تناولت صحيفة الجارديان موقف الاخوان المسلمين فى الانتخابات بعنوان " الاخوان المسلمين يحققون مكاسب كبيرة فى الانتخابات" وذكرت فيه : في غرفة صغيرة بجنوب القاهرة، جلس متطوع من جماعة الإخوان المسلمين في مصر يتحدث أمام زملائه حول كيفية جعل الانتخابات الوطنية التي تجرى يوم الاثنين تمر بسلاسة ويسر. وقال " بعض الناس يقولون لا يجب أن تجرى هذه الانتخابات لأن ليس هناك ثمة استعداد لها"، مضيفاً " لكنهم بحاجة لأن يفهموا بأن هذه الحملة كانت غايتنا منذ ثمانين عاماً، ولم يترك لنا خيار آخر لفعله دون ذلك".
هناك العشرات أو بعض الأعضاء طرحوا القضايا الإجرائية للنقاش، مثل فتح مواعيد فتح لجان الاقتراع، والرقابة على الانتخابات وحماية صناديق الاقتراع.
ولكن هنا وفي العديد من الغرف المشابهة في القاهرة، كانت كوادر وصفوف الإخوان المسلمين يضعون اللمسات النهائية على العملية الانتخابية التي لا شك بأنها ستعيد تنظيم المجتمع المصري.
ورغم تفاوت رغبة المصريين في الأيام التسعة الماضية بين مؤيد وداعم للنظام العسكري الحاكم ومتظاهر ضده، وهو ما أفقد حس الجماعية، إلا أن الإخوان المسلمين ظلوا هادئين على أهبة الاستعداد للحظة فارقة وحاسمة في تاريخ الجماعة الذي مر على تأسيسها في الضفة الغربية لقناة السويس ثلاثة وثمانين عاماً.
ولو قدر لهذه الانتخابات أن تمضي قدماً، كما يقول قادة الإخوان المسلمين، فإنها ستحقق مكاسب كبيرة للغاية يمكن أن تسهم في تعزيز مكانة الحركة الإسلامية المحافظة كقوة سياسية كبيرة في مصر ما بعد الثورة، وقوة صاعدة في المنطقة المضطربة.
وأعرب أحد رموز الجماعة البارزين وهو د.محمد البلتاجي عن ارتياحه لهذا الدور الذي تقوم به الجماعة، حتى وإن كان هذا الدور يقابل بحالة من عدم الارتياح من بعض قيادات المجلس العسكري القلقة أو الحركة الليبرالية الهائجة في ميدان التحرير.
وقال البلتاجي " التحريض على هذه الصراعات كان السبيل الأساسي للعمل لتعطيل هذه الخطوة على مدار الأشهر التسعة الماضية". وأضاف " ربما قاد ذلك إلى سيناريو يدفع الناس للتفكير بأن البديل لهذه الفوضى يتبلور في المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وبالتالي القبول بهم ليكونوا حكاماً للبلاد".
وفي ضوء هذا الادعاء، لا يزالون في انسجام تام مع الرأي السائد في ميدان التحرير الذي تم احتلاله مرة أخرى من جانب المتظاهرين الذين توافدوا بصورة مكثفة عليه بعد اعتقادهم بأن الثورة المصرية المجيدة التي انطلقت في يناير سرقت من جانب الحكام العسكريين الذين كان يفترض أن يكونوا رعاة لهذه الدولة يقودونها إلى مرحلة الديمقراطية المدنية. وعندما انهار نظام مبارك، احتفل أعضاء جماعة الإخوان جنبا إلى جنب مع الشباب العلماني في البلاد بهذا الانتصار في تظاهرات شعبية جارفة دللت على وجود توافق سياسي في المسار الصحيح.
ولكن الأسبوع الماضي لم يشهد هذا الدعم من جانب الإخوان حيث لم يرسلوا تعزيزاتهم مرة أخرى إلى ميدان التحرير، وهو المكان الذي اكتسب فيه البلتاجي مجده كمناضل وزعيم وطني عقب ظهوره أوائل فبراير الماضي. لمس تغيب الجماعة بوضوح، بل تم الاستياء منه من جانب المتظاهرين الذين انتابتهم مشاعر بمرور تلك الأيام بأنهم طوقوا من جانب الحرس القديم للنظام من جهة، وعلى الجانب الآخر من جانب الإخوان الذين تجرءوا الآن أكثر من أي وقت مضى.
