في منطقة "الورديان" إحدي أكبر المناطق شعبية في محافظة الإسكندرية، لجأ شاب في العقد الثالث من عمره إلى إنشاء مكتبة تحتوي على مئات من الكتب الأدبية والتاريخية، بداخل مقهي شعبي، وذلك بهدف نشر الثقافة بين الشباب وزائري المقهى وتغذية أرواحهم واجسدهم بسلاح الثقافة بدلا من سلاح التطرف والجهل. ففي الوقت الذي يلجأ فيه الشباب الى المقاهي ليخرجوا في النهاية بلا فائدة، خطط الشاب السكندري لفكرته التي جاءت بشعار "واجهوا الجهل بالمعرفة، حاربوا التطرف بالعلم، قاوموا الظلام بالتنوير"، لتكون "إفهم" هي الإسم الرسمي لمكتبته، حيث لجأت الفكرة إلى تغذية عقول زوار المقهى عن طريق قراءة الكتب الأدبية والتاريخية، والقصص والروايات، وغيرها من المجالات، أو إستعارتها للقراءة في مكان أخر دون أي مقابل مادي. يقول عماد فتحي، مدير المكتبة، وعضو اللجنة الشعبية لتنمية الإسكندرية، بدأت الفكرة في منطقة القباري عام 2014 عقب إنتهاء حكم الإخوان المسلمين، وكان الهدف هو محاربة التطرف بالعلم، والظلام بالتنوير، وهي الفكرة التى لقت نجاحًا كبيرًا بين أهالي وشباب المنطقة، وحرصت على الذهاب الى المكتبة وقراءة الكتب، حتى جائت فكرة إفتتاح فرع للمكتبة ولكن هذا المرة في داخل مقهي شعبي بمنطقة الورديان. وأضاف "فتحي"، رغم أننى لم أكمل تعليمي بعد حصولي على الثانوية العامة إلا أنني من هواة قراءة الكتب، لذلك سعيت عن طريق هذا الفكرة لعدم إحتكار الكتب التي حصلت عليها لنفسي، ونشرها وسط أهل منطقتي الورديان، وقمت بإنشاء المكتبة بداخل مقهي شعبي، بهدف أن نصل للناس ونقول لهم أن هناك أشياء ممكن أن نتحدث عنها بعيدًا عن الإرهاب والتطرف، فلا يمكن أن يكون في المناطق الشعبية إرهابين، ولابد من إنارة عقول الأهالي بالعلم والثقافة والإرتقاء بهم. وعن فكرة مكتبة "أفهم" أوضح فتحي، أن المكتبة إعتمادها الأكثر على الكتب الأدبية والتاريخية والشعر، ونرفض فكرة التبرعات المادية، ونستقبل تبرعات نت الكتب في أى وقت، لضمان وصولها إلى شباب وأهالي المنطقة أما عن طريق القراءة داخل المقهي أو إستعارة الكتب مجانًا فيأى مكان بشرط إحضار صورة من بطاقة الرقم القومي للمستعار. وتابع الشاب الثلاثيني، قائلًا:"فكرة القهوة أن الناس بدل ما تيجي تضيع وقت وخلاص، تيجي تتعلم حتى لو حرف أو كلمة، فالأهم انها تتعلم حاجه وهي قاعدة"، وتابع، بنحاول نعطي للناس أفكار بسيطة كتب يكسروا بيها الروتين بتاعهم، بدل جلوسهم في القهوة دون أي فائدة، فكلمتى لكل شباب أن الأمة لا ترتقي ألا بالعلم والقراءة. من جانبه قال الدكتور أحمد البغدادي، أستاذ القانون بجامعة بنها، أن فكرة مكتبة "أفهم" بسيطة ويمكن نشرها في أى مكان، فهي قائمة على ستاند لجمع الكتب وإعادة توجيهها للشباب دون أى مقابل مادي. وأضاف البغدادي، أن الفكرة تلعب على مرحلة سنية معينة وهي من مرحلة الطفولة وحتي سن الشباب، وفي هذا السن يعتبر مرحلة شد الأطفال والشباب للكتب صعب في الوقت الحالي خاصة مع إنتشار الأجهزة الحديثة ووجود الإنترنت، فلابد من اللعب على وتر الإختلاف من أجل نجاح الفكرة في شد هذه الفئات إلى الكتب والمجالات مرة أخري. وأوضح أستاذ القانون، أن الكتب والمجلات لازالوا يلعبان دورًا هامًا في المعرفة، فلابد أن يأخذوا حقهم بجانب الوسائل الحديثة التى تشهد تطور كبير مع مرور الوقت، ولذلك ففكرة مكتبة "أفهم" وتواجدها داخل مقهى شعبي فكرة متنوعه وغير تقليدية حيث تقوم على تشجيع الشباب على القراءة أثناء تواجدهم على المقهى بدلا من إضاعة وقتهم. وعن شعار الفكرة، تابع البغدادي، قائلًا:"لو فهمنا هنعرف ولو عرفنا دماغنا هتنور بالوعي وهنفهم اللى حوالينا، وبالتالي هنواجه التطرف وأى فكر متطرف"، مشيرًا إلى أن الفكرة حتى لو كانت ضعيفه في بدايتها فمع الوقت يجب تطويرها في المناطق والأحياء الشعبية الأخري لضمان إنتشارها ونجاحها أكثر.