السفير المصري ببوليڤيا يهنئ الأقباط بعيد القيامة    بالسجن والغرامة.. الداخلية السعودية تعلن فرض عقوبات على مخالفي أنظمة الحج    مشادة على الهواء بسبب أسعار اللحوم بين شعبة القصابين ومبادرة تخفيض الأسعار    مصدر رفيع المستوى: الوفد الأمني المصري أكد لنظيره الإسرائيلي ضرورة وقف التصعيد في رفح الفلسطينية    فانتازي يلا كورة.. أفضل الخيارات الدفاعية من نيوكاسل في الجولة المزدوجة 37    "جلب السيطرة والقيادة والقوة لنا".. سام مرسي يحصد جائزة أفضل لاعب في إبسويتش    القبض على 174 متهمًا بالاتجار في المخدرات بالشرقية    إليسا تحتفل بطرح ألبومها الجديد بعد عدد من التأجيلات: الألبوم يخص كل معجب أنتظره بصبر    وزير الصحة يشهد تدريب العاملين بالوزارة على توحيد مفاهيم الجودة (تفاصيل)    وفد النادي الدولي للإعلام الرياضي يزور معهد الصحافة والعلوم الإخبارية في تونس    رئيس جامعة المنوفية يهنئ الأقباط بعيد القيامة المجيد    إصابة 4 أشخاص في حادث سقوط سيارة داخل ترعة في قنا    رئيس وزراء فرنسا يعرب مجددًا عن "قلق" بلاده إزاء الهجوم الإسرائيلي على رفح    جامعة القاهرة تعلن انطلاق فعاليات مهرجان المسرح الجامعي للعروض الطويلة    خالد الجندي يوضح مفهوم الحكمة من القرآن الكريم (فيديو)    البورصات الخليجية تغلق على تراجع شبه جماعي مع تصاعد التوتر بالشرق الأوسط    محافظ أسوان: تقديم الرعاية العلاجية ل 1140 مواطنا بنصر النوبة    وزير الدفاع يلتقى قائد القيادة المركزية الأمريكية    مواعيد منافسات دور ال32 لدوري مراكز الشباب    «مهرجان التذوق».. مسابقة للطهي بين شيفات «الحلو والحادق» في الإسكندرية    كيف يمكنك ترشيد استهلاك المياه في المنزل؟.. 8 نصائح ضرورية احرص عليها    نائب رئيس جامعة الأزهر السابق: تعليم وتعلم اللغات أمر شرعي    «الأعلى للطرق الصوفية» يدين هجمات الاحتلال الإسرائيلي على رفح الفلسطينية    خطة الزمالك لتأمين شبابه من «كباري» الأهلي (خاص)    محافظ قنا يفتتح عددا من الوحدات الطبية بقرى الرواتب والحسينات وبخانس بأبوتشت    انطلاق فعاليات المؤتمر الدولي الخامس لتحلية المياه بشرم الشيخ    وضع حجر أساس شاطئ النادي البحري لهيئة النيابة الإدارية ببيانكي غرب الإسكندرية    وائل كفوري ونوال الزغبي يحييان حفلًا غنائيًا بأمريكا في هذا الموعد (تفاصيل)    سب والدته.. المشدد 10 سنوات للمتهم بقتل شقيقه في القليوبية    الرئاسة الفلسطينية تحمل واشنطن تبعات الاجتياح الإسرائيلي لرفح    بدء تطبيق نظام رقمنة أعمال شهادات الإيداع الدولية «GDR»    9 أيام إجازة متواصلة.. موعد عيد الأضحى 2024    وزير الدفاع البريطاني يطلع البرلمان على الهجوم السيبراني على قاعدة بيانات أفراد القوات المسلحة    للأمهات.. أخطاء تجنبي فعلها إذا تعرض طفلك لحروق الجلد    انطلاق الأعمال التحضيرية للدورة ال32 من اللجنة العليا المشتركة المصرية الأردنية    ضبط متهم بالاستيلاء على بيانات بطاقات الدفع الإلكتروني الخاصة بأهالي المنيا    الأمم المتحدة: العمليات العسكرية المكثفة ستجلب مزيدا من الموت واليأس ل 700 ألف امرأة وفتاة في رفح    حفل met gala 2024..نجمة في موقف محرج بسبب فستان الساعة الرملية (فيديو)    9 عروض مسرحية مجانية لقصور الثقافة بالغربية والبحيرة    المشاكل بيونايتد كبيرة.. تن هاج يعلق على مستوى فريقه بعد الهزيمة القاسية بالدوري    3 ظواهر جوية تضرب البلاد.. الأرصاد تكشف حالة الطقس على المحافظات    نصائح مهمة لطلاب ثانوي قبل دخول الامتحان.. «التابلت مش هيفصل أبدا»    الضرائب: تخفيض الحد الأدنى لقيمة الفاتورة الإلكترونية ل25 ألف جنيه بدءًا من أغسطس المقبل    75 رغبة لطلاب الثانوية العامة.. هل يتغير عدد الرغبات بتنسيق الجامعات 2024؟    