لم يتخيل أحد أن تقوم طفلة عمرها 3 سنوات فى تعليم الكبار معنى العطاء والإحساس بآلام الآخرين، لتذهب إميلى بشعرها الذهبى الطويل صالون التجميل بصحبة والدها لقص شعرها وشعر دميتها «رابونزيل»، كى تتبرع بهما لصالح الأطفال المصابين بمرض السرطان، وجاءتها الفكرة عندما شاهدت أطفال مرضى بالسرطان بدون شعر على رأسهم، فسألت والدتها فقالت لها إنهم مرضى والمرض الذى يعانون منه يجعلهم يفقدون شعرهم، فردت بشكل تلقائى إن هذا شىء محزن جداً وهى تريد أن تعطيهم جزءاً من شعرها، لأنها لا تريد أن ترى طفلاً أو طفلة حزين بسبب فقدانه لشعره، وأنها بالفعل ترغب فى منحهم جزءًا من شعرها، لأنها تمتلك شعراً كثيفاً، وبالفعل قصت شعرها، وأرسلته لمنظمة التبرعات الخاصة بهؤلاء الأطفال وانتشر هذا الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعى بشكل كبير وحقق ما يقرب من 14 مليون مشاهدة فى مدة قصيرة، لما يحمل من مشاعر صادقة وكلمات من الطفلة تخترق القلب لأنها طفلة لم تلوثها الحياة بآثامها وغشها وكذبها وما زالت لا تعرف شيئاً عن قوانين المصالح التى تحكم البشر والمتاجرة. ولم يمر وقت قليل إلا وقامت الإعلامية منى الشاذلى باستغلال نجاح هذا الفيديو وتقديم نفس الرسالة فى برنامجها «معكم» على قناة ال CBC، وشهدت الحلقة تبرع عدد من الفتيات من محافظات مختلفة بشعرهن للمصابين من مرضى السرطان، وقصت مجموعة من الفتيات شعرهن داخل الاستديو وأمام الكاميرات وسط تصفيق حاد من جمهور البرنامج وأسر الفتيات، ولم تكتف منى بذلك بل شاركتهن نفس التجربة وقصت شعرها أمام الكاميرات، فيما حضرت مجموعة أخرى من الفتيات والإعلاميات بشعرهن مقصوص إلى البرنامج، دعما وتشجيعا للفتيات المصابات لمواصلة مقاومة المرض. وبمجرد أن انتهت الحلقة وامتلأت مواقع التواصل الاجتماعى بالأخبار الخاصة بقص شعر منى الشاذلى دعماً لمرضى السرطان بصيغ مختلفة، وانقسم متابعو الحلقة بين متفق تماماً مع الشاذلى فيما فعلت، ومنتقد يرى أن مرضى السرطان فى مصر يحتاجون أكثر من شو إعلامى وتصفيق جمهور، ربما تقبل الجمهور جداً الفيديو الخاص بالطفلة لأنها طفلة لا تمتلك مالاً ولا عملاً حتى تنفق منه وتبرعت بالشىء الغالى عليها ولا تمتلك سواه فى الحياة هو شعرها، لكن خصلة شعر منى الشاذلى التى لا تتجاوز ال 15 سم بالنسبة لمريض السرطان فى مصر لا تغنى ولا تسمن من جوع، فهو أمر رمزى ليس أكثر، وانتظر الجمهور أن تتضامن الشاذلى مع مرضى السرطان بأجر شهر مثلاً، أو التكفل بعلاج مريض وليس هناك شك فى أن الشاذلى غير قادرة على ذلك. لم يختلف أحد على أن مرضى السرطان فى حاجة لدعم معنوى كبير، لكن فى مصر ربما يحتاج مريض السرطان إلى الدعم المالى والطبى أكثر من أى مكان آخر فى العالم، ربما أيضاً تبرعت الطفلة بشعرها لأنها لا تريد أن ترى طفلاً حزيناً بسبب فقدانه شعره، لكن فى مصر هناك مرضى سرطان يتجرعون آلام المرض يوماً بعد يوم لأنهم لا يجدون العلاج من الأساس وليس شعرهم هو سبب حزنهم.