انسحبت الوحدات الأمنية التونسية العاملة في المعبر الحدودي (التونسي - الليبي) المشترك (رأس جدير) مساء يوم الأربعاء من مواقعها في خطوةٍ تؤشر إلى قرب المعارك بين طرفي الصراع في ليبيا للسيطرة على الجانب الليبي من هذا المعبر. وذكرت صحيفة "العطوف" التونسية الإلكترونية التي تغطي مناطق الجنوب الشرقي التونسي أن عناصر الجمارك وشرطة الحدود والحرس (الدرك) التونسية، انسحبت قبل موعد الإفطار بقليل، لتبقى وحدات الجيش التونسي فقط التي رفعت من درجة استنفارها. ويقع معبر (رأس جدير) في محافظة "مدنين" (نحو 600 كلم جنوب شرق تونس العاصمة)، وهو يقع - إلى الآن- تحت سيطرة القوات الموالية للقذافي. ولم تذكر الصحيفة التونسية سبب هذا الانسحاب المفاجئ، لكنها أشارت إلى أنه قد يكون مؤشرًا على أن معركة "رأس جدير" أصبحت وشيكة بالنظر إلى المعارك التي دارت ليلة الثلاثاء - الأربعاء في مدينتي "زليتن" و"زوارة" الليبيتين، وفي بلدة "بوكماش" التي تبعد نحو 15 كيلومترًا عن المعبر. وأضافت أن قوات المعارضة الليبية المسلحة قد تكون حسمت أمرها باتجاه السيطرة على المعبر، ما يعني أن معارك متوقعةً ستندلع هذه الليلة قرب الحدود التونسية. وكان مسؤول عسكري تونسي أكد أمس أن القوات المسلحة التونسية عززت انتشار وحداتها على طول الحدود مع ليبيا تحسبًا لأي طارئ، كما قررت غلق المعبر. وقد كثف الطيران الحربي التونسي خلال الأيام القليلة الماضية من طلعاته الاستطلاعية على طول الحدود مع ليبيا، وبخاصة على مستوى المنطقة المحاذية للمعبر. وقال العميد "مختار بن نصر": إن الجيش التونسي على استعداد تام للدفاع عن حرمة الأراضي التونسية، لكنه أشار بالمقابل إلى مفاوضات جارية بين الجانبين الليبيين بواسطة تونسية لتسليم الجانب الليبي من المعبر المذكور إلى المعارضة الليبية المسلحة لتفادي سقوط المزيد من الضحايا. وبعد أن اعترفت تونس يوم السبت بشكل رسمي بالمجلس الوطني الانتقالي الليبي "ممثلاً شرعيًّا" للشعب الليبي؛ وذلك بعد دخول الثوار الليبيين العاصمة طرابلس وسيطرتهم على بعض أحيائها.
فيما عزَّزت القوات المسلحة التونسية من وجودها في المنطقة الحدودية عند معبر "رأس الجدير" وإعلانها منطقةً عسكريةً.
وقال الصحافي الليبي "خليفة علي الحدَّاد" الموجود بالقرب من معبر "رأس الجدير": إنَّ "نشطاء ليبيين ينوون اقتحام معبر (رأس جدير) الحدودي خلال الساعات المقبلة". ونقل عن أحد القادة الميدانيين من الثوار أن "أغلب الكتائب التي توجد بالمعبر قد هربت بعد أن تقطعت بها السبل إثر سيطرة الثوار على الطريق الدولي على مستوى مدينة "الزاوية" وغيرها من المدن المجاورة وانطلاق معركة الحسم في العاصمة طرابلس". وأمام هذه التطورات التي تشهدها المدن القريبة من الحدود وخاصة انطلاق معركة الحسم في طرابلس وخوفًا من تداعياتها على الوضع في تونس - قررت السلطات العسكرية والأمنية التونسية غلق المعبر "رأس جدير". كما عززت القوات المسلحة التونسية من وجودها في المنطقة الحدودية وإعلانها منطقةً عسكريةً.
وقد صرح "نبيل السدراوي" مدير إذاعة (تطاوين) المحلية أنه "يشهد معبر (رأس جدير) أجواءً من الترقب والحذر في الوقت الذي لا تزال فيه قوات معمر القذافي تسيطر على الجانب الليبي منه". وأضاف: "إن الراية الليبية الخضراء لا تزال ترفرف في أعلى المبنى المخصص لقوات الأمن والجيش الليبي".