تحل اليوم ذكرى تشكيل أول وزارة شعبية من حزب الوفد بقيادة سعد زغلول زعيم الأمة عام 1924، وذلك بعد أن تقدم سعد بطلب إلى سلطات الاحتلال البريطانى في مصر بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى يطلب السماح له ومعه أحمد الباسل ومحمد محمود وإسماعيل صدقى بالسفر إلى باريس، وعرض مطالب المصريين في الاستقلال على بريطانيا والحق في الدستور والحياة النيابية رفضت سلطات الاحتلال البريطانى طلبهم وتم اعتقال سعد زغلول ورفاقه الثلاثة مما أشعل الثورة في مارس 1919 كأول ثورة شعبية بعد الحرب العالمية الأولى، ونظرا لخروج الشعب المصرى بكل أطيافه شعرت بريطانيا بخطورة الموقف فاضطرت إلى الإفراج عن سعد ورفاقه وعودتهم إلى أرض الوطن وأجريت الانتخابات البرلمانية وحصل المؤيدون لسعد على الأغلبية ولذلك شكل سعد الحكومة لتكون أول حكومة شعبية في مصر " قبل الثورة" أثرت الحرب العالمية الأولى على جميع مناحى الحياة فى المجتمع المصرى قبيل ثورة 1919، حيث تم مصادرة ممتلكات الفلاحين من ماشية ومحصول لأجل المساهمة في تكاليف الحرب، وإجبارهم على زراعة المحاصيل التي تتناسب مع متطلبات الحرب، وبيعها بأسعار قليلة بالإضافة إلى تجنيد مئات الآلاف من الفلاحين بشكل قسري للمشاركة في الحرب فيما سمي ب "فرقة العمل المصرية" التي استخدمت في الأعمال المعاونة وراء خطوط القتال في سيناء وفلسطين والعراق وفرنسا وبلجيكا وغيرها وكان هناك نقص حاد في السلع الأساسية، وتدهورت الأوضاع المعيشية لسكان الريف والمدن، وشهدت مدينتا القاهرة والإسكندرية مظاهرات للعاطلين ومواكب للجائعين تطورت أحيانا إلى ممارسات عنيفة تمثلت في النهب والتخريب، ولم تفلح إجراءات الحكومة لمواجهة الغلاء، مثل توزيع كميات من الخبز على سكان المدن أو محاولة ترحيل العمال العاطلين إلى قراهم، في التخفيف من حدة الأزمة، كذلك تعرض العمال ونقاباتهم لهجوم بسبب إعلان الأحكام العرفية وإصدار القوانين التي تحرم التجمهر والإضراب بدايات ثورة 1919 وفى ظل هذه الصورة القاتمة التى تمثلت فى المجتمع المصرى، اجتمع سعد زغلول مع بعض أعضاء الجمعية التشريعية وغيرهم، واعلنوا عن رغبتهم في تأليف وفد يسافر إلى باريس للمطالبة باستقلال مصر لدى مؤتمر السلام. وذهب سعد زغلول وعلي شعراوي وعبد العزيز فهمي إلي دار الحماية البريطانية لمقابلة السير ريجنالد ونجت عقب عهد الهدنة في الأربعاء 13 نوفمبر 1918، دار الحديث بينهم دون نتيجة تذكر، حيث كان هناك اجتماعات لمجموعات آخري غير مجموعة زغلول، فقد اجتمع فريق من أعضاء نادي المدارس العليا، واتجهت أنظارهم لتكليف مجموعة سعد زغلول بالمطالبة بالاستقلال. وقصد مصطفى النحاس وعلى ماهر سعد زغلول وعرضوا عليه موقفهم، أخفى عليهم زغلول ما يقوم به هو وزملاؤه، إلا أنهم لم يقتنعا وعاد النحاس لمقابلة عبد العزيز فهمي. اقتنع فهمي بصدقهم فأخبرهم بما يجري. وبدأ الوفد في جمع توكيلات من المصريين لتوكيلهم في الدفاع عن القضية المصرية،و في هذه الأجواء ظهرت حركة أخرى من أعضاء الحزب الوطني لتأليف وفد أخر بتأيد من عمر طوسن وكيل الجمعية التشريعية. وقابل سعد زغلول عمر طوسون في محاولة منه لتوحيد صف الوفد، فقبل طوسون فضُمّ مصطفى النحاس وحافظ عفيفي. وتدخل الوفد لأول مرة باعتباره ممثلًا للشعب، وأرسل خطابًا في 2 مارس 1919 للسلطان ليُعلن عن رفضه في قبوله استقالة الوزارة،و تبع هذا الخطاب خطابًا آخر في 4 مارس إلى ممثلي الدول الأجنبية يحتج فيه على منع الأنجليز المصريين من السفر إلى مؤتمر السلام، و في 6 مارس، استدعى الجنرال وطسن قائد القواتْ البريطانية سعد زغلول وأعضاء الوفد لمقابلته. وقام الجنرال وطسون بتحذيرهم من القيام بأي عمل يعيق الحماية البريطانية على مصر، واتهمهم بتعطيل تشكيل الوزارة الجديدة، مما يجعلهم عرضة للأحكام العرفية. كما أرسل سعد زعلول احتجاج إلى لويد جورج رئيس الوزارة الإنجليزية، أعلن فيه أنه يطلب "الإستقلال التام" لبلاده وأنه يرى في الحماية عملًا دوليًا غير مشروع. وفي 8 مارس، أمرت السلطات البريطانية باعتقال مجموعة الوفد وحبسهم في "ثُكنات قصر النيل" ثم تم نفيهم في اليوم التالي إلى "مالطة"، كما انتشرت أخبار نفي أعضاء الوفد في 9 مارس، ما تسسب في بدأ مظاهرات الاحتجاج في القاهرة والمناطق الكبرى، كان قوام المظاهرات طلبة المدارس الثانوية والعليا ثم انضم لهم بقية المصريين "اندلاع الثورة" وفي اليوم التالي لاعتقال سعد زغلول وأعضاء الوفد، أشعل طلبة الجامعة في القاهرة شرارة التظاهرات، وفي غضون يومين، امتد نطاق الاحتجاجات ليشمل جميع الطلبة بما فيهم طلبة الأزهر وبعد أيام قليلة كانت الثورة قد اندلعت في جميع الأنحاء من قرى ومدن. ففي القاهرة قام عمال الترام بإضراب مطالبين بزيادة الأجور وتخفيض ساعات العمل وغيرها، وتم شل حركة الترام شللا كاملا، تلا ذلك إضراب عمال السكك الحديدية واضطرت إنجلترا إلي عزل الحاكم البريطاني وتم الإفراج عن سعد زغلول وزملائه وعادوا من المنفي إلي مصر، وسمحت إنجلترا للوفد المصري برئاسة سعد زغلول بالسفر إلي مؤتمر الصلح في باريس، ليعرض عليه قضية استقلال مصر ولم يستجب أعضاء مؤتمر الصلح بباريس لمطالب الوفد المصري فعاد المصريون إلي الثورة وازداد حماسهم، وقاطع الشعب البضائع الإنجليزية. وألقي الإنجليز القبض علي سعد زغلول مرة أخرى، ونفوه مرة أخرى إلي جزيرة سيشل في المحيط الهندي، فازدادت الثورة اشتعالا، وحاولت إنجلترا القضاء على الثورة بالقوة، ولكنها فشلت وأصدر الوفد قرارًا في 23 يناير 1922 بتنظيم مقاومة سلبية في وجه السياسة البريطانية لتشمل عدم التعاون بقطع العلاقات الاجتماعية مع الإِنجليز، وامتناع السياسيين المصريين عن تشكيل الوزارة ومقاطعة التجارة والبنوك والسفن وشركات التأمين الإنجليزية وعاد سعد زغلول إلى مصر في 17 سبتمبر 1923، واستقبل بحفاوة من قبل المصريين، كذلك عاد أعضاء الحزب الوطني المبعدين إلى أوربا. " دستور 23 وأول انتخابات برلمانية" جرت الانتخابات في أجواء تاريخية بعد ثورة 1919م حيث أصدرت بريطانيا تصريح 28 فبراير الذي يعطي استقلالاً نسبياً لمصر، و كذلك صدر دستور 1923م ، و هو أول دستور يتم تفعيله في تاريخ مصر الحديث، والذى ينص علي إقامة حياة نيابية في مصر يشارك فيها الشعب حكم البلاد من خلال مجلس نيابي يختار الشعب أعضاءه، و يقوم الحزب الذي يحظي بأغلبية الأعضاء بتشكيل الحكومة يذكر أن هذا الدستور كان جيداً كخطوة مهمة للحياة الديموقراطية، و لكنه لم يخل من أوجه النقد مثل أنه أعطي الملك الحق في حل البرلمان و إقالة الوزارة، فمكن الملك و هو صاحب السلطة التنفيذية من التحكم في السلطة التشريعية و هي البرلمان. وفي 23 يوليو 1923 ألغيت الأحكام العرفية،و خاض الوفد بزعامة سعد زغلول الانتخابات في يناير 1924م، والذى يتكون من مجلس النواب 264 عضواً بطريق الانتخاب العام. أما مجلس الشيوخ فكان يتكون من 147 عضواً منهم 28 عضواً بالتعيين، والباقي بالانتخاب. تم افتتاح البرلمان في 15 مارس 1924، وألقى سعد زغلول خطاب العرش نيابة عن الملك "الوزارة". وفي الثامن والعشرين من أكتوبر عام 1924 قام حزب الوفد بعد فوزه في الانتخابات النيابية بتشكيل أول وزارة شعبية برئاسة سعد زغلول