"الموت البطئ" منهجاً خفياً وصفه العمال المتضررين بشركة "ليسكو مصر" أحد شركات صناعة السيراميك والأدوات الصحية بالإسكندرية وذلك عقب اكتشافهم اصابتهم بمرض التحجر الرئوي أو"السيليكا" القاتلة والتي تصاحبها حدوث أورام خبيثة بالرئتين، موجهين الاتهام إلى الشركة بأخفاء عنهم إرشادات السلامة المهنية في العمل، وتجاهل توفير لهم الكمامات التي تتناسب مع نسبة تركيز غبار"السيليكا" في الهواء التي تنتج عن عمليات صناعة السيراميك. "علي حلمي محمد إبراهيم" أحد العمال بشركة "ليسكو مصر" الذي أصيب بمرض التحجر الرئوي بنسبة100% أثناء عمله داخل المصنع، والذي يقبع الآن بين الحياة والموت، دون صرف تعويضات له من الشركة أوالحصول على مكافأة نهاية خدمة مرضية عقب عمله داخل مصنعي الشركة"خورشيد – برج العرب" طوال 30سنة. والتقت به "الفجر" داخل منزله، للحديث عن فترة عمله داخل الشركة وأسباب إصابته بمرض التحجر الرئوي والتليف، قائلاً: "الكمامة الواقية لم تكن متوافرة بالشركة منذ بداية عملي عام 1980 بعد سنة من إنشائها بالإسكندرية، والكمامة الطبية المتواجده الآن بدأت تظهر في السنوات الأخيرة، وكانت تأتي سيارة الأمراض المهنية الخاصة بوزارة الصحة التي تقوم بالكشف الدوري على العمال، دون إطلاع العمال على نتائج الكشف، وكانت إدارة الشركة تقوم بإعطائهم الواجب الذي يفسر بتحضير مائدة غذاء، أو مظروف لكل شخص، دون الحديث عن أمراض التحجر الرئوي واثبات مخالفة الشركة لشروط السلامة المهنية واضرارها بالبيئة المحيطة". وأضاف الستيني"علي حلمي" أثناء حديثه تحت جهاز التنفس الصناعي الذي يعتبر وسيلته الوحيدة، للبقاء حياً وسط أسرته: "عملت بمصنع خورشيد لمدة18سنة، ثم تم انتدابي لتأسيس مصنعهم الجديد ببرج العرب، والذي عملت به نحو 10سنوات أخرين، وكنت لا أخذ مميزات المأمورية والانتداب بالمصنع الجديد، كان الأجر فقط لاغير، وكان مصنع برج العرب به امتيازات عن مصنع خورشيد، ففي بداية العمل بخورشيد كان العمل تحت درجة حرارة شديدة، وكنا نلبس ملابس قصيرة، ودورة المياه كانت في الصالة، وكنت أتعرض لضعف في الصحة، نظراً لتعرضي من هواء سخن إلى بارد، وإذا مرضت، أخذ دفتر التأمين الصحي، الذي يؤكد أن صحتي جيدة، دون الإشارة إلى أني مصاب بأعراض تحجر رئوي، وكأن هناك اتفاقيات بين الشركة وقسم الأمراض المهنية". وأكد أنه كان يحارب مع الشركة من أجل انتدابه إلى برج العرب بدلاً من خورشيد، للحصول على المميزات الإضافية في طبيعة العمل والأجر، إلا أنه تفاجئ بالضغط عليه لإمضاء على الاستقالة، لندبه إلى برج العرب، وتحرير عقد جديد مع الشركة، على الرغم أن المصنعين تحت مظلة الشركة وذات الإدارة، وقامت الشركة بإسقاط6 شهور في التأمينات، على الرغم أنه كان من ضمن المؤسسين لمصنع برج العرب، وقاموا بتدريب العمالة الجديدة، وكانت الإدارة والعمالة الجديدة تأخذ المميزات، بدلاً منهم على الرغم أنهم منتدبين، وكان يتم الضغط عليهم بإساليب مهينة لمنعهم من المطالبة بحقوقهم، قائلاً: "رضيت بالعمل تحت الظروف الصعبة ببرج العرب واكتفيت بارتفاع الأجر، إلا أن زوجتي عقب مرضي ضغطت على الشركة، لضم 6شهور إلى التأمينات، وفي أثناء فترة عملي ببرج العرب بدأت أشعر بضعف صحتي، إلا أنهم كانوا يضغطون علي في العمل، دون معرفتي بمرض التحجر الرئوي". وقال "حلمي" إنه شعر ببدأ التعب الشديد يوم 30يناير2008أثناء العمل، وأنه دخل المستشفى للكشف على صدره، وأكتشف أنه مصاب بتحجر رئوي بنسبة65%بسبب غبار السيليكا الناتج عن التصنيع، مضيفاً: " الشركة لم تعترف بتلك النسبة في الإصابة والتي تعتبر مرض عجزي أصيبت به جراء العمل، وتم إجراء كشف مرة أخرى وأظهرت نتيجة الكومسيون الطبي بعد فترة طويلة أصابتي بالتحجر الرئوي بنسبة100%، وأن كشف التأمين الصحي يثبت اصابته يوم 30يناير 2008، إلا أن تقرير الشركة أفاد أنه أصيب أثناء العمل وفق شهود، ولكنهم قاموا بتغيير ميعاد الإصابة، دون معرفة أسباب الشركة الخفية في تغيير الميعاد"، منوهاً إلى أنه طوال فترة اصابته بالتحجر الرئوي بنسبة100%، أصبح مقيم داخل المستشفى التأمين الصحي، وخضع للعديد من العمليات. وأنه في يوم 5ديسمبر2009 عقب خروجه مباشرة من عملية وضع جهاز تنظيم ضربات القلب، تفاجئ بقدوم اثنين من موظفين الشركة وامضائه على شيكين"9ألف و600جنيه-9ألاف و600جنيه" نهاية خدمة لمدة 30سنة، دون صرف له التعويضات عن اصابته بمرض عجزي بسبب طبيعة العمل، قائلاً: "أجبرت على الامضاء عقب خروجي من العملية، ولشعوري بالاحتياج الشديد للأموال للصرف على علاجي، وأسرتي"، متسائلاً: "هل 19ألف جنيه المقابل ل 30سنة خدمة وتأسيس وبناء الشركة؟، أقوم بصرفها على علاجي وأسرتي، وتجاهل الشركة صرف لي التعويضات اللازمة، أو حتى تقوم بالاطمئنان على حالتي، فجميع ما جمعته من الشركة من نهاية الخدمة والتأمين37ألف جنيه قمت بصرفه على العلاج والعمليات، فكل الذي أطلبه التعويض من الشركة لم ارتكتبه بي من مرض عجزي، ومحاسبة المسئولين بالشركة وقسم الأمراض المهنية عن اخفاء اصابة العمال بمرض التحجر الرئوي". وكان قد فصل أحد العاملين من الشركة"رزق أحمد حسن" تعسفياً يوم 30أبريل الماضي، وذلك لحديثه لتيلفزيون الإسكندرية عن اصابة أكثر من 150عامل بمرض التحجر الرئوي أو السيليكا القاتلة، وعدم اعتراف الشركة بتلك الإصابات، مستغيثاً بالمسئولين بالتدخل لحماية العمال من بيئة العمل، والألتزام بشروط السلامة المهنية، وصرف التعويضات له عقب اكتشافه الإصابة بنسبة 20% من التحجر الرئوي.