سيطرت الاشتباكات التي اندلعت بين محتجين وقوات الشرطة العسكرية والأمن في ميدان التحرير بوسط القاهرة أمس وسقط خلالها عدد من الضحايا على اهتمامات الصحف العربية الصادرة اليوم الاثنين. وقالت الصحف "الوضع في مصر بحاجة لتكاتف كل القوى لاتخوين الجهات بعضها بعضا ، خاصة أن البلد مقبل على انتخابات برلمانية لمجلسي الشعب والشورى؛ وهو ما ينبىء بمواجهات ومشاحنات أشد وأصعب على المواطن المصري ما لم تتم معالجة الوضع وتدارك الأمر قبل استفحاله". وأشارت إلى أن مصر ، التي تواجه أكبر تحد في تاريخها المعاصر ، تشهد أحداثا تضعها على مفترق طرق وتذكر المصريين بنفس الأيام التي عاشوها في بداية ثورة 25 يناير وقبل سقوط الرئيس السابق حسني مبارك مما ينذر بخطورة الموقف وتصاعد حدة المخاوف على مستقبل الحياة السياسية في مصر. ففي المملكة العربية السعودية قالت صحيفة (الوطن) "إن المجلس العسكري يظل العمود الرئيسي في بنيان الدولة المصرية الذي يجب على الجميع المحافظة عليه من أجل سلامة الدولة..خاصة و انه يضطلع بدور تاريخي وحاسم لمصر". وأشارت إلى أن هذا الدور يتعدى مصر نفسها نحو المنطقة، فاستقرار المنطقة من استقرار مصر وهذا هو البعد العميق لهذه الأزمة التي تعيشها مصر حاليا. وفي نفس السياق ، أشارت صحيفة (الجزيرة) إلى أن مصر التي تمتلك كل هذه العقول النيرة والنخب السياسية المتميزة وطيفا واسعا من المفكرين تعجز عن إيجاد حل للأزمات المتلاحقة، وتسقط في الفوضى وهو ما يحير كل من يراقب الأوضاع في مصر. وقالت "إن هذه التظاهرات والاضطرابات والاعتصامات ما هى إلا مقدمة لما يمكن أن يحصل مستقبلا ما لم يتدارك العقلاء من أهل مصر ، وينقذوا بلادهم من المصير المرعب الذي تتجه إليه، خاصة أن البلد مقبل على انتخابات برلمانية لمجلسي الشعب والشورى". وفي قطر ، أعربت صحيفة (الشرق) عن قلقها إزاء الأحداث في مصر .. وقالت "إذا كانت تلك الاحتجاجات لها مبرراتها فإنه يجب ألا يغيب عن أذهان شباب ثورة يناير أن الجيش ومجلسه العسكري كان الحاضن لثورتهم والمدافع عنها منذ اليوم الأول ؛ ويحسب له ولقادته رفضهم إطلاق الرصاص لقمعها في مهدها باسم "الدفاع عن الشرعية" كما طلب منهم أنذاك". ورأت الصحيفة أنه كان حريا بالمجلس العسكري - الذي أعطاه الثوار الثقة وبايعوه نصيرا وحاضنا لثورتهم - أن يتمتع ببعض الحكمة وضبط النفس في التعامل مع تلك الاحتجاجات آخذا بالاعتبار إمكانية تسرب بعض المدفوعين من فلول نظام مبارك إلى صفوف هؤلاء المحتجين لتأجيج نارالفتنة من جديد. ودعت الصحيفة إلى حماية الاستحقاق السياسي الذي تتأهب مصر لخوضه الأسبوع المقبل أي أول انتخابات برلمانية بعد سقوط نظام مبارك للمضي في باقي الاستحقاقات من انتخابات رئاسية وغيرها حتى تستقر الأوضاع في مصر وتسترد عافيتها وتتفرغ لمرحلة البناء الجديد لتعود درعا وسيفا لأمتها العربية. وخلصت (الشرق) في الختام إلى القول "ثورة مصر بحاجة كبيرة اليوم إلى تعاون الجميع مواطنين وعسكريين للحفاظ على نبلها وطهارتها والبدء في تنفيذ مكتسباتها".وفي لبنان ، أكدت صحيفة (السفير) أنه ليس من حل لأزمة الثورة في مصر إلا داخل مصر وبالمصريين تحديدا . ولم يكن "الخارج" في أي يوم ولن يكون مصدرا للحلول للأزمات الوطنية. وأشارت إلى أن بين مقر جامعة الدول العربية وميدان التحرير في قلب القاهرة مائة خطوة أو يزيد قليلا .. ولكن الفارق بين ما يجري في المكانين المتجاورين هائل وخطير يكشف حدة الأزمة التي تعيشها المجتمعات العربية في علاقتها مع الأنظمة القائمة في عواصمها والتي يحتل ممثلوها مقاعدهم في المبنى الأنيق على وقع الهتافات المنادية بسقوط بعضها .. فأما "الميدان" الذي صار له شبيه في العديد من العواصم والمدن العربية فيحتوي شوارع عدة بشعارات مختلفة إلى حد التناقض حول طبيعة النظام البديل المرتجى. وقالت "من طرائف هذا العصر أن تتولى الجامعة العربية قيادة الثورات أو محاسبة الأنظمة التي تخرج على إرادة شعوبها، وهى في التكوين قامت وتبقى، تنشط أو يتضاءل دورها إلى حد الاختفاء بقرار من تلك الأنظمة بالذات، ثم أنها بطبيعة وظيفتها لا تستطيع - حتى لو رغبت - أن تكون ملجأ الثورات ومركز توجيهها .. فالثورة تحتاج إلى قوى وأفكار وثقافة وعقائد وتنظيمات لا يستطيع النفط أو الغاز استيلادها".