أثارت أزمة الديون الأمريكية مخاوف عدد من الخبراء ومحللى أسواق المال، من إمكانية تأثيرها بالسلب على البورصة المصرية، لاسيما وأنها قد تنذر بوقوع أزمة مالية عالمية جديدة، إلى جانب تزايد حالة من القلق بين الأسواق في آسيا وأوروبا من احتمال تخلف الولاياتالمتحدة عن السداد لاول مرة في تاريخها. وأشار الخبراء إلى أن الأوضاع الداخلية فى مصر الناجمة عن تداعيات ثورة 25 يناير غطت على الأحداث الاقتصادية العالمية، فضلاً عن أن البورصة المصرية لا تزال تعانى من حالة عدم الإستقرار السياسى والاقتصادى على المستوى المحلى .
وقال ياسر درويش، مدير الاستثمار بشركة "أرتوك جروب" للاستثمارات المالية، أن البورصة المصرية ستتأثر سلباً فى حالة عدم التوصل لاتفاق أزمة الديون الأمريكية وعدم القدرة على السداد، مستبعداً فى ذات الوقت تعثر الولاياتالمتحدة فى سداد ديونها، لأن هذا لا يمثل فقط انهيار الاقتصاد الأمريكى فقد وإنما يمتد ليشمل النظام المالى العالمى.
وأضاف دوريش أن التأثير لن يكون بنفس الدرجة التى كان عليها السوق أثناء الأزمة المالية العالمية، لافتاً إلى أن التأثير سينحصر فى عدد من الأسهم مثل أوراسكوم للإنشاء والصناعة والبنك التجاري الدولي وأوراسكوم تيليكوم، وهم من الأسهم القيادية في البورصة المصرية والمفضلة لدى الأجانب، بالإضافة إلى إدراجهم كشهادات إيداع دولية فى بورصة لندن.
وأوضح مدير الاستثمار بشركة "أرتوك جروب" للاستثمارات المالية، أن الأوضاع الداخلية غطت على الأحداث الاقتصادية العالمية، فضلاً عن أن البورصة المصرية لا تزال تعانى من حالة عدم الإستقرار السياسى والاقتصادى على المستوى المحلى، لافتاً إلى أن الأمال معلقة علي المحادثات الدائرة حاليا بهدف التوصل إلي صيغة للتعامل مع الأزمة ديونها في الثاني من اغسطس المقبل.
واتفق مع الرأى السابق مصطفى بدره، خبير أسواق المال، وقال أن تركيز المتعاملين فى البورصة المصرية على الأحداث العالمية تضاءل أمام تداعيات ثورة 25 يناير، مدللاً على ذلك بأزمة الديون الأوروبية وأبرزها اليونان والتى استحوذت على اهتمام العالم على مدار الثمانية أشهر الماضية. وأوضح أن البورصة المصرية بطبيعتها جزء من سوق المال العالمية لذا فإن التأثر بالأحداث العالمية يعتبر طبيعي، فلا يمكن عزلها عما يحدث في العالم
وأشار مصطفى بدره، إلى أن حجم تعاملات المستثمرين الأجانب قد تأثر بالفعل، إلى جانب الإتجاه البيعى لهم منذ فترة وجيزة، مؤكداً أن حدوث أى أزمة عالمية جديدة سوف يزيد من معدلات الخروج من السوق المصرى بشكل أكبر إلى جانب عدم وجود محفزات استثمار بالإضافة إلى عدم الإستقرار السياسى فى السوق المحلى.
وأوضح أن الاقتصاد المصرى سوف يتأثر بالتأكيد بأزمة ديون أمريكا الأمر الذى قد يؤدى إلى تراجع الصادرات المصرية إلى السوق الأمريكية، إلى جانب تخفيض حجم المساعدات التى تقدمها الولاياتالمتحدة للعالم الخارجى، وإمكانية إسقاط الديون، أو مبادلتها لبعض الدول ومنها مصر، فضلاً عن تأثر حركة السياحة القادمة من أمريكا والتى تمثل نسبة ليست بقليلة من إجمالى السائحين القادمين إلى مصر.
