عندما يقرأ المستهلك المكوّنات الموجودة على غلاف المنتجات، ينتابه القلق أحيانا نتيجة تواجد مكونات مثيرة للجدل، أبرزها النيترات والنيتريت. ما هما هذان المركّبان؟ وما تأثيرهما على صحة الانسان؟ إختصاصية التغذية كارول مارون تكشف أبرز ما يتعلّق بالنيتريت والنيترات. النيترات والنيتريت عبارة عن جزيئات موجودة بشكل طبيعي في البيئة (المياه والهواء والتربة). وفي أيامنا هذه، نجد النيترات في الأسمدة المعدنية، وفي المركّبات المتفجرة، وفي المياه وبعض أنواع المأكولات. إن أهم مصادر النيترات عند البالغين تأتي من المأكولات (87 في المئة) والمياه (13 في المئة). ولا بد من الاشارة إلى أن النيترات موجود بكمية كبيرة في الخضار، كالشمندر والكرفس والخس والفجل والسبانخ. ولحظة الاتصال مع البكتيريا الموجودة في الفم والجهاز الهضمي، تتحول النيترات إلى نيتريت، وهذه الأخيرة موجودة أيضا في بعض المنتجات الغذائية، كالمخابز والحبوب والشمندر والذرة والسبانخ ولحوم الخنزير. تفيد مارون: "تستخدم المصانع الغذائية أملاح النيترات والنيتريت بشكل خاص كمواد حافظة. فدورهما يتمثل في منع انتشار الميكروبات الضارّة في الغذاء، وهما يمنعان نمو بكتيريا من شأنها إنتاج مادة سامة تؤدي إلى التسمم الغذائي عند الأشخاص المتضررين. وهذه المادة السامة تهاجم الجهاز العصبي، وقد تسبب الوفاة. إلى جانب ذلك كله، فإن النيتريت والنيترات يمنحان طعما ونكهة خاصة للحوم". وتضيف: "عند تناولها، 5 إلى 8 في المئة من النيترات تتحول إلى نيتريت. من ثم، فإن 95 إلى 92 في المئة ممّا تبقّى منها يتم امتصاصها بسرعة في المعدة والأمعاء. وفي النهاية، فإنّ قسما من كمية النيترات الممتصة، يتم التخلّص منها عبر البول. أما النيتريت التي تتصل مع أمينات المأكولات (كتلك الموجودة في الأجبان واللحوم)، فتتحول إلى نيتروسامين (Nitrosamines)، وهي جزيئات يُحتمل أن تسبب السرطان". وتقول مارون: "أوصَت منظمة الصحة العالمية بعدم تخطّي جرعة 3,65 ملغ من النيترات يوميا عند البالغين، وذلك استنادا إلى الآثار الجانبية التي تسببها: - إن استهلاك اللحوم المصنّعة كالنقانق ولحم الخنزير، يرفع خطر الاصابة بسرطان المعدة. كما إن طبخ لحوم الخنازير، من جهة، وعلى حرارة مرتفعة، من شأنه تشجيع إنتاج النيتروسامين. ومن جهة أخرى، فإنّ هذه اللحوم تحتوي كمية كبيرة من الملح التي بإمكانها إلحاق الضرر بسطح المعدة، وجعل خلاياها أكثر عرضة للسرطان. فالملح والنيتروسامين هما من بين أهم العوامل المسؤولة عن الاصابة بسرطان المعدة. - إن استهلاك كمية كبيرة من اللحوم المدخّنة يرفع خطر سرطان القولون والأمعاء، إضافة إلى سرطان الكلى وعنق الرحم. ووفق بعض الدراسات، فإن النيتريت مسؤولة أيضا عن بعض أنواع أمراض الرئة. - من شأن النيتريت أن تزيد خطر إصابة المواليد بالمرض الأزرق أو ميتهيموغلوبينية الدم (Methemoglobinemia). ويتجلّى ذلك بتراكم غير طبيعي للميتيموغلوبين داخل الكريات الحمراء. ويطال هذا المرض بشكل خاص الأطفال ما دون الثلاثة أشهر، والذين لديهم هيموغلوبين جيني حسّاس جدا على النيتريت. وهذا المرض يؤدي إلى جعل الجلد أزرق اللون، إضافة إلى اضطرابات في التنفس والإسهال والتقيؤ". وتختم مارون: "من المفضّل إذا استهلاك مياه قليلة النيترات، والحد من تناول لحوم الخنازير واللحوم المدخّنة والمصنّعة الغنية بالملح والدهون المشبّعة. أما في ما يتعلّق بالخضار، وبغية تخفيف المخاطر الناتجة عن كثرة تناول النيترات، فمن المستحسن شراء خضار عضوية، على أن تكون طازجة ومغسّلة بشكل جيد".