وأسهب البلتاجي قائلاً " لقد ابتعدنا عن هذا المشهد لأننا نملك المبرر له"، " لقد دعمنا الثورة السلمية حينما بدأت مرة أخرى، لاسيما وأن لهم أيديولوجيتهم الوطنية التي نتفهمها ونقدرها". وأضاف " لو ذهب مؤيدونا إلى الميدان، لتفاقمت الأوضاع وتأزم الموقف. ونحن نرغب في انتقال سلمي للحكم المدني".
وثمة عضو آخر من جماعة الإخوان يدعى محمد علم قرر أن ينزل بنفسه إلى الميدان من أجل رؤية حقيقة الفوضى المتجددة في التحرير وما وراءها.
قال والأمطار تتهاطل بغزارة " أعلم أن قرار الجماعة بألا يقدموا إلى ميدان التحرير كان حكيماً حتى لا يتسبب ذلك في صراع أو يتهموا بأنهم وراء هذه الفوضى. سوف تمر الانتخابات في سلام رغم أن هناك احتمالية بأن تكون هناك بعض التحديات البسيطة".
وقد انتابت نسبة كبيرة من أعضاء الجماعة سواء من داخل الصف أو من الكوادر سعادة وارتياح إزاء تنبؤهم بطبيعة وماهية أدائهم في البرلمان الجديد، وهو الشيء الذي لطالما حاول البلتاجي وبقية القيادات داخل الإخوان تجنب التفكير فيه طيلة شهور.
بينما قال علم بأنه يعتقد بأن نواب الإخوان سيضمنون 25% من مقاعد البرلمان، حيث قال " ستكون النسبة كبيرة للغاية لولا تواجد منافسين من الإسلاميين" في إشارة إلى الأحزاب الإسلامية الأخرى والحركة السلفية. ولكن الهدف والطموح بالنسبة للعضو الشاب محمد نبيه، 23 عاماً، المتواجد في ميدان التحرير كان كبيراً حيث قال " أعتقد بأننا سنحصد 75% من المقاعد في البرلمان".
وقال بأن مثل هذا التمثيل الكبير في البرلمان سيعني بأن حركة الاحتجاج ستكون مهمشة. وأضاف " لا يمكن أن نتعامل مع الليبراليين لأنهم يريدون رئيسياً دخيلاً علينا مختلفاً بالنسبة لنا". " الليبراليون أقلية، ولذا فلا تقتضي الأهمية التعامل معهم".
القيادة تتعامل وكأنها جماعة تعلم جيداً بأن الوقت قد حان. ولكن، بعد أن تعلمت دروس الماضي المشحونة خلال عقود الخلافات الشديدة مع الأنظمة المصرية الحاكمة آنذاك تحت حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وأنور السادات والرئيس المخلوع حسني مبارك، يبدو وكأن الجماعة تشعر بارتياح في عدم الظهور.
بيد أن هناك تخوف شديد من أن خطراً كبيراً يكمن وراء هذا الهدوء الظاهري للجماعة، وهو ما أكده نشأت بطرس مسيحي مصري بميدان التحرير قائلاً " إنهم ذئاب يلبسون جلود الخراف". وأضاف " سيتفوقون علينا ويتنامى نفوذهم، ثم بعد ذلك يتحولون إلى تطبيق الشريعة".
وتسعى جماعة الإخوان المسلمون منذ يناير الماضي جاهدة لإقناع الحركة الليبرالية المثيرة للجدل وكذا المجلس الأعلى للقوات المسلحة المحترسة والمترقبة بأنها صادقة بشأن ماضيها وأنها ملتزمة بكونها جركة دينية اجتماعية محافظة، ولكنها في الوقت ذاته لديها مساحة واسعة للتحرك في منطقة مركزية أخرى وهي السياسة.
جدير بالذكر أن البلتاجي حاول العودة إلى ميدان التحرير الأسبوع الماضي، ولكن الاستقبال لم يكن على النحو ذاته الذي كان في يناير، حيث طرد من الميدان على أيدي مجموعة من الألتراس المصريين الذين دخلوا في أحداث شغب مع الداخلية، وخرج بعد أن أحيط بمجموعة من الحراس في الخطوط الأمامية للميدان.
ورغم هذه الواقعة، إلا أنه ظل واثقاً من نفسه قائلاً " لقد كانت نقاشاً موضوعياً في الميدان، حيث قدم الكثير من أجل تفهم ومعرفة موقف الجماعة".