ستظل الحضارة المصرية تبهرنا على مر الزمان، ليس فقط بالأهرامات والمسلات، والمساجد والكنائس، والقلاع والقصور، وإنما بعناصر بسيطة استخدمها المصري على مر العصور واستطاع بطرق حفظ المهارة أن يحفظها لفترات وصلت لآلاف السنين، ومنها قدر لازالت محتفظة بسوائلها بعد 3000 عام من الحفظ. سجل أحد المرشدين السياحيين ويدعى حازم خالد، فيديو لأثر نادر في المتحف المصري بالتحرير، حيث كشف قدر فخاري "زلعة" أثناء إحدى جولاته الإرشادية، تتساقط منها قطرات لسائل أصفر اللون، وهو ما أثار عجب المرشد السياحي الذي التقط الفيديو ثم أرسله إلى عدد من المتخصصين. ووصلت اللقطات إلى بسام الشماع خبير المصريات المعروف، والذي بدوره أرسلها إلى الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الدكتور مصطفى وزيري، لإبداء الرأي العلمي السليم فيها، والذي قال إن هذا الإناء اكتشفت في منطقة شيخ عبد القرنة، ويرجع إلى عصر الأسرة ال 18، وكانت قد تمت معالجته وتقويته منذ سنوات كما تم فحصه بأشعة الإكس راي، وتبين بالفحص أنه يحوى مواد تحنيط، ونظرًا لخاصية الفخار المسامية، ولكمية الزيوت النباتية الكبيرة التي كانت تستخدم في التحنيط فإن المادة تتقاطر من خلال مسام الإناء في درجات الحرارة المرتفعة وسوف يتم نقله لإدارة الترميم لعمل التقوية اللازمة له وحفظه في مكيف الهواء. ونقول هنا إن هذه القطعة الأثرية لو أنه تم الاعتناء بها وهي على هذا الحال، وأطلقت حملة دعائية تدعوا العالم لمشاهدة سائل لا زال حيًا يتقاطر منذ آلاف السنين، لتسببت برواج سياحي كبير.. وعلق الشماع قائلًا، إن المرشد السياحي المصري هنا استطاع بعين خبيرة أن يلاحظ هذه الظاهرة، وسجلها وقام بتوثيقها ويستحق التحية على مجهوده، كما أننا قبل أن نتحدث عن الظاهرة رجعنا إلى المصدر الرسمي، الدكتور وزيري، والذي قدم تفسيرًا علميًا واضحًا وهو ما نشيد. وأشار الشماع إلى أن هذه الزيوت النباتية من الممكن عمل دراسة معتبرة لها من علماء النباتات الرسميين من الجامعات المصرية، وهل ممكن إعادة إنتاجها مثلًا، ووضعها في قوارير من نفس مادة هذا القدر، ويُكتب عليها بالهيروغليفية نوع العطر وتباع بالعالم كله، ومعها كتالوج بعدة لغات. وثمن مقترح عرض هذه القطعة الأثرية، وأشار بأن يوضع هذا الأثر النادر في متحف القطعة الواحدة، في إحدى المدن الساحلية السياحية حيث سيشهد عرضها إقبالًا كبيرًا. وختم الشماع كلماته قائلًا، إن الاستجابة السريعة من الدكتور مصطفى وزيري، -وهي ليست المرة الأولى- حيث قدم التفسير العلمي والإجراء الذي سيتبع، وهذه علامة إيجابية ملحوظة بوزارة السياحة والآثار والتي تستجيب لصالح الأثر دائمًا. وتلك المنظومة التي بدأت بالمرشد السياحي ثم الخبراء الرسميين ثم الإعلام المهتم، تمثل دائرة تعمل بكل طاقتها باتجاه حفظ ونشر آثارنا وتسليط الضوء عليها.
