أثارت الصفقة التاريخية لإنتقال البرازيلي "نيمار دا سيلفا" من نادي برشلونة الاسباني إلي باريس سان جيرمان الفرنسي مقابل 222 مليون يورو قيمة الشرط الجزائي في عقد اللاعب مع ناديه الكتالوني، جدلًا واسعًا في الوسط الكروي العالمي حول مدي مخالفة النادي الباريسي لقواعد اللعب المالي النظيف في تلك الصفقة، وهي القواعد التي وضُعت لحماية سلامة ونزاهة المسابقات وعمل تكافؤ بين الأندية وتحسين القدرة الاقتصادية لها وزيادة الشفافية والمصداقية. ما هي قواعد اللعب المالي النظيف؟ تنص قواعد اللعب المالي النظيف على عدم السماح للأندية بالإنفاق أكثر من ايراداتها أي عدم السماح للأندية بأن تكون انفاقاتها أكثر من دخلها ،ويستثنى من ذلك مصاريف الملاعب والبنية التحتية، في حين يدخل فيها كل الأجور سواء للاعبين أوالموظفين وباقي المصاريف التي لها علاقة بالنشاط الكروي عمومًا. واستحدث الاتحاد الأوروبي مؤخرًا لجنة خاصة لتطبيق القانون ومراقبة الإنفاق في الأندية وتم تحديد مقدار الخسائر للأندية (الفارق بين الدخل والانفاق) إلي 45 مليون يورو وقُلص إلى 30 مليون يورو في الموسمين السابقين (2015-2016/ 2016 - 2017)، والموسم المقبل (2017-2018) إلي 3 مليون يورو. وفي السنوات الأخيرة واجهت العديد من الاندية الأوروبية اتهامات بمخالفة قواعد اللعب المالي النظيف أبرزها صفقة إنتقال البرازيلي نيمار دا سيلفا من سانتوس البرازيلي إلي برشلونة الاسباني في صيف 2013، وما صاحب تلك الصفقة من قضايا واتهامات ضد النادي الكتالوني بمخالفة تلك القواعد، وتم معاقبة النادي بالحرمان من أي تعاقدات حتي صيف 2015 وغرامة مالية. ماذا لو تم تطبيق قواعد اللعب المالي النظيف في مصر؟ نلاحظ في السنوات الأخيرة تغير وطفرة كبيرة في اسعار اللاعبين المصريين وبدأنا نسمع عن أرقامًا خيالية في صفقات الأندية المصرية سواء في التعاقدات مع اللاعبين الأجانب أو حتي المصريين وهي بالتأكيد تتجاوز حجم إيراداتها، ويأتي ذلك ليتماشي مع التغير الكبير الذي حدث في سوق الانتقالات في مختلف أنحاء العالم في الفترة الماضية..وهنا نستعرض ماذا كان سيحدث في حالة تطبيق قواعد اللعب المالي النظيف في مصر؟ وأكثر المتضررين من ذلك:- 1- صفقات الزمالك "باي باي": في حالة تطبيق قواعد اللعب المالي النظيف في مصر بالتأكيد سيكون نادي الزمالك أكثر المتضررين ولن يستطيع إبرام هذا الكم الكبير من الصفقات كل موسم والتي وصلت إلي 21 صفقة بالموسم الحالي بقيمة اجمالية تجاوزت حاجز ال(100 مليون جنيه) وهو بالتأكيد مبلغ يزيد كثيرًا عن حجم إيرادات النادي الابيض خاصة وأن الأخير مديون لبعض لاعبيه السابقين والحاليين ببعض المستحقات المتأخرة والتي تُقدر بملايين الجنيهات وكانت العقوبات ستلاحق النادي حال إصراره علي ابرام تلك الصفقات..