وأشار مصطفى بدره إلى أن تلك الأزمة من شأنها التأثير بالسلب على الاستثمارات المصرية فى السندات وأذون الخزانة الأمريكية، التى تشمل جانباً من الاحتياطى النقدى لدى البنك المركزى وغيرها، مضيفاً أن هناك إحصاءات عالمية نشرتها صحيفة الجارديان البريطانية مؤخراً قدرت حجم الاستثمارات المصرية فى السندات وأذون الخزانة الأمريكية بنحو 13.6 مليار دولار.
ومن جانبه، قال إيهاب السعيد، عضو مجلس إدارة شركة أصول لتداول الاوراق المالية، أن أمريكا قد تتخلف عن سداد ديونها لأول مرة فى تاريخها وتفقد تصنيفها المميز AAA وهو أعلى تصنيف ممكن، الأمر الذى قد يؤدى إلى إنكماش فى الاقتصاد العالمي، كما يؤدي الى الكساد التضخمى.
وأشار إيهاب السعيد إلى أنه فى حال تخلف الولاياتالمتحدةالامريكية عن سداد دين لإحدي الدول ستواجه ضغط من باقى الدول للمطالبة بمديونيتهم، وتوقع أن يتم حل المشكلة بعد موافقة الجمهوري على خفض عجز الموازنة.
وعن تأثير أزمة الديون على الاقتصاد المصرى، قال "السعيد " أن ارتفاع معدلات التضخم عالميا واتجاه المركزى الاوروبى لتشديد السياسة النقدية يعنى تباطؤ فى معدلات النمو فى منطقة اليورو، وبالطبع قد يقلل هذا من الطلب على الصادرات المصرية، لافتاً إلى التأثير يمتد إلى عدوي التضخم التى تصدر لنا مع ارتفاع فى أسعار المواد الأولية وأسعار السلع الغذائية.
وأضاف أن انخفاض قيمة الدولار قد يخفض من قيمة الاحتياطى النقدى للمركزى المصرى أمام بقية العملات نظرا لكونه بالدولار، بخلاف ارتباط الجنيه المصرى بالدولار ولهذا نشهد صعود غير عادى فى أسعار اليورو أمام الجنيه الذى انخفض بشكل كبير سواء بسبب الأحداث الأخيرة أو حتى انخفاض قيمة الدولار أمام العملات الأخرى.
وأوضح إيهاب السعيد ان الاقتصاد المصري سوف يتأثر بشكل ملحوظ بهذة الازمة فى ظل عجز الموازنة والمطالبات الفئوية التى لا تعلم حجم الخطر الذى يواجه مصر الان عدا عن اضطرارها لزيادة مخصصات الدعم لتعويض الفارق الكبير فى أسعار السلع والتى من المتوقع أيضا ان ترتفع أكثر وأكثر خلال الشهور القادمة لتضيف مزيد من الأعباء على الدولة بشكل عام لا سيما وأنها تعانى أصلا من نقص حاد فى مواردها.
وفى سياق متصل واصل الكونجرس الامريكي المنقسم بشدة يوم الاثنين دراسة خطط مختلفة للميزانية يبدو من المستبعد ان تنال مساندة واسعة النطاق لتقترب الولاياتالمتحدة أكثر من انخفاض تصنيفها والتخلف عن سداد ديون وقد يمتد تأثير ذلك للاسواق العالمية.. ومع اقتراب الموعد النهائي للتوصل لاتفاق في الثاني من أغسطس رفض المشرعون بشدة تقديم تنازلات وانهارت المحادثات مرة اخرى في مطلع الأسبوع. وانقسم الجمهوريون والديمقراطيون الى معسكرين يعد كل منهما مقترحاته بمعزل عن الآخر.
وتنتاب حالة من القلق الأسواق في أسيا وأوروبا من احتمال تخلف الولاياتالمتحدة عن السداد لاول مرة في تاريخها. وقال رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الامريكي) بن برنانكي ان من شأن ذلك ان يؤدي "لعواقب كارثية" للولايات المتحدة والاقتصاد العالمي. ولم تشهد السوق تهافتا على البيع جراء قلق الاسواق وهو ما كان يخشاه بعض الساسة في واشنطن عقب انهيار المحادثات في مطلع الاسبوع.
وبعد أسابيع من المفاوضات المضنية وتبادل الاتهامات وتسجيل نقاط سياسية يبدو أن الجانبين مازالا أبعد ما يكون عن التوصل لاتفاق لخفض العجز في الميزانية يسمح للكونجرس برفع سقف الاقتراض الذي يقف عند 14.3 تريليون دولار.