شهدت المناظرة الأخيرة بين مرشحي الرئاسة الفرنسية مارين لوبان زعيمة حزب الجبهة الوطنية ممثلة تيار اليمين المتطرف، وإيمانويل ماكرون المرشح المستقل، أجواء شرسة بين الطرافين، متبادلين انتقادات واتهامات لاذعة، وهو ما وصفه المختصون بالشئون الدولية ب"وصلة ردح" لا تليق بمرشحي الرئاسة الفرنسية، مستنكرين اهتمامهم بالقضايا الداخلية لفرنسا، والابتعاد عن ملف الشرق الأوسط. وتبادل قطبا الانتخابات الرئاسية الفرنسية، مرشحا حزب " إلى الأمام" و"الجبهة الوطنية"، الاتهامات خلال "المناظرة التليفزيونية الحاسمة"، والتي عرضت مساء الأربعاء، بهجمات متبادلة شديدة قبل انطلاق الجولة الثانية من الانتخابات، يوم الأحد المقبل.
وهاجمت لوبان ماكرون ووصفته ب "مرشح العولمة المتوحشة والحرب"، وبالرجل المصرفي الذي لم يتملك رؤية واضحة لمستقبل فرنسا، وقالت: "عندما كنت وزيرا للاقتصاد لم تقم بأي جهد لتحسين الاقتصاد بل على العكس تراجع اقتصادنا".
من جانبه، شكر ماكرون غريمته على هجومها الكلامي، وقال" أنتِ لا تمثلين الديمقراطية المنفتحة.. ولم أنتظر أي شيء منك"، معتبرا أنها: "الوريثة الحقيقة للحزب اليميني المتطرف في فرنسا"، متهما إياها بسرد الأكاذيب التي "لن تنطلي على الشعب الفرنسي".
وجاء أيضًا خلال المناظرة، مواجهة "ماكرون" منافسته في اتهامها بشأن علاقته بالجماعات المتطرفة، وتساهله معهم وطالبها بتقديم ما لديها من دلائل ومقاضاته أمام المحاكم الفرنسية حال ثبوت تلك الاتهامات، وعقب قائلاً: "كوني محترمة.. أنا احترمك، فكوني محترمة مثلي"، محذرًا من أن أفكارها وبرنامجها الانتخابي سيقودان البلاد إلى حروب أهلية حال فوزها بسبب سياسة التمييز التي تعتزم اتباعها، واعتبر أن الإرهابيين يأملون في فوز لوبان.
"ماكرون" يفوز في استطلاعات الرأي وأظهر استطلاع فوري للرأي، أن ماكرون، كان أكثر إقناعاً من منافسته زعيمة "الجبهة الوطنية" مارين لوبان في هذه المناظرة التي جرت قبل أيام قليلة من موعد جولة الانتخابات الحاسمة، ووفقا لاستطلاع أجراه معهد أبحاث "إيلاب"، فإن "ماكرون" تقدم أشواطا خلال المناظرة التلفزيونية مع منافسته " لوبان"، ف 63% من المشاهدين اعطوا الأفضلية لماكرون خلال المناظرة التلفزيونية، فيما رأى 34% منهم أن لوبان تفوقت على منافسها.
آراء الصحف الفرنسية اعتبرت الصحف الفرنسية، اليوم الخميس، أن المناظرة التلفزيونية بين المرشحين للانتخابات الرئاسية الفرنسية، اتسمت بعنف غير معهود.
وكتبت صحيفة "لو فيجارو"، على صفحتها الأولى، أن ماكرون ولوبان تواجها مساء الأربعاء: "في مناظرة عنيفة بشكل غير معهود لم تكن غالبًا بالمستوى المطلوب ولم ترق إلى حوار على مستوى الحدث".
وأضافت: "من الصعب وصف الشجار الذي دار مساء الأربعاء بأنه مناظرة"، فيما ذكرت صحيفة "لوموند" أن "النقاش كان قاسيا وعنيفا من البداية حتى النهاية".
وقالت صحيفة "لو باريزيان": "لم نشهد يوما مناظرة تنظم بين الدورتين بهذا العنف"، مشيرة إلى "أننا ما زلنا لا نعلم شيئا عن جوهر البرامج".
وذكرت صحيفة "ليبيراسيون" أن "هناك أمورًا كثيرة يمكن قولها عن مشروعات إيمانويل ماكرون لكن ليس بهذا الأسلوب، ليس باستخدام المدفعية الثقيلة التي تفتح النار عشوائيا على الهدف نفسه".
أما صحيفة "ميدي ليبر" فأشارت إلى أن المرشحين "تبادلا اللكمات على الحلبة المتفجرة للانتخابات الرئاسية"، معتبرا "أنها إحدى المواجهات التلفزيونية الأكثر عنفا وفوضوية".
