون العسكرية في صحيفة 'هآرتس'، عاموس هارئيل، إنه من الزاوية الإسرائيلية فإن قضية المناورات العسكرية لجيش الاحتلال على جبهات أخرى، غير الجنوبية، تعتبر بالنسبة لإسرائيل مسألة حرجة، لافتًا إلى أنه منذ التوقيع على اتفاق السلام مع مصر اجتازت إسرائيل انتفاضتين وحربين مبادر إليهما في لبنان ومصر . بالمقابل، وأضاف "ان كانت اسرائيل قد عزت العملية من سيناء في آب الماضي إلى مبادرة غزية، إلا أن إسرائيل اكتفت برد فعل مكبوح الجماح أكثر مما أرادت، بسبب الضغط المصري". وتساءل: كيف ستتصرف مصر في حالة حملة أخرى على نمط الرصاص المصبوب؟ وأشار إلى أن الجنرال في الاحتياط موشيه تشيكو تمير، قائد فرقة غزة سابقًا، قال هذا الأسبوع في مؤتمر في معهد بحوث الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب إن الدولة العبرية انطلقت إلى عملية الرصاص المصبوب في ظروف مريحة بشكل غير عادي، وأنه يتحتم على الجيش الإسرائيلي أن يفترض بأن هذه الفرصة لن تتكرر في المستقبل، على حد تعبيره. ونقلت 'هآرتس' عن الجنرال الإسرائيلي في الاحتياط، رونين كوهين، وهو مسؤول كبير سابق في شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) والذي كان ضمن أمور أخرى نائب رئيس دائرة البحوث في الشعبة قوله للصحيفة إن الهجمات من شبه جزيرة سيناء في الفترة الانتقالية لطنطاوي هي نتيجة قصور في الرقابة العسكرية المصرية، لافتًا إلى أنه إذا ما تعاظم بالفعل نفوذ الإخوان المسلمين، فسنرى في السنوات القريبة القادمة عمليات أكثر تواترا، في ظل غض الحكم في القاهرة النظر بشكل مقصود. وزاد الجنرال كوهين: المصريون لن يتوجهوا إلى مواجهة متعمدة معنا، وذلك أيضا لأنهم يحتاجون على نحو يائس للمساعدة الاقتصادية من واشنطن كي يبقوا على قيد الحياة، على حد قوله. أما قائد المنطقة الجنوبية سابقًا في جيش الاحتلال، الجنرال في الاحتياط يوآف غالانط، فقال للصحيفة العبرية إنه في حالة مواجهة أخرى في غزة، سيتعين على إسرائيل أن بعين الاعتبار وبالحسبان ضغطا مصريا فوريا لوقف حملة للجيش الإسرائيلي لدرجة التهديد بنقل فرقة مصرية إلى سيناء، وإن كان الأمر يعني خرقا فظا لاتفاق السلام، كما قال غالانط إن التآكل في اتفاق السلام يمكن أن يؤدي إلى دخول جيش مصري إلى سيناء، وذكر بأن حشد قوات مشابه كان سببا مركزيا لاندلاع عدوان (يونيو) من العام 1967، فماذا ستعمل إسرائيل في هذه الحالة، وكيف ستتصرف، تساءل الجنرال الإسرائيلي وطرح علامات استفهام كبيرة؟؟. وبحسب غالانط، الذي طالما حذر من الجبهة الجنوبية، وحاول إقناع صناع القرار من المستوى السياسي باحتلال قطاع غزة مرة أخرى، فإنه في السنوات الثلاثين الأخيرة كاد الجيش المصري يشطب من قائمة التهديدات التي أخذها الجيش الإسرائيلي بالحسبان في تخطيط بناء قوته، وذكر أنه في كل حرب عمل فيها الجيش المصري كانت هي الجبهة الأخطر على إسرائيل. وزاد غالانط: اليوم أيضا يدور الحديث عن جيش من مليون رجل، نحو نصفهم في الخدمة الإلزامية، نحو 4 آلاف دبابة، إلفي فوهة مدفعية، مائتي طائرة اف 16، أكثر من 170 سفينة، وبالأساس مساعدة عسكرية ملاصقة من الولاياتالمتحدة. ولفت إلى أنه في سنوات السلام أيضا أدار هذا الجيش مناورة كبرى كل سنة كانت موجهة ضد دولة مجهولة في الشرق، ليس ضد الجيران غير المستقرين في ليبيا وفي السودان، في تلميح واضح إلى أن المناورة كانت تحاكي حربًا مع الدولة العبرية.