لا شك أن البيئة التي نعيش عليها من نعم الله عز وجل التي سخرها لنا، قال الله تعالى: {وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبّاً فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ * وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ * لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلا يَشْكُرُونَ} ، يّس : 33 - 35 . وقد خلق الله عز وجل الأرض على أحسن حال وجعلها تفي بحاجات البشرية، وأي نقص أو خلل يصيبها فهو بفعل الناس، قال الله تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} ، الروم : 41 . وفي سُنَّة وهدي النبي " صلى الله عليه وسلم " آداب ، يراعيها المسلم في تعامله مع البيئة المحيطة به ويعيش فيها، وذلك للمحافظة عليها . الماء والهواء: كل أمر يلوث البيئة من حولنا سواء كان يتعلق بالماء أو الهواء أو المنظر العام فهو مخالف لهدي النبي " صلى الله عليه وسلم" عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله "صلى الله عليه وسلم" قال: "اتقوا اللعانين، قالوا: وما اللعانان يا رسول الله؟، قال: الذي يتخلى "يتغوط" في طريق الناس أو في ظلهم" ، رواه مسلم . وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : قال رسول الله " صلى الله عليه وسلم " : "اتقوا الملاعن الثلاثة: البراز في الموارد، وقارعة الطريق، والظل" ، رواه أبو داود . ومن المعلوم أن الماء قوام الحياة، قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ * يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} ، النحل : 10- 11 . ولذلك كانت دعوة النبي " صلى الله عليه وسلم " واضحة في المحافظة عليه ونظافته ، ونهيه عن الإسراف في استعماله حتى في الطهارة والوضوء. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله " صلى الله عليه وسلم " : "لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل فيه"، رواه البخاري . وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: "جاء أعرابي إلى النبي " صلى الله عليه وسلم " يسأله عن الوضوء، فأراه ثلاثا، ثلاثا، قال: هذا الوضوء، فمن زاد على هذا فقد أساء وتعدى وظلم"، رواه أحمد . أما بالنسبة لتلويث الهواء بأي نوع من أنواع التلوث البيئي الذي يؤدي إلى إيذاء فاعله أو غيره، فذلك غير جائز ومنهي عنه، ويدخل تحت قوله " صلى الله عليه وسلم " : "لا ضرر، ولا ضرار" ، رواه أحمد . التشجير : حَثَّ النبي " صلى الله عليه وسلم " على غَرْسِ الأشجار والنخيل لأن فيها ثماراً وجمَالاً ، ويستظل بها ويأكل منها الإنسان والطير والحيوان ، ومن ثم فله بذلك أجر من الله عز وجل . عن أنس رضي الله عنه قال : قال النبي " صلى الله عليه وسلم " : "ما من مسلم يغرس غرسا، أو يزرع زرعا، فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة" ، رواه البخاري . وعن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة نخلة صغيرة فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها فليفعل" ، رواه أحمد . قال النووي : " في هذه الأحاديث فضيلة الغرس وفضيلة الزرع ، وأن أجر فاعلي ذلك مستمر مادام الغراس والزرع وما تولد منه إلى يوم القيامة ". وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله " صلى الله عليه وسلم " قال : "من أحيا أرضا ميتة فله فيها أجر" ، رواه أحمد . غير أن النبي " صلى الله عليه وسلم " أمر بقطع الأشجار المعترضة طريق الناس وتؤذيهم ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله " صلى الله عليه وسلم " : "لقد رأيت رجلا يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذى الناس" ، رواه مسلم . الطريق : إماطة الأذى من الطريق العام ، وتطهير ونظافة الأفنية ، لون من ألوان المحافظة على البيئة في هدي النبي " صلى الله عليه وسلم" عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي " صلى الله عليه وسلم " قال : "عُرِضت عليَّ أعمال أمتي حسنها وسيئها ، فوجدت من محاسن أعمالها الأذى يماط عن الطريق ، ووجدت من مساوئ أعمالها النخاعة تكون في المسجد لا تُدْفَن" ، رواه البخاري . وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله " صلى الله عليه وسلم " : "كان على الطريق غصن شجرة يؤذي الناس فأماطها رجل فأُدْخِل الجنة" ، رواه احمد . وعن سعد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "طهروا أفنيتكم فإن اليهود لا تطهر أفنيتها" ، رواه الطبراني . تعد قضية تلوث البيئة من التحديات الحضارية والصحية لأي مجتمع ، وقد حافظ النبي" صلى الله عليه وسلم" بهديه وتعاليمه على