ليست مناظرة بالمعنى الحقيقي يهمه أن تكون فرنسا منفتححة وفيها مهاجرين وبالتالي فيه منظره ولا برنامجه طرد المهاجرين أنه فتح باب للإخوان أيًا كان معاملته مصلحة فرنسا فوق كل اعتبار ويقف على مسافة واحدة.
وصلة "ردح" وفي سياق ما سبق قال الدكتور سعيد اللاوندي، خبير العلاقات الدولية، إن المناظرة الأخيرة لمرشحي الرئاسة الفرنسية ليست مناظرة بالمعنى الحقيقي بقدر ما كانت وصلة "ردح" بين الطرافين، فاتهم ماكرون غريمته لوبان تبني مفاهيمها على أكاذيب، وأنها ستقود البلاد لحرب أهلية، بينما الأخيرة اتهمته بأنه يدعم الجماعات المتطرفة، ووزيرًا اقتصاديًا فاشلاً بشكل لا يليق، مشيرًا إلى أن المناظرة أظهرت كرهية كلا منهم لبعض، وهو عكس ما تشهده المناظرات الانتخابية في الدول المتقدمة.
وأضاف "اللاوندي"، في تصريح خاص ل"الفجر"، أن المناظرة أضافت إلى "ماكرون"، بشكل كبير، موضحًا أنه كان يتسم بالثقة، بعكس "لوبان" كانت ضعيفة في نقاط كثيرة أبرزها اتهامه بانه وزير اقتصاد فاشل، متوقعًا أن "ماكرون حاليًا باب النجاح مفتوح أمامه وفرصته أكبر، مدللاً على كلامه بنسبة استطلاعات الرأي وخاصة أنها المناظرة الأخيرة.
"ماكرون" سيتعاون مع الإخوان وقطر وبسؤاله عن موقفه تجاه جماعة الإخوان المسلمين، لاسيما عقب تصريحات غريمته بدعمه للمتطرفين، أردف خبير العلاقات الدولية، أن "ماكرون"، يهمه أن تكون فرنسا منفتحة على جميع البلدان، عن طريق دعم المهاجرين أي كان جماعات الإخوان المسلمين أو غيرهم، للاستفادة الاقتصادية، لافتًا إلى أن المناظرة أوضحت دعمه المطلق لجميع البلاد ومنهم "قطر"، فأولوية بلاده فوق كل اعتبار، ومن المتوقع أنه سيقف على مسافة واحده مع الجميع، ولن يعادي أحد لصالح آخرون.
الطرافين مفتقرين الرؤية في مكافحة الإرهاب بينما أوضح الدكتور طارق فهمي، استاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأمريكية، أن البرنامج الانتخابي ل"ماكرون"، كان واضع في ملف الإرهاب، فهو أكد أنه سوف يقوم بمهاجمة التنظيمات التي أطلق عليها "اليمنية"، ومهاجمة الأيدولوجيات المتطرفة والدينية، وهو ما استغلته غريمته لاتهامه بأنه لا يتبنى خطابًا مباشرًا في التعامل مع التنظيمات الإرهابية المتطرفة، لافتًا إلى أن موقفها في هذا الملف ضعيفًا جدًا.
أضاف "فهمي"، في تصريح خاص ل"الفجر"، أن الطرافين ليست لديهم رؤية جديدة من خلال هذه المناظرة، في ملف الإرهاب، ولاسيما ربطها بقضايا داخلية متعلقة بالمد اليميني في باريس.
علاقات قوية بدول الخليج بعكس إيران وعن رؤية المرشحين لقضايا الإقليم والمنطقة العربية استطرد أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأمريكية، قائلاً: "إن ما يقوله ماكرون بشكل صريح غريمته تقوله بطريقة ملتوية، وبالنسبة للتعامل مع إيران لاتوجد استيراتيجية واضحة في التعامل معها أو استكمال الاتفاق النووي بصورته الكاملة، أما بالنسبة للخاريج فنظرتها لها اقتصادية واستثمارية لفتح الأسواق والاستثمارات، فهيكون هناك علاقات قوية للبادل الاقتصادي المشترك".
ملف الشرق الأوسط وتابع أستاذ العلاقات الدولية، أما لوبان، تحدثت عن نموذج أطلقت عليه الرشادة الاقتصادية والسياسية، ما يخدم فرنسا ستتعامل به، وما لا يخدمها تحجم علاقة فرنسا به، مشيرًا إلى أن الطرافين متفقين في ملف الشرق الأوسط على شبة الثوابت الفرنسية، فكيان فرنسا كان بطل المناظرة، أمَ موقفهم من الصراع السوري واليمني والقضية الفلسطنية غير واضح.