حالة من التوتر ظهرت في الأفق بين أمريكاوتركيا مجددًا، بعد تهديد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بإغلاق قاعدتي أنجرليك وكوريجيك الأمريكيتين، ما دفع الرئيس الأمريكي والبنتاجون يتساءلان عن مقصد أردوغان من ذلك التهديد، ويطالب الكونجرس الأمريكي بفرض مزيد من العقوبات على أنقرة. وأوضح الخبراء والمحللون السياسيون، لصحيفة "الفجر"، سبب تهديد أردوغان، وسيناريوهات العلاقات بين الدولتين الفترة المقبلة، مؤكدين أن أردوغان لا يمكنه إغلاق قاعدتي انجيرليك وكوريجيك بسبب أهميتهما العسكرية، كما أن أنقرةوواشنطن تربطهما مصالح قوية ومن الصعب وصول العلاقات بينهما لطريق مسدود. إغلاق قاعدتي أنجرليك وكوريجيك وأوضح هاني سليمان، المدير التنفيذي للمركز العربي للبحوث والدراسات، أن تركيا ليست أول مرة تهدد باغلاق القاعدتين، فكل أزمة تلوح بنفس الأمر، وهو ما يعكس أهميتهما، فقاعد أنجرليك مهمة عسكريا بالنسبة لأمريكا واستخدمتها بشكل أساسي في مواجهة تنظيم داعش خلال السنوات الماضية، أما كوريجيك الموجودة في جنوب شرق تركيا فتستخدمها أمريكا كمنصة رادار لحلف شمال الأطلنطي. وبين أن القاعدتين يشكلان نواه لسيطرة الولاياتالمتحدة على المنطقة الأوروبية وتقاطعاتها سوريا وإيران واستخدمتهما أكثر من مرة لبسط نفوذها بالمنطقة، مبينا أن تهديد أردوغان يؤكد على عدم التوافق بين وجهات النظر بين واشنطنوأنقرة إزاء عدد من الملفات الأخيرة، خاصة صفقة الصواريخ الروسية "اس- 400" والعقوبات الأمريكية المفروضة على أنقرة، رغم وجود توافق وتنسيق بشأن بعض القضايا خاصة على الصعيد السوري. اتفاق تركي أمريكي على نفس الصعيد، بين المحلل السياسي التركي جودت كامل، أن أوروبا وأمريكا منزعجة من تصرفات أردوغان التي تؤثر على المنطقة والعالم سلبا إلا أن هناك غرابة في علاقة الرئيس التركي مع نظيره الأمريكي دونالد ترامب. وأضاف من أسباب انزعاج الغرب من أردوغان هو التدخل التركي في أراضي الدول الأخرى مثل سوريا والسودان وأثيوبيا وليبيا وقبرص دون اتفاق مع حكومات هذه الدول ودون التوافق الدولي في الأممالمتحدة، موضحا أن أردوغان لا يلتفت إلى إنذارات ولا تنبيهات، فالتهديد بإغلاق إنجيرليك وكوريجيك يأتي كنوع من الضغط على أمريكا والمناورة السياسية إلا أنه مستسلم لسياسة واشنطن ولن يستطيع أن يغلق القاعدتين الأمريكيتين. وأشار إلى أن الجيش التركي يطبق الأجندة الأمريكية في سوريا باتفاق ترامب وأردوغان، موضحا أن أمريكا لن تدخل في صراعات دموية في سوريا وحولت العملية العسكرية فيها للجيش التركي. وأكد على الأمر، الباحث في الشأن التركي، محمد أبو سبحة، بقوله إن أردوغان يطلق كعادته التهديدات في البداية فقط، ثم يبحث عن المفاوضات لاحقًا، وهنا لا يقصد بتهديداته ترامب، إذ أن الأخير يجد لتركيا مبررا في امتلاكها الصواريخ الروسية ملقيا باللوم على إدارة سلفه باراك أوباما في تعقيد صفقة صواريخ باتريوت التي طلبتها أنقرة، ومعتبرًا أن ذلك كفيل باتجاهها نحو روسيا. وبين أن ترامب أقنعه المبرر الذي ساقته تركيا، لذلك فإن تهديد أردوغان موجه إلى البنتاجون والكونجرس فقط، منوها إلى أن أردوغان يعول أيضا على الخدمة التي أسداها للرئيس الأمريكي، بعد أن منحه فرصة سحب قواته من سوريا، وتوفير ميزانية ضخمة خصصت لمكافحة الإرهاب، بالاعتماد على التواجد التركي بشمال سوريا، حيث لا ترغب تركيا بظهور نفوذ كردي على حدودها. سبب تهديدات أردوغان وأوضح أبو سبحة أن تهديد أردوغان بغلق القاعدتين العسكريتين الأمريكيتن يأتي قبيل تصويت مجلس الشيوخ المرتقب خلال أيام على إقرار عقوبات على تركيا بموجب قانون "خصوم أمريكا"، بسبب امتلاكها صواريخ الدفاع الجوي الروسية"إس- "400، وذلك بعد أن صوت مجلس النواب على قرارين بعقوبات مشابهة. دخول روسيا وذكر أنه من الطبيعي أن تدعم روسياتركيا، لأن أردوغان كسر بصفقة أنظمة الدفاع الجوي الموقعة في 2017 جزء كبير من الحصار المفروض على سوق السلاح الروسي منذ انهيار الاتحاد السوفيتي في التسعينات، مشيرا إلى موسكو تريد المنافسة في سوق السلاح العالمي مرة أخرى، وإتمام صفقة صواريخ " S- 400"فعليا مع تركيا رغم التهديدات الأمريكية، لأن ذلك يقوي منافستها في مجال الأسلحة الدفاعية خصوصا أمام حلف الناتو الذي تتمتع تركيا بعضويته. خسارة تركيا من إغلاق القاعدتين وأكد سليمان أن تركيا لا يمكنها إغلاق القاعدتين العسكريتين، لأنها لا تستطيع المخاطرة بخسارة أمريكا نظرا لعزلتها السياسية في المحيط الإقليمي، كما أن أردوغان يدرك أهمية واشنطن بالنسبة له وضرورة تجنب غضبها خاصة في ظل سياسة ترامب المتقلبة والمؤذية للدول التي لا تتفق معه. وبين أن إغلاق القاعدتين سيكون بمثابة ضربة قاسية لواشنطن وقد يدفع بأمريكا لفرض مزيد من العقوبات والتسبب بمزيد من المشكلات لتركيا على المستوى الاقتصادي والأمني، والتحالف مع بعض الدول التي تشكل تهديد على أنقرة مثل اليونان، رغم أنها ليست بنفس ثقل تركيا. وأضاف بالنسبة لسوريا، قد يؤثر إغلاق القاعدتين على التواجد الأمريكي في سوريا، ولكن بشكل مؤقت بسبب وجود قواعد أخرى لأمريكا بالمنطقة، كما سيجعل أمريكا تعرقل الدو التركي في سوريا وهو ما سيشكل تهديا على الدور الاقليمي لتركيا بالمنطقة