دمشق: في الوقت الذي تتواصل فيه النداءات الدولية لنظام الأسد بوقف قمع المحتجين يواصل الجيش السوري اقتحام المدن والبلدات والقيام بعمليات اعتقال واسعة . وذكرت تقارير اخبارية أن مئات الجنود السوريين اقتحموا في وقت متأخر من مساء الاربعاء بلدة سقبا الواقعة في ضواحي العاصمة دمشق ، وداهموا بعض المنازل وقاموا بعمليات اعتقال. ونقلت وكالة "رويترز" للانباء عن شاهد عيان "إنهم قطعوا الاتصالات قبل أن يدخلوا. ولم تكن هناك مقاومة". وكان آلاف من الناس قاموا بمسيرة في سقبا يوم الجمعة الماضي مطالبين بالإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد. ويأتي ذلك في الوقت الذي افادت فيه الانباء بان دبابات الجيش تنتشر بكثافة حول مدينة درعا جنوب سوريا ومدينة بانياس الساحلية وحول مدينة الرستن شمال العاصمة السورية دمشق. وكان التوتر قد تصاعد يوم الجمعة الماضي في مدينة الرستن، واتهمت مصادر حقوقية استخبارات الجيش السوري بقتل 17 متظاهرا في المدينة بعد استقالة 50 من اعضاء حزب البعث هناك. وقالت انباء إن انتشار الدبابات حول الرستن جاء بعد رفض سكان المدينة اقتراحا من عضو حزب البعث صبحي حرب بتسليم مئات المطلوبين مقابل بقاء الدبابات خارج المدينة. وفي بانياس، قال شهود عيان لوكالة "رويترز" إن الجيش السوري أقام نقاط تفتيش في المدينة وقام بفصل الأحياء ذات الأغلبية السنية عن تلك التي يقطنها العلويون ونفذ حملة اعتقالات. جا ذلك فيما علمت هيئة الاذاعة البريطانية "بي بي سي" بقيام قوات أمنية ومسلحين مدنيين باقتحام مستشفى حمدان ومستشفى النور في بلدة دوما قرب دمشق واعتقال 10 أشخاص بعد "ضرب المرضى والأطباء هناك". وقال ناشطون ل "بي بي سي" إن قوات الأمن انتشرت في أنحاء حمص وأن الدبابات تتجه نحوها. الى ذلك ، ذكرت وكالة الانباء الفرنسية ان الجيش السوري بدأ الخميس الانسحاب من مدينة درعا في جنوب البلاد ، وتخضع مدينة درعا حيث اندلعت الاحتجاجات لحصار بالدبابات، وأفادت تقارير الأربعاء بحوادث إطلاق نار واعتقالات في المدينة. وأعلن اللواء رياض حداد مدير الادارة السياسية في الجيش السوري لوكالة" فرانس برس" أن الجيش سيبدأ الانسحاب الخميس من مدينة درعا المحاصرة منذ 25 نيسان/ ابريل. وقال حداد "الجيش أنهى المهمة وقواته ستبدأ الانسحاب من درعا خلال ساعات". واضاف انه "تم القاء القبض على المجموعات الارهابية المسلحة التكفيرية التي روعت الناس وقتلت الأبرياء واعتدت على الممتلكات". وأكد اللواء أن الحياة الطبيعية ستعود تدريجيا لدرعا. ولا يسمح الجيش حتى الآن لأحد بدخول درعا ومخزونها من الغذاء والأدوية يتناقص وفقا لبعض سكانها. ولا تزال خطوط الاتصالات منقطعة مع المدينة إلا أنه إعادة توصيل الطاقة الكهربائية في معظم أنحائها كما يقول هؤلاء. المادة الثامنة
وفي التطورات السياسية، ذكر موقع "داي برس الإخباري السوري أنه من المنتظر أن يعلن الأسد قريبا عن تعديل المادة الثامنة من الدستور السوري التي تنص على اعتبار حزب البعث الحاكم قائداً للدولة والمجتمع. وأضاف الموقع أن الأسد ينوي التمسك بالفقرة التي لا تسمح بقيام الأحزاب الدينية. غير أن الناشط الحقوقي السوري محمد العبد الله قلل من أهمية هذه الخطوة في حال اتخاذها، مستشهداً بما جرى بعيد رفع حالة الطوارئ في سوريا. وقال في حديث لراديو "سوا" "لا أعتقد أن المشكلة تنحصر بالمادة الثامنة من الدستور. فالرئيس الأسد ألغى حالة الطوارئ وفي اليوم التالي اجتاحت دباباته درعا ومدن سورية أخرى. وعدد القتلى بالمئات وعدد المعتقلين بالآلاف. الناس لم تعد تثق بهذه الإصلاحات. إن ما تريده السلطة السورية هو قمع المحتجين وقمع التظاهرات وإجهاض الحراك المطالب بالحرية بأي ثمن حتى لو كان ذلك دماء الناس". في المقابل، استبعد رئيس اتحاد الصحفيين في سوريا الياس مراد حصول حركة احتجاج كبيرة في البلاد، قائلا في حديث ل"راديو سوا" "إن مئات الآلاف يخرجون في شوارع سوريا تأييدا للإصلاحات ولكن يتم تجاهل هذا الحدث"، على حد تعبيره. ولفت مراد إلى أن الضغوط الدولية على النظام السوري لن تؤتي ثمارها. وقال "ما يجري دوليا هو محاولات ضغوط أنه حتى تكون سوريا هادئة على القيادة السورية أن تفك ارتباطها بحماس وحزب الله وإيران، وهذا ما لن يحصل". وأكد مراد أن الحكومة الجديدة ستواصل العمل من أجل تحقيق الإصلاح في البلاد. وقال "ربما هناك أخطاء على مستوى الإدارة، وهناك عدم رضا لبعض الناس. كما هناك عدم رضا للحزب عن أداء الكثير من الإداريين في السلطات التنفيذية، لذلك تم تشكيل حكومة جديدة، وأنيط بها مسؤولية الإصلاح ومحاربة الفساد". تحقيق مستقل في غضون ذلك، حث الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الرئيس السوري في اتصال هاتفي الأربعاء على أن يُنهي فورا الحملة العنيفة ضد المحتجين المعارضين للحكومة في سوريا. وقال بيان من الأممالمتحدة إن الأمين العام للمنظمة الدولية كرر الدعوة إلى إجراء تحقيق مستقل في حوادث القتل التي وقعت أثناء الاحتجاجات. وقال المتحدث مارتن نسيركي إن بان كي مون "دعا الرئيس الأسد إلى منح الأممالمتحدة إمكانية الوصول فورا إلى السكان المدنيين المتضررين من أجل تقييم احتياجاتهم إلى المساعدة الإنسانية". وأعرب الأمين العام عن تقديره للرئيس الأسد على ما أبداه من استعداد للنظر في إجراء ذلك التقييم في درعا". يشار إلى أن مجلس الأمن الدولي كان قد طلب إرسال بعثة عاجلة إلى سوريا فيما أعلنت منظمة غير حكومية عن وجود حوالي ثمانية آلاف "معتقل ومفقود" في البلاد منذ انطلاق الاحتجاجات في 15 مارس/آذار. وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية مارك تونر قد صرح الثلاثاء بأن استخدام الدبابات والاعتقالات العشوائية وقطع الكهرباء في درعا هي "همجية وتمثل عقابا جماعيا لمدنيين أبرياء". وقالت مصادر حقوقية إن قوات الجيش والأمن في سورية قتلت نحو 560 متظاهرا في انحاء البلاد منذ اندلاع الاحتجاجات ضد نظام الرئيس بشار الأسد في 18 مارس/آذار الماضي. ولم يتسن التأكد من صحة هذه التقديرات من مصادر مستقلة.