نظمت وحدة التحولات الداخلية بالمركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية بالقاهرة، حلقة نقاشية بعنوان "الصراعات الهجينة: انتشار نمط استنساخ "الدول الفاشلة" في المنطقة العربية"، بمشاركة اللواء أركان حرب د. محمد قشقوش المستشار الأكاديمي بالمركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية مديرًا للحلقة النقاشية، ود. محمد عز العرب الخبير بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية مقررًا للحلقة النقاشية.
كما شارك في الورشة كلٌّ من أ. محمد عباس ناجي، الباحث بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، ود. أيمن شبانة، مدرسة العلوم السياسية بمعهد البحوث والدراسات الإفريقية، وأ. محمد جمعة، الباحث بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، ود. مبارك مبارك أحمد، مدرس العلوم السياسية بجامعة 6 أكتوبر. وافتتح اللواء د. محمد قشقوش الورشة بتأكيد وجود قواسم مشتركة بين نماذج الصراعات الداخلية في الإقليم، مثل: ارتباطها بالمد الثوري، والتعثر الانتقالي، والإخفاق الديمقراطي الذي أدى إلى انتشار الدول الفاشلة في منطقة الشرق الأوسط، خاصةً في ظل تدفقات المقاتلين الأجانب على بؤر الصراعات الإقليمية، وصعود موجات اللجوء السياسي والتنازع على الشرعية بين الفرقاء السياسيين في دول عديدة بالإقليم.
وأشار د. محمد عز العرب إلى أن ثلاثة تساؤلات رئيسية باتت مطروحة بقوة فيما يتعلق بظاهرة استنساخ النماذج وانتشار الصراعات الداخلية في الإقليم، أولها يتعلق بالعوامل الحاضنة التي تجعل النماذج المستنسخة قابلة للانتشار في الإقليم، والمتغيرات الكابحة التي تجعل نماذج الانتقال السياسي متعثرة في دول الإقليم، والمسارات البديلة للصراعات الداخلية الهجينة في دول الإقليم التي تجمع بين خصائص أكثر من نموذج للصراعات الداخلية.
وتناول أ. محمد عباس ناجي تجليات النموذج الأفغاني في الصراع الأهلي الدائر في سوريا، لا سيما تهديدات تدفقات المقاتلين الأجانب الذين بلغ عددهم حوالي 60 ألف عنصر أجنبي، والاستيطان الجهادي في المنطقة العربية، وظهور أمراء الحرب في سوريا، وتفكك الدولة السورية إلى جزر منعزلة كل منها يخضع لسيطرة إحدى الميليشيات المسلحة، ويرتبط تصاعد "أفغنة" سوريا بعدة عوامل، أهمها: عدم اهتمام المجتمع الدولي بما يحدث داخل سوريا، ووجود مصلحة للنظام السوري وحلفائه في انتشار النموذج الأفغاني، وتصاعد الصراع الطائفي.
وركز د. أيمن شبانة على تجليات النموذج الصومالي في ليبيا، خاصةً ما يرتبط بتفكك الجيش الليبي، وصعود الميليشيات القبلية والجهوية، وانهيار مؤسسات الدولة الليبية، وصراع الشرعية بين حكومتي طبرق وطرابلس. وأشار إلى أن الصراع في ليبيا تحكمه ثلاثة مسارات رئيسية؛ أولها يتمثل في احتمال التوصل إلى تسوية سلمية تفاوضية، وثانيها يرتبط باحتمالات تقسيم ليبيا في إطار دولة فيدرالية، أما المسار الثالث فيتمثل في تفجر حرب أهلية شاملة في ليبيا على غرار الصومال.
أما أ. محمد جمعة فتناول تجليات النموذج السوري في اليمن؛ حيث أشار إلى أن الصراع الدائر في اليمن يتشابه مع نظيره في سوريا فيما يرتبط بإخفاق جهود التسوية، و"أقلمة" الصراع الداخلي، وتصاعد دور التنظيمات الراديكالية مثل تنظيم القاعدة وجبهة النصرة، وصعود النزعات الانفصالية، والانشقاقات في بنية الجيش اليمني، وإخفاق مؤسسات الدولة في مواجهة تمدد الحوثيين، فضلا عن تشكيل تحالف إقليمي بقيادة المملكة العربية السعودية للتصدي لتهديدات توسع الحوثيين في اليمن.
وركز د. مبارك مبارك محمد على أوجه التشابه بين النموذج الجزائري والأوضاع في سيناء بمصر؛ حيث أكد على أهمية دور المتغير الخارجي الإقليمي والدولي في تفسير الصراعات الداخلية، وأشار إلى وجود عدة عوائق تمنع تحول الأوضاع في سيناء إلى ما يُشبه الحالة الجزائرية، أولها يتمثل في مركزية ومؤسسية الدولة المصرية، وقدرتها على التصدي للعمليات الإرهابية في ظل وجود ظهير مجتمعي لمحاربة الإرهاب في سيناء، مؤكدًا أن مداخل استعادة الاستقرار في سيناء تتمثل في إعادة الاعتبار لدور القبائل، ودعم شباب القبائل من جانب الدولة، وتأسيس وزارة لتنمية سيناء، والتركيز على تحقيق التنمية في سيناء، وضرورة قيام القبائل بمعاقبة المتعاونين مع الإرهاب.