العشماوى ينتظر الترميم منذ 25 عامًا.. والصالح لم يرمم منذ نصف قرن ليس مقبولا أن تختزل وزارة الآثار الاهتمام بالآثار الإسلامية فى شارع المعز والقلعة ومسجد محمد على، فما خلفته الحضارة الإسلامية فى مصر من تراث تاريخى يتعدى ذلك بكثير، ولكن يبدو أن مسئولى الوزارة لا يقومون بجولاتهم التفتيشية سوى على أشهر المزارات فقط. الحقيقة، يعانى قطاع الآثار الإسلامية فى مصر من الإهمال والفساد المتمثل فى إهدار ملايين الجنيهات، بين مساجد ومنازل أثرية تكلف ترميمها مبالغ طائلة لتصبح أسوأ وأخرى تنتظر الترميم، على سبيل المثال لا الحصر.. ينتظر مسجد درويش العشماوى الموجود بمنطقة العتبة، والذى أسسه الأمير عباس حلمى عام 1850، دوره فى الترميم منذ 25 عاما، وتحديدًا بعد الأضرار التى خلفها عليه زلزال 1992. مسئولو وزارة الآثار اكتفوا بوضع أعمدة حديدية لتدعيم الأماكن الأكثر ضررًا داخل المسجد لحين البت فى أمر ترميمه، أما مسجد الصالح طلائع آخر مساجد العصر الفاطمى والموجود بمنطقة الدرب الأحمر، فوضعه أكثر خطورة، حيث يعانى مشاكل كبيرة، لعل أبرزها غمر ساحته وصحنه بمياه الصرف الصحى والقمامة، الخطير فى أمر هذا المسجد التاريخى أنه لم يتم ترميمه منذ عام 882 هجريًا، وتحديدًا فى فترة حكم السلطان الأشرف قايتباى لمصر. أما محكمة الرويعى التى شيدها محمد على باشا عام 1830 ميلاديًا، لتكون مقرًا للمحاكم المختلطة وتتولى الفصل فى المنازعات بين الأهالى والأجانب، الحكومات المتعاقبة على حكم مصر تركت هذه المحكمة التاريخية فى حالة يرثى لها، حيث احتل الباعة الجائلون محيطها وعلقوا بضاعتهم على أسوارها، هذا من الخارج.. أما من الداخل فصارت مرتعًا للحيوانات الضالة ومقلبًا للقمامة ووكرًا للمخدرات. الحال فى منزل عبدالواحد الفاسى الموجود فى شارع السبع قاعات القبلية بمنطقة الجمالية والمسجل أثرا برقم 225 وتابع لمنطقة آثار جنوبالقاهرة فلم يختلف كثيرًا عن سابقيه، إلا أنه تم ترميمه ب32 مليون جنيه قبل أن تغرقه مياه الصرف الصحى، ما تسبب فى مشكلة كبيرة لأهالى المنطقة، حيث تحول المنزل إلى خرابة تملؤها مياه الصرف الصحى وتفيض منها إلى الشوارع، فاضطر الأهالى إلى وضع سلالم خشبية فى وسط الشارع للمرور عليها فوق المياه. تعقيبًا على ذلك قال سامح الزهار الأثرى بقطاع الآثار الإسلامية ل«الفجر» إن 90% من مشروعات الترميم غير سليمة، وهى دليل واضح على إهدار المال العام، وما حدث فى قصر إسماعيل باشا المقدم الموجود بوسط البلد يفسر ذلك، حيث تكلف ترميم القصر 200 مليون جنيه منذ 10 سنوات، وعلى الرغم من ذلك سقفه الآن آيل للسقوط، وهناك عدد هائل من الشقوق المنتشرة على جدرانه، كما أن إدارة المشروعات بالوزارة تستغله كمقر إدارى لعدد من الموظفين، وهذا خطأ كبير، فالمكان أثرى وتاريخى، وتواجد مئات الموظفين به يوميًا سيؤثر سلبًا بالتأكيد على حالته، ليس ذلك فحسب، بل إن مسجد الظاهر بيبرس تكلف ترميمه 50 مليون جنيه قبل أن يتوقف بدون مبرر واضح منذ عام 2009 وحتى الآن. وأشار الزهار إلى مسجد الجامع العباسى الشهير بمحافظة الإسماعيلية، والذى جمع الأهالى تبرعات لترميمه على نفقتهم الشخصية بلغت قيمتها مليون جنيه، الغريب أن الوزارة رممته بهذا المبلغ على أعلى مستوى، وهذا دليل آخر على أن الأموال التى تصرفها الآثار على مشاريع الترميم مبالغ فيها، فبمليون جنيه فقط تم ترميم مسجد كبير بحجم العباسي، وتساءل: لماذا تصرف إذًا مئات الملايين أحيانًا لترميم أماكن مماثلة؟ وطالب بإنشاء لجنة من الرقابة الإدارية لتقدير القيمة الفعلية لترميم المناطق الأثرية والرقابة على هذه المشروعات. وأكدت هبة عبدالعزيز، مفتش آثار إسلامية ما قاله الزهار، فقالت إن إهمال الكثير من الآثار الإسلامية تسبب فى وجود تعديات لا حصر لها عليها، حيث تعدى الأهالى على جبانة محمد على بعزبة خيرالله الموجودة فى منطقة مصر القديمة، والتى كانت قلعة لتصنيع البارود واستخدمها المخرج يوسف شاهين خلال تصوير فيلم الناصر صلاح الدين، حيث استولى الأهالى على الحرم الخاص بها، وبنوا بيوتًا وكافيهات، وتطور الأمر إلى بناء ملعب كرة قدم أمام بوابتها، يتم تأجيره بالساعة على مرأى ومسمع من الوزارة والحى وشرطة السياحة والآثار. واعترف الدكتور حجاج إبراهيم، أستاذ الآثار والترميم والفنون، بتعرض عدد من الآثار الإسلامية للتدمير بعد ترميمها، فبالرغم من أن أهم قواعد الترميم هى صيانة الأثر دون أن يفقد أثريته وعدم استخدام مواد ضارة به، إلا أنه تم استئصال قبه سيدنا الحسين المصنوعة من الخشب، والتى كانت سليمة بنسبة 100% بأخرى مصنوعة بألمانيا من المعدن، ما أفقد الأثر أثريته، وعند ترميم مسجد عمرو بن العاص تم استخدام مادة البيتوفين البلاك بطريقة خاطئة دون أن يتم دهن السطح بالجير قبلها فتساقط البلاك على المصلين من شدة الحرارة.