بحضور مجلس النقابة.. محمود بدر يعلن تخوفه من أي تعديلات بقانون الصحفيين    بكتيريا وتسمم ونزلة معوية حادة.. «الصحة» تحذر من أضرار الفسيخ والرنجة وتوجه رسالة مهمة للمواطنين (تفاصيل)    عادات وتقاليد.. أهل الطفلة جانيت يكشفون سر طباعة صورتها على تيشرتات (فيديو)    الجدول الزمني لانتخابات مجالس إدارات وعموميات الصحف القومية    اقوى رد من محمود الهواري على منكرين وجود الله    إيرادات «السرب» تتجاوز 16 مليون جنيه خلال 6 أيام في دور العرض    المتحف القومي للحضارة يحتفل بعيد شم النسيم ضمن مبادرة «طبلية مصر»    تفاصيل نارية.. تدخل الكبار لحل أزمة أفشة ومارسيل كولر    كيفية صلاة الصبح لمن فاته الفجر وحكم أدائها بعد شروق الشمس    عبد الجليل: استمرارية الانتصارات مهمة للزمالك في الموسم الحالي    زعيم المعارضة الإسرائيلي: على نتنياهو إنجاز صفقة التبادل.. وسأضمن له منع انهيار حكومته    أجمل دعاء تبدأ به يومك .. واظب عليه قبل مغادرة المنزل    هجوم ناري من الزمالك ضد التحكيم بسبب مباراة سموحة    اللواء سيد الجابري: مصر مستمرة في تقديم كل أوجه الدعم الممكنة للفلسطينيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المستشار الدبلوماسي سامح المشد يكتب: دراسة بيضاء لتحليل ذكرى يناير السوداء
نشر في الفجر يوم 21 - 01 - 2018

"هَٰذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ، إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ".. التحرير قضية دافعنا عنها أيما دفاع، وكتبنا عنها أيما كتابة، وناصرناها بكل ماأوتينا من قوة وعتاد، وقلم وحجة وبرهان، دفاعاً عن أمم أصيبت بأحد أشكاله المستحدثة بعد إنتهاء الحرب الباردة، والبحث عن سبل جديدة للغزو، وتحقيق أطماع التوسع بلا درهم أو دينار، ثمنا لطلقة رصاص يتكبدها المحتل في غزو عسكري، فتوجهنا كثيراً لقضايا التحرير الإقتصادي والفكري والسياسي، لكن قضية كالتي نحن بصددها أوغلت بنا الى ربع قرن مضى، تزلزلت بنا الى إحتلال عسكري أغتصبت فيه الأرض، واستبيح فيه العرض، وسالت الدماء الآذرية - دماء بني صلاح الدين الأيوبي- أنهارا بفعل محتل غاصب يدعى المحتل الأرميني.
فالإتحاد السوفيتي هو الذي رفع لواء الدم في أذربيجان قبيل نهايته، هو صاحب الإستيطان المسلح الأرميني، الذي زرعه في الأراضي الآذرية، وجمع تلك الأقليات من الشتات من تركيا وإيران، لخلق الوطن الخصيب للأرمن في أذربيجان.
ومن أجل تلك الأهداف السامية والوعد الذي أخذه الإمبراطور الروسي (لازريف) عن نفسه قائلاً :" أيها المسيحيون! حسب المعلومات الصحيحة التي بلغتني، لا يكتفي الماكرون بنشر معلومات كاذبة ولا معنى لها بل ويسعون إلى بث الرعد والخوف في قلوب الراغبين في النزوح إلى روسيا السعيدة وبالتالي منع تحقيق أحلامهم، للحيلولة دون هذا ونظرا لثقة الشعب الأرميني بي، والمهمة التي كلفني بها القائد العام، أفيدكم أن معالي حاكم روسيا يوفر للراغبين في النزوح ملاذا واعدا ومريحا وسعيدا في دولته، ستحصلون على الأراضي الخصبة التي سيزرع جزء منها لإحتياجات الدولة في المناطق التي ستختارونها، وفي إيروان وناخشوان وقاراباغ، ويتم إعفاؤكم عن كل ضريبة لمدة 6 أعوام وتقديم مساعدات لأفقرهم.
