ربما لم تشهد مدينة مصرية ما شهدته الإسكندرية قبيل وأثناء الانتخابات فى مرحلتها الأولي، فبخلاف أن المدينة تعتبر معقل جماعتى الإخوان المسلمين والسلفيين، فهى أيضا أكثر المدن المصرية رفضًا للتعديلات الدستورية الأخيرة فى مارس الماضي، بحسب نتائج اللجنة العليا للانتخابات، وقتها، وهو ما جعل من التيارات الليبرالية والمدنية الموجودة عنصرًا فاعلاً فى الحركة السياسية والانتخابية بالمدينة بعد غياب طويل، بالإضافة أيضا لوجود قوى أخرى فاعلة على الساحة السياسية بالمدينة من بينها الأقباط والصوفيون. الصراع المشتد بين الإخوان والسلفيين على أشده خلال الانتخابات اتخذ العديد من الصور والأشكال، والضرب تحت الحزام أيضًا، ربما كان أبرزها ترويج جماعة الإخوان لفكرة «الخلافة الإسلامية» فى الدعاية لمرشحيها من حزب الحرية والعدالة.. فقد قامت الجماعة بتوزيع دعاية بأسماء مرشحيها بعنوان «قبل ما تختار» جاء فيها أن الحزب «لديه فرصة كبيرة للاستفادة من تجارب الدول الأخري، من خلال الانتشار الخارجى الواسع للإخوان المسلمين، فى إشارة للتنظيم الدولى للجماعة، فى كل ما ينفع مصر ولديه فرصة كبيرة لبناء شراكة سياسية مع تجارب إسلامية ديمقراطية ناجحة.
كما عادت الجماعة لاستخدام شعارها التقليدى المعروف «الإسلام هو الحل»، بجانب ملصقات مرشحى حزب الحرية والعدالة، وتوزيع أكياس سكر، وعبوات زيت فى بعض مناطق الإسكندرية، وهو ماردت عليه الجماعة السلفية بتوزيع اللحوم على الناخبين وحشدهم فى منطقة الطالبية بدائرة المنتزه، أحد أهم معاقلهم ردا على جماعة الإخوان، وقيامها بنقل ناخبيها بالأتوبيسات وتوزيعهم على اللجان فيما يعرف بالقيد أو التصويت الجماعي، وما زاد الصراع بين الإسلاميين خوض حزب الوسط الانتخابات بقائمتين، بها غالبية المنشقين عن جماعة الإخوان المسلمين.
أما أصوات الأقباط فتظهر فى غرب الإسكندرية بالدائرة الثانية، والتى تعتبر أحد أكثر المناطق السكنية كثافة قبطية خاصة فى محرم بك وكرموز وغربال والدخيلة بالإضافة لتمركزهم بمناطق سيدى بشر والعصافرة، والذين يبدو أنهم يتوجهون إلى التصويت لصالح الكتلة المصرية، وهو التوجه الذى أعلنه الصوفيون البالغ عددهم نحو مليون و200 ألف صوفي، والذين يخشون أيضا وصول السلفيين للحكم بعد تكفيرهم صراحة ووصفهم بعبدة الأضرحة، فقد أعلنوا على لسان جابر قاسم، وكيل مشيحة الطرق الصوفية بالمحافظة، دعمهم لقائمتى الكتلة المصرية التى تضم أحزاب المصريين الأحرار والتجمع والمصرى الديمقراطى الاجتماعي، والتى تخوض الانتخابات بقائمتين، وقائمة «الثورة مستمرة» التى تضم أحزاب التحالف الشعبى الاشتراكى ومصر الحرية والاشتراكى المصرى والمساواة والتنمية والتحالف المصرى وائتلاف شباب الثورة، بوصفها أكثر القوائم الانتخابية اعتدالاً فى نظرتهم تجاه الصوفيين، ويخوض الانتخابات على قائمتها بغرب الإسكندرية كل من أبو العز الحريرى نائب كرموز السابق وعبد الرحمن الجوهري، منسق حزب الكرامة بالإسكندرية.
وهو ما أشعل التنافس فى غرب الإسكندرية بين قائمتى «الكتلة المصرية» و»الثورة مستمرة» من جانب وبين قائمتى حزب الحرية والعدالة وقائمة حزب النور السلفى من جانب آخر