وجاءت صفقات الزمالك هذا الموسم كالتالي: محمود علاء (12 مليون جنيه) - علاء الشبلي (بدون مقابل) - مؤيد العجان (4 مليون و500 ألف) - أحمد داوودا (8 مليون جنيه) - صلاح عاشور (3 و500 ألف جنيه) - أحمد مدبولي (4 مليون جنيه) - أحمد مجدي (بدون مقابل) - عبد الله جمعة ومحمد الشامي (22 مليون جنيه) - محمد رمضان (6 مليون) - كاسونجو (15 مليون) - أحمد كابوريا (8 مليون) - رزاق سيسيه (7 مليون) - اتشيمبونج (3 مليون) محمد اشرف ( 9 مليون جنيه). كما عاد 6 لاعبين إلي الزمالك بعد انتهاء اعارتهم ولكن دون مقابل وهم: حازم إمام (الاتحاد) - إبراهيم عبد الخالق (المقاولون) - خالد قمر (الاتحاد) - يوسف أوباما (وادي دجلة) - محمد كوفي (الاتفاق السعودي) - مصطفى محمد (الداخلية). 2- الأهلي يخسر أغلي صفقة في تاريخ الكرة المصرية: يعتبر الجابوني ماليك إيفونا مهاجم الأهلي السابق والذي انتقل إليه من الوداد البيضاوي المغربي الصفقة الاغلي في تاريخ الكرة المصرية حيث بلغت قيمتها 2.5 مليون دولار أي وفقًا لسعر الدولار اليوم تُعادل حوالي (45 مليون جنيه) وبالتأكيد في حالة تطبيق قواعد اللعب المالي النظيف كان لن يستطيع الأهلي إبرام تلك الصفقة. 3- الأفارقة يبتعدون عن "القطبين": كان الأهلي والزمالك سوف يعجزون عن ابرام العديد من الصفقات للاعبين الأفارقة والتي تمت في السنوات الأخيرة حال تطبيق قواعد اللعب المالي النظيف في مصر وذلك مثل: النيجيري جونيور أجايي الذي انضم للأحمر مقابل 2مليون و200 ألف دولار (39 مليون جنيه)، وكذلك الغاني جون آنطوي مهاجم الأهلي الذي تعاقد معه مقابل 1.5 مليون دولار (27 مليون جنيه مصري)، ولن ينضم الكونغولي كاسونجو للزمالك والذي تعاقد معه مؤخرًا مقابل 15 مليون جنيه مصري خاصة وأنه جاء ضمن كتيبة صفقات تجاوزت قيمتها ال100 مليون جنيه. 4- انخفاض أسعار اللاعبين المصريين: شهد سوق الانتقالات المصرية في السنوات الأخيرة ارتفاع كبير في اسعار اللاعبين المصريين والتي تجاوزت حاجز ال10 ملايين جنيه وهي أرقام ومبالغ خيالية لم نسمع عنها من قبل خاصة اذا علمت أنها دُفعت للاعب يقارب سن ال30 من عمره بالاضافة أنه لاعبًا غير دوليًا، ومن أبرز الصفقات اللاعبين المحليين في مصر، مروان محسن مهاجم الأهلي (10مليون جنيه)، ومحمود علاء مدافع الزمالك (12 مليون جنيه)، ميدو جابر لاعب الأهلي (9 مليون جنيه)، وهشام محمد الذي انضم للاهلي مقابل (9 مليون جنيه + 3 لاعبين بقيمة 6 مليون جنيه) وغيرهم الكثير..وفي حالة تطبيق قواعد اللعب المالي النظيف في مصر بالتأكيد كانت الأندية المصرية ستفكر كثيرًا قبل دفع ملايين الجنيهات لضم لاعب محلي حتي لا تخالف تلك القواعد في مجمل صفقاتها وذلك كان سيؤدي إلي انخفاض اسعار اللاعبين عما هي وصلت إليه الآن. 5- تورط اعضاء الجبلاية في قضايا فساد مالي: في ظل العشوائية التي تدار بها كرة القدم في مصر والفساد الذي يشوب المنظومة الكروية بالكامل بما فيها اتحاد الكرة والأندية والتجاوزات التي تحدث في الوسط الكروي المصري، فلن يكون غريبًا في حالة تطبيق قواعد اللعب المالي النظيف أن نسمع عن تورط بعض أعضاء مجلس الجبلاية وبعض المسؤولين بالأندية في قضايا خاصة بالفساد المالي ومخالفة قواعد اللعب النظيف سواء من باب المجاملات و الوساطة أوالرشاوي والمصالح الشخصية التي تحكم المنظومة عمومًا في الوقت الحالي.