أما الأشخاص المدنيون الباقون هنا فيمكنهم إرسال عائلاتهم، وتعيين محامين لبيع ممتلكاتهم لمدة حوالي 5 أعوام، وذلك وفقا لمعاهدة تركمنتشاي، وأنا سأوصّل قائمة ممتلكاتهم الباقية الى ممثل دبلوماسي لدى المعالي عباس ميرزه أو المفوض، سترون في روسيا ظروف السماح بنشاط الأديان ومساواة الحقوق بين الروس ورعايا الإمبراطور الآخرين وستنسون كل همومكم، ستجدون هناك وطنا مأهولا بالمسيحيين ولن تشهدوا الضغوط على الدين المقدس، ستعيشون تحت حماية القوانين وستحسون بتأثيرها المفيد في نهاية المطاف، ستحسنون هناك معيشتكم وستحصلون على عوضا أكثر من مائة مرة بدلا من الضحايا القلائل الذين قدمتموهم. ستغادرون وطنكم العزيز، لكن فكرة عن أرض مسيحية قد تثير سروركم.
إن المسيحيين المتناثرين في ولايات إيرانية سيشاهدون الوحدة، ستعلمون كيف سيكرّمكم الإمبراطور الكبير لروسيا إحتراما لإخلاصكم. أسرعوا! إن الوقت قيم، سرعان ما ستغادر الجيوش الروسية حدود إيران، الأمر الذي سيصعب نزوحهم ولا نقدر على تولي مسئولية عن نزوحهم الآمن، ستحصلون على كل شيء من خلال تقديم ضحايا قلائل".. عقيد الإمبراطور الروسي والفارس لازاريف 30 مارس عام 1828، مدينة أورميه.
قاد جورباتشوف مذابح بشعة في أذربيجان، لأجل إعلاء قامة الأرمن، وقيمة وعد (من لايملك لمن لايستحق، في بلاد القوقاز)، وكان من أشهر تلك المذابح ماجرى في "يناير الأسود" أحداث جسام شهدتها الأراضي الآذرية، وحرب إنتفت فيها كل موازين القوى، ففريق لديه العدة والعتاد والإستعداد المخطط وهو الفريق السوفيتي رداء الأمن الأرميني، وفريق لديه الموت محقق من هول الفزع الأكبر وهو الفريق الآذري الأعزل، ثم يخرج السوفيت معلنا في تصريحاته عن عجزه عن إحتواء الأزمة وخوف جورباتشوف من تفاقم الحرب بين أذربيجان والأرمن ووصولها لحد الكارثة الوطنية.
الإتحاد السوفيتي يسلح الأرمن ويمدهم بالعتاد والدبابات والطائرات ويضع خطط الحرب ثم يشجب ويدين، ويظهر في دور أنه الذي يقوم بمحاولات فك الإشتباك بين الطرفين الآذري والآرميني، ومن أشهر التصريحات التي تثير العجب والإشمئزاز، والتي تعتريها سياسة المهادنة والكيل بمكيالين، وعدم الإعتقاد والعقيدة في شئ، تصريح جينادي جيراسيموف المتحدث بإسم الحكومة السوفييتية بأن حكومة موسكو عاجزة عن السيطرة على الموقف في جمهورية أذربيجان "وكأن أذربيجان هي التي أعلنت الحرب، وقادت الهجوم المسلح العدواني على ماتدعى أرمينيا".
في حين أنه في نفس الوقت يوم 19 يناير 1990 صرح (زاور رستم زاده)، رئيس بعثة أذربيجان في موسكو "أن أرمينيا شنت عدوانا مسلحا على أذربيجان مستخدمة الطائرات الهليكوبتر في إطلاق النار على القرى الأذربيجانية" ، تلك المذبحة كانت بالدبابات السوفييتية والطائرات الهليكوبتر السوفييتية، وبقيادة ديمتري بازوف وزير الدفاع السوفيتي، ثم يصرح السوفييت بهجوم الأرمن على المعسكرات العسكرية السوفييتية لسرقة السلاح المستخدم في المذبحة، وهي: ألف دبابة سوفييتية في أذربيجان- المدعى سرقتها- مأمورة بسحق الآذريين المدنيين العزل، والتي سحقت مايقرب من 500 مواطن آذري أعزل حتى جرت الدماء أنهارا في الأراضي الآذرية.
