وقع رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا، أحمد الشرع، على مسودة الإعلان الدستوري، الذي يحدد ملامح النظام السياسي خلال المرحلة المقبلة، ويضع السلطة التنفيذية في يد رئيس الجمهورية، بينما يمنح السلطة التشريعية الكاملة لمجلس الشعب، مع احتفاظ الرئيس بحق تعيين ثلث أعضائه. وأعلنت اللجنة التي صاغت المسودة، يوم الخميس، أن الإعلان الدستوري جاء في مقدمة وأربعة أبواب، تناولت الأحكام العامة، والحقوق والحريات، ونظام الحكم والسلطات، بالإضافة إلى الأحكام الختامية. ملامح الإعلان الدستوري: الاستقرار في مواجهة التغيير حسب اللجنة، لم تُجرَ أي تعديلات على الأحكام العامة للدولة، حيث بقي اسمها "الجمهورية العربية السورية"، كما تم الإبقاء على النص الذي يشير إلى أن "دين رئيس الدولة هو الإسلام"، وأن "الفقه الإسلامي هو المصدر الأساسي للتشريع". ويأتي هذا التوجه في ظل الجدل الذي أثاره الأكراد، وعلى رأسهم "قوات سوريا الديمقراطية"، التي كانت قد وقعت اتفاقًا مع الشرع، قبل أيام، لضمان "حقوق الأكراد في الدستور"، مطالبين بتغيير اسم الدولة ليصبح "الجمهورية السورية" بدلًا من "الجمهورية العربية السورية". توازن بين السلطة التشريعية والتنفيذية أحد أبرز البنود التي وردت في الإعلان الدستوري هو منح مجلس الشعب السلطة التشريعية الكاملة، حيث أشار الإعلان إلى أن الرئيس احتفظ بحق تعيين ثلث أعضاء المجلس لضمان تمثيل أوسع للكفاءات والمكونات المختلفة، خاصة في ظل عدم توفر بيئة انتخابية آمنة وشاملة خلال المرحلة الانتقالية. أما على المستوى التنفيذي، فقد نص الإعلان على تركيز الصلاحيات بيد رئيس الجمهورية، دون وجود منصب رئيس وزراء، وهو ما بررته اللجنة بأنه "إجراء مناسب للمرحلة الانتقالية"، يسمح باتخاذ قرارات سريعة وتسهيل التواصل بين الوزراء ورئيس الدولة. كما أكدت اللجنة أن الرئيس لن يمتلك سلطات استثنائية، باستثناء إعلان حالة الطوارئ، والتي ستكون مضبوطة بموافقة مجلس الأمن القومي، الذي أُعلن عن تشكيله الأربعاء الماضي، ويضم عددًا من وزراء السيادة ومستشارين تقنيين، بالإضافة إلى موافقة مجلس الشعب. التأكيد على الحقوق والحريات وفصل السلطات وشدد الإعلان الدستوري على التزام الدولة بحماية الحقوق والحريات، حيث نص على ضمان "حرية الرأي والتعبير والإعلام والنشر والصحافة"، بالإضافة إلى التأكيد على وحدة الأرض والشعب مع احترام الخصوصيات الثقافية. وفيما يتعلق بالسلطة القضائية، فقد أقر الإعلان استقلاليتها ومنع إنشاء المحاكم الاستثنائية، كما منح مجلس الشعب الحق في استجواب الوزراء، مشددًا على ضرورة فصل السلطات لضمان التوازن بين مختلف المؤسسات. مدة المرحلة الانتقالية والالتزامات الدولية حددت مسودة الإعلان الدستوري مدة المرحلة الانتقالية بخمس سنوات، يتم خلالها تنظيم شؤون البلاد وفق القوانين الجديدة. كما أكد الإعلان التزام الدولة بالاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان المصادق عليها سابقًا، مع ضمان حق الملكية، وحقوق المرأة في التعليم، والمشاركة في العمل، والحقوق السياسية. مخاوف وجدل حول مستقبل البلاد
رغم أن الإعلان الدستوري يمثل خطوة كبيرة نحو إعادة هيكلة النظام السياسي السوري، إلا أنه يواجه تحديات كبيرة، خاصة في ظل استمرار الانقسامات الداخلية، ومطالبات بعض الأطراف، مثل الأكراد، بإعادة النظر في هوية الدولة، فضلًا عن مخاوف المعارضة من استمرار هيمنة السلطة التنفيذية على المشهد السياسي. ومع اقتراب تطبيق الإعلان الدستوري، تتجه الأنظار إلى مدى التزام مختلف الأطراف بمضامينه، خاصة فيما يتعلق بآليات الانتقال السياسي، وضمان إجراء انتخابات حرة، وتفعيل مؤسسات الدولة بشكل متوازن يعكس التنوع السوري.