كشف الكاتب الصحفى، مصطفى الطوسة، نائب رئيس تحرير إذاعة مونت كارلو الدولية، عنْ أنّ المشهد السياسي الفرنسي يَعيش في حالة مأسآة "تراجيدية"، والتي تدور أطوارها تحديداً داخل عائلة اليمين المتطرف بين زعيمة حزب الجبهة الوطنية مارين لوبين، ومؤسس الحزب والدها جان ماري لوبين. وقال الطوسة في تصريحات صحفية، إنّ الفتيل الذي أطلق هذه الأزمة كانت تَصريحات والدها لإذاعة فرنسية أكدّ فيها من جديد على قناعته بأنّ غرف الغاز في الحرب العالمية تفصيلاً في تاريخها، مُعتبراً هذا التصريح بمثابة الزيت على النار الذي أشعلَ الجدل، وهزّ كيان الحزب. وأضاف الطوسة: "في الماضي كان مُؤسس الجبهة الوطنية جان ماري لوبين، يَتفننُ في مَواقفه الاستفزازية تجاه عدة قضايا حساسة مثل المحرقة اليهودية، و التاريخ الاستعماري لفرنسا، وقضايا الهجرة"، موضحاً: "كان هدفه من ذلك هو استقطاب تَغطية إعلامية كثيفة لحزبهِ تُساهم في توسيع قاعدته الانتخابية، وهو ما نَجح فيه بالفعل لدرجة أخرجَ فيها الحزب من خانته الضيقة ليمين متطرف لا ثأثير حقيقي له على الساحة السياسة إلى قوة تُؤخذ بعين الاعتبار، و يُحسب لهذه الخطوة ألف حساب"، قائلاً: "قد جسد هذا وصول جان ماري إلى الدور الثاني في الانتخابات الرئاسية لعام 2002 بعد هزيمة الاشتراكي ليونيل جوسبان". وواصل حديثه: "فور تَسليم مَقاليد الحزب إلى ابنته مارين لوبين، في إطار عملية ثوريث سياسي غير مسبوقة، بَدأت الجبهة الوطنية بزعامة مارين لوبين مُنعطفاً حَاولت من خلالهِ الخروج من دائرة الشيطنة التي وضعت فيها لسنوات طويلة"، متابعاً: "كان مشروع مارين لوبين أنْ تجعل من الجبهِة حزباً عادياً، وأنْ تُخرجهُ من أدوار البعبع الذي يُخيف الناخب ويَجعلهُ يَفقد ثقته في قدرته على تبوأ مَناصب الحكم و الإدارة". واستطرد الطوسة: "من بَين أهم الخطوات التي اتخذتها مارين لوبين للتوصل إلى هذا الهدف هو التنصل من بَعض المواقف المُعادية للسامية التي حولها أبوها الى تجارة رابحة، واتخاذ مواقف أقل عنصرية تجاه الأقليات، وأنّ الخيار السياسي الثاني فتجسّد في فتح قيادة الحزب ب فعاليات جديدة يَتناقض مَسارها، و وضعها مع قناعات الحزب و ثوابته السياسية". وتابع: "قد جاءت الاختراقات الانتخابية التي حققتها الجبهة في الاقتراعات الأخيرة لِتفتح شهية مارين لوبين في الوصول إلى سدة الحكم إقليمياً، أو وطنياً، في الوقت الذي تبين فيه أنّ المواقف التي يُعبر عنها لوبين الأب تقف حجر عثرة أمام تَحقيق هذه الأهداف، الأمر الذي أدى إلى اتخاذ قرار سياسي بعزله، وإخراجه من المشهد السياسي، وقتله رمزياً وسياسياً". واختتم حديثه الطوسة: "ينتظر المراقبون أنْ تتمخض عن هذه العملية صراعات سياسية داخل الجبهة قادرة على قلب موازين القوة فيها، وإعادة هيكلية المشهد السياسي الفرنسي بكامله في الوقت الذي يَتلقى فيه الضربات من ابنته"، لافتاً إلى أنّه يَسهل على المراقبين أنْ يتخيلوا جان ماري لوبين وهو يصدح في وجه مارين قائلاً لها: "علمتها الرماية كل يوم فلما اشتد ساعدها رمتني".