الغريب أيضاً أن الأرمن يدعون أن البادئ بالهجوم والمتخذ لقرار إعلان الحرب هم الأذريون أنفسهم دخلوا هذه الحرب، وتهيئوا لتلك المذبحة وهم عزل، وهم الضحايا في هذه المعركة، والدماء التي سالت آذرية، وكانت مصيدة هذه المذبحة معدة سلفا للأذربيجانيين.
لقد لعب الإتحاد السوفيتي كل الدور حتى يرسخ أقدام الأرمن في أذربيجان، فقد كانت كل المذابح البشعة والحروب بقيادته، والمستفيد منها هم الأرمن وكأنه لم يرد أن يخلف الوعد والعهد الذي أخذه على نفسه.
في ظل تلك التضاربات بين التصريحات تنتهج سياسة الأمر الواقع، وفي ظل وقوف أذربيجان سيادة وشعبا موقف المتهم بالهجوم المسلح على الأرمن، ومحاولة الإلمام بأذيال الحقيقة لدرء الإتهام بالباطل عنها، يكون الطرف الأرميني يجهز مقاطعاته للإستيطان والإحتلال، وفرض الهيمنة المسلحة على مايستطيع سلبه من الأراضي الآذرية، ولم يكتف بهذا فظل يلوك بألسنته أكاذيب أضحت حقيقة لديه، فأقام مخطط الدولة وطالب بالإعتراف بها، وإستند لإتفاقيات شرعها مستعمر، (إتفاقيتي جولستان وتركمانشاي)، اللتين قام بتوقيعهما المحتل السوفيتي، وإتخذ من الباطل المسربل بالشرعية ممرا لمقر الدولة الغير شرعية لإحكام قبضته على الأرض.
تصريحات كثيرة وردت في شأن 20 يناير الأسود 1990 والذي قدم فيه الإتحاد السوفيتى رجالاته وعتاده دعماً كاملاً للأرمن، وتظل التصريحات على هذه الشاكلة تشجب وتدين ويدعي الإتحاد السوفيتي أنه قامع لقوى التطرف من كلا الجانبين، إلا أنه حقيقة لاتتمارى فيها العقول ينفذ عهده تجاه الأرمن، ويتذكر في نهاية كل تصريح أنه لابد وأن ينحسر دوره لدور الرجل الثاني، وأن أرمينيا هي الفاعلة وإن هو إلا مؤيد بالرأي ورفض الدم، والنزاع المسلح بين الجانبين.
وفي وقت تعالي الصيحات ضد السوفييت وإستيضاح العالم للمؤامرة الممنهجة لصالح الأرمن ضد الآذريين صرح جورباتشوف "أن السوفييت ليس لهم دور في تصعيد هذه الأزمة حتى أن الأرمن هم من قاموا بالهجوم على أحد معسكرات الجيش السوفييتي للإستيلاء على العتاد والأسلحة وإستخدامها في مواجهة الآذريين"، في حين أن القوات السوفييتية وقيادتها كانت على خط المواجهة وأنها شاركت بإرادتها رجالات وسلاح في تصعيد الموقف العسكري، ثم تظهر أمام العالم في رداء القامع لقوى البغي والتطرف.
في يناير الأسود إخفاء لتلك الجريمة المنظمة البشعة ومعالمها، قام السوفييت بإلقاء جثث الآذريين في بحر قزوين، السوفييت هم الفاعلون لكل مذبحة بشعة شهدتها الأراضي الآذرية في القرنين الماضيين إقامة للدولة الأرمينية التي تشق بوجودها الصف الآذري المسلم، وإحقاقا للعهد المسمى بينهما، والعالم يشاهد والأقلام لا تبقي ولاتذر فكل سرد رؤيته، والتحليل السياسي يقوم بدوره، والتاريخ يفند الحقيقة بعيدة عن الكذب والأهواء والمصالح، أمام المنظمات الدولية، والقانون الدولي، وحق السيادة، وحق الشعب الآذري في تقرير مصيره، وحق الدم الذي يتطلب القصاص والثأر إن إقتضى الأمر.
كتبنا قرطاسا من أسطر الحقيقة أعملنا كل الجهد في سردها وتنقيحها، فلامراء ولازيغ فيها إبتغينا فيها وضع القضية الآذرية أمام العالم، والحق المستلب مريدين إسترداده بالقوة الناعمة البيضاء قوة الدبلوماسية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.