الإطلالة التليفزيونية الجديدة لذائعة الصيت، المتألقة دوماً، نجوى إبراهيم، أو ماما نجوى، تمثل إضافة جديدة للمشاهد والإعلام المرئى بصفة عامة من عدة وجوه.. الأول: أثبتت أن العطاء الإعلامى لا علاقة له بمراحل عمرية محددة، بل على العكس أكدت أن سنوات الخبرة كلما طالت، كان الأداء أكثر حرفية ومسؤولية. الثانى: نسبة المشاهدة المرتفعة جدا للبرنامج منذ يومه الأول، تؤكد أن المشاهد يبحث عن الأفضل طوال الوقت، وأن ارتباطه ببرامج التوك شو بكل ما تحمل من سلبيات، إنما كان قسرا وجبراً، فى عدم وجود البديل. الثالث: أن فكرة البرنامج والتى تدور حول نشر الفضيلة، والتغيير من السلوكيات السلبية للناس، هى فى حد ذاتها إضافة إعلامية فى هذا التوقيت الذى بدا فيه إعلام الجنس والعنف والإثارة، هو الأكثر هيمنة. الرابع: أنه من الممكن إصلاح حال الإعلام، وبصفة خاصة التليفزيون، إذا أردنا، ومن ثم إصلاح الكثير من حال المجتمع، وأن البداية تكمن فى البرامج الهادفة. هناك أكثر من جيل، فى مراحل الشباب والصبا، لا يعرفون الكثير عن نجوى إبراهيم، التى قدمت 12 عملا سينمائياً، أو عن جيل نجوى إبراهيم، من المذيعين والمذيعات الذين أثْروا المجتمع، وأثَّروا فيه من كل الوجوه على مدى عقدى السبعينيات والثمانينيات تحديدا، من خلال برامج كانت تهدف بالدرجة الأولى إلى التثقيف والتنوير، ونذكر منهم على سبيل المثال، فريدة الزمر، وفريال صالح، وسناء منصور، وسهير الإتربى، ودرية شرف الدين، وأحمد سمير، ومحمود سلطان، وحلمى البلك، بينما كانت هناك من البرامج الثقافية والعلمية من كان منها بمثابة إبهار، مثل العلم والإيمان، وعالم البحار، وعالم الحيوان. أستطيع القول إن نشرة الأخبار فى حد ذاتها كانت تمثل قيمة، رغم صعوبة الاتصالات فى ذلك الوقت، والتى كانت تحرم المشاهد من الوقوف على تفاصيل الخبر سريعا، إلا أن إطلالة وطلاقة وحضور مذيع النشرة، مع اللغة العربية الصحيحة، والمخارج السليمة للحروف والألفاظ، كانت جميعها بمثابة دروس تعليمية للمشاهد. هو بالتأكيد جيل العمالقة فى هذا المجال، والدليل على ذلك هو وجود نجوى إبراهيم بيننا بهذا التألق، وهذه الأناقة، وذلك الإبداع، فى رسالة واضحة وقوية لأبناء وبنات الجيل الحالى من المذيعين والمذيعات، الذين امتهن معظمهم التلفزة للأسف بطريق الخطأ، أو الصدفة، وهذا هو الفارق الأساسى بين المحترفين من الأجيال السابقة فى تليفزيون الدولة الرسمى، وبين الهواة من أجيال هذا الزمان فى فضائيات رجال الأعمال. ربما بين أجيال الشباب من لا يتذكر لنجوى إبراهيم، سوى ماما نجوى، وبقلظ الغلباوى، من خلال برنامجيها، صباح الخير، أو مساء الخير، اللذين كانت تقدمهما للأطفال، أو حتى البرنامج الشبابى، فكر ثوانى واكسب دقايق، إلا أنها أرادت من خلال هذين البرنامجين فى ذلك التوقيت، بعد برنامج اخترنا لك، إثبات أنها تستطيع مخاطبة جميع الفئات العمرية، وها هى الآن جاءت من خلال برنامجها الجديد (بيت العيلة) فى وجود بقلظ الجميل أيضاً، لتثبت أنها يمكن أن تخاطب الجميع أيضاً دفعة واحدة هذه المرة. شكراً لنجوى إبراهيم، وهنيئا للمشاهد، وربما كانت هذه الرسالة من إعلامية كبيرة كفيلة بإصلاح الكثير، إن نحن أردنا ذلك.