تمر اليوم الخميس، الذكرى الرابعة لوفاة البابا شنودة الثالث، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، وهو البابا رقم 117، الذي كان أسقف للتعليم المسيحي قبل أن يصبح البابا، وهو رابع أسقف أو مطران يصبح البابا بعد البابا يوحنا التاسع عشر (1928 - 1942) ومكاريوس الثالث (1942 - 1944) ويوساب الثاني (1946 - 1956). وجاء حفل تتويج البابا (شنودة) للجلوس على كرسي البابوية في الكاتدرائية المرقسية الكبرى بالقاهرة في 14 نوفمبر 1971 وبذلك أصبح البابا رقم (117) في تاريخ البطاركة، بعد أن مات البابا كيرلس في الثلاثاء 9 مارس 1971، حيث أجريت الانتخابات على المنصب في الأربعاء 13 أكتوبر. ولأهمية منصب البابا في مصر، فدائمًا ما يرتبط بابا الكنيسة بالرؤساء، وتخلق بينهما علاقة يحدد شكلها بحسب طبيعة البابا والرئيس، وعاصر البابا شنودة الرئيسين السادات ومحمد حسني مبارك، وجمعتهم مواقف مختلفة، بينما لم يلتقي الرئيس الراحل جمل عبدالناصر. وبمناسبة الذكرى الرابعة لوفاة البابا شنودة الثالث رصدت «الفجر» مواقفه مع الرؤساء السابقين، وحديث عن الرئيس عبدالناصر قبل توليه الباباوية. حديثه عن الرئيس «جمال عبدالناصر» ارتبط الرئيس الراحل جمال عبدالناصر في عهده بالبابا كيريليس، حيث كانت تربطهما علاقة قوية، وفي عهده كان شنودة أسقفا للتعليم، حيث ألقى في يونيو 1966 الأنبا شنودة وقتها محاضرة تحت عنوان« إسرائيل في رأي المسيحية» في ظل تواجد 12 ألف شخص امتلأت بهم نقابة الصحفيين وشارع عبد الخالق ثروت. وخطب شنودة قائلاً: «فإذا كان الرب يريد أن يرسل جمال عبد الناصر سيف تأديب لهذا الشعب، فإن هذا يكون خيرا روحيا لهم». وبعد وفاة البابا كيرليس السادس في 9مارس عام 1971 بعد أن قضى في مقعد البطريركية 11 سنة و9أشهر تم اختيار الانبا شنودة بعد القرعة الهيكلية في 31أكتوبر 1971، أي بعد وفاة الرئيس جمال عبدالناصر في 28 سبتمبر من عام 1970. «السادات» وخلافات ثم عزل وبعد وفاة الرئيس عبدالناصر وتولي «شنودة الثالث» الباباوية، جاء «السادات» خلفا لعبدالناصر، حيث مرت أشهر قليلة لتأتى القرعة الهيكلية ب" البابا شنودة الثالث" بطريركًا للأقباط الأرثوذكس، لتخلق علاقة جديدة بين الرئيس والبابا، والتي مرت بخلافات عديدة وصلت إلى اتهام السادات له بأن هناك مطامع سياسية للبابا وأنه يعمل على أن يكون زعيما للأقباط في مصر، ويسعى لإنشاء دولة للأقباط في صعيد مصر تكون عاصمتها أسيوط. وبدأت علاقة البابا شنودة الثالث (3 أغسطس 1923 – 17 مارس 2012)، بالرئيس الراحل محمد أنور السادات (1918 1981) بالمودة عندما عملا سويا بجريدة الجمهورية عام 1953م، وكان السادات متحمسا للأنبا شنودة واستشار ممدوح سالم وزير الداخلية وقتها الذي زكي شنودة. ولكن المودة لم تدم ودب الخلاف بين الرئيس السادات والبابا شنودة عام 1978 بعد توقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل حيث استدعي السادات البابا شنودة في منزله محاولا إثنائه عن موقفه المتشدد تجاه إسرائيل والسماح للأقباط بزيارة القدس للحج هناك، وكذلك أن يرافقه رحلة المعاهدة. وكان رد البابا شنودة قاسيا على السادات بقوله إن المسيحيين لن يدخلوا القدس إلا مع إخوانهم المسلمين عقب تحرير القدس. وعقب ذلك وقعت أحداث الخانكة التي كانت في عام 1972، لتكون الوقود الذى أشعل الأزمة بين البابا شنودة والرئيس السادات، خاصة بعد وقوع الفتنة الطائفية بين المسيحيين والمسلمين. ثم أتى عام 1981 ليعقد السادات مؤتمرا صحفيا عالميا في ميت أبوالكوم، ويشن على البابا هجوما عنيفا قائلا :«ليس هناك شخص أحدث ضررا بشعبي مثلما قام به هذا الرجل، وسوف يدون التاريخ أن هذا الرجل هو الذي حطم شعبي المسيحي والذي هو جزء من شعبي المصري، لأنه جزء من التاريخ، لأنهم هنا في هذا المكان الذي توجد فيه ميت أبو الكوم.. فإن نصف الارض في ضواحيها من المسيحيين». وبعدها ذهب السادات إلى مجلس الشعب، في سبتمبر من عام 1981، وألقى خطابه الشهير وقرر عزل الانبا شنودة وتعيين لجنة خماسية لإدارة شئون الكنيسة لتحدد إقامة شنودة في دير وادي النطرون، والذي استمر حتى مقتل السادات في نفس العام، ليعيد الرئيس مبارك تعيينه بموجب قرار صادر عام 1984. وبعد أن أعاد مبارك البابا شنودة إلى الكنيسة، بدأت مرحلة جديدة من علاقة شنودة برئيس جديد لمصر، ولكن العلاقة في هذا المرة اختلفت كثيرًا عن ما سبقتها، حيث كانت العهد الذي شهد علاقة أقوى بين لكنيسة والرئاسة. وفى ضوء التعامل الحسن بين الكنيسة والدولة، عقب تعرض الرئيس الأسبق حسنى مبارك لمحاولة اغتيال حال زيارته أديس بابا عام 1995، ألقى البابا كلمة عقب عودة الرئيس للبلاد قائلا: "نؤمن بيد الله في الأحداث، لقد كان الموت قريبًا منك جدًا، ولكن يد الله كانت أقرب إليك منه فصدته عنك. كانت أسلحة الموت في أيدي الناس، أما حياتك فكانت في يد الله، ويد الله أقوى. وقد استبقاك من أجل رسالة تؤديها وستبقى حتى تؤدي رسالتك". وقبل تنحي مبارك بالتزامن مع قيام ثورة 25 يناير، وقبيل جمعة الغضب، أجرى البابا شنودة اتصالاً هاتفياً بالتليفزيون المصري، متحدثًا عن الرئيس الأسبق مبارك، قال خلالها: «كلنا معك والشعب معه فليحفظه الله لمصر».