تنظيم "داعش" يتقدم في العراق مسيطرا على الرمادي، حيث القصف الجوي وحده ليس كافيا والجيش العراقي ليس أهلا لمواجهته. هذا التنظيم يتقدم أيضا في سورية، وبعد سيطرته على تدمر، يحاول التقدم باتجاه الاستيلاء على معابر سورية الشمالية مع تركيا بعد سيطرته على كل المعابر الشرقية مع العراق. الجديد والمثير هو تقدم "داعش" في ليبيا أيضا، ليبيا التي تشهد منذ سقوط نظام القذافي في 2011 فوضى أمنية ونزاعا على السلطة تسببا في انقسام البلاد الصيف الماضي بين سلطتين، حكومة وبرلمان معترف بهما دوليا في الشرق، وحكومة وبرلمان يديران العاصمة بمساندة تحالف جماعات مسلحة تحت مسمى "فجر ليبيا". وسمحت الفوضى الأمنية الناتجة عن هذا النزاع باتساع نفوذ جماعات متشددة في ليبيا، بينها الفرع الليبي لتنظيم "داعش". فقد اقترب المتطرفون خطوة جديدة من مناطق النفط الغنية في ليبيا، بعدما سقطت مدينة سرت الساحلية ومسقط رأس القذافي، بالكامل في قبضة تنظيم "داعش" الإرهابي، بعدما ألحقت عناصر التنظيم هزيمة فادحة بقوات "فجر ليبيا" و"الكتيبة 166" التابعة لحكومة طرابلس. وأبدت مصادر ليبية مخاوفها من أن يتحول اتجاه المتطرفين لاحقا وفي وقت قريب إلى التفكير في السيطرة على ما يعرف بمنطقة الهلال النفطي بشرق ليبيا وهي أغنى مناطق البلاد بالنفط. وتضم منطقة الهلال النفطي مجموعة من المدن بين بنغازي وسرت وتتوسط المسافة بين بنغازيوطرابلس، كما تحوي المخزون الأكبر من النفط إضافة إلى احتوائها على مرافئ السدرة ورأس لانوف والبريقة الأكبر في ليبيا. وإلى جانب سرت والمناطق المحيطة بها، يوجد تنظيم داعش في مدينة درنة الواقعة على بعد نحو 1300 كلم شرق طرابلس والخاضعة لسيطرة مجموعات متشددة مسلحة. كما يؤكد مسؤولون في طرابلس أن ل"داعش" خلايا نائمة في العاصمة، حيث أعلنت هذه المجموعات المتطرفة مسؤوليتها عن تفجيرات وقعت في المدينة خلال الأشهر الماضية. وعدت الحكومة الانتقالية التي يترأسها عبد الله الثني سيطرة تنظيم "داعش" على مدينة سرت مؤشرا خطيرا على سعي هذا التنظيم للاستيلاء على المؤسسات والمنشآت النفطية القريبة من مطار سرت واستخدامها كقاعدة للإمداد العسكري. كما حذرت الحكومة من إمكانية استخدام المتطرفين لميناء مدينة سرت لإدخال المتطرفين إلى ليبيا، التقدم على الأرض جاء بعد وصول أحد أبرز قادة تنظيم "داعش" أبو أيمن العراقي إلى ليبيا قادما من سورية، التي شغل فيها مناصب عدة أهمها "والي الساحل". ويعتبر أبو أيمن العراقي ثالث قيادي بارز في "داعش" يصل إلى ليبيا خلال الأشهر الأخيرة، وذلك بعد "الأمير الشرعي" تركي البنعلي والذي يعتبر من أبرز المرجعيات الدينية التي يعتمد عليها التنظيم للتنظير له والدفاع عنه ضد الحملات الشرعية التي يشنها عليه "شرعيو" الفصائل الأخرى، وبعد القائد العسكري وسام عبدالزبيدي، المعروف بلقب أبونبيل الأنباري، والذي أكدت مصادر متقاطعة على تعيينه "واليا" على "ولاية ليبيا" بعدما كان يشغل منصب "والي صلاح الدين" في العراق، ويعتبر من القيادات العسكرية البارزة حيث تولى قيادة الهجوم على تكريت وبيجي بعد سيطرة التنظيم التكفيري على مدينة الموصل العام الماضي. وترافق وصول هؤلاء الثلاثة مع وصول أعداد أخرى من قيادات الصف الثاني والثالث إلى ليبيا، وهو ما يشير إلى أن اهتمام التنظيم بليبيا آخذ بالاتساع، وربما بدأ ينظر إليها باعتبارها ساحة استراتيجية تتيح له التمدد في المغرب العربي، ولا سيما تونس والجزائر، كما في دول شمال أفريقيا. تقدم "داعش" في ليبيا يقلق الأوروبيين بعدما بات ل «داعش» موطئ قدم على ساحل المتوسط قبالة جنوب أوروبا، وعلى مرمى حجر من إيطاليا خصوصا، ويقلق أيضا مصر التي تتحسب لتسلل "داعش" إليها، وواضح الآن أن الملف الليبي هو الأولوية لدى مصر وليس الملف اليمني، وأن الملف الليبي هو أولوية أوروبية وليس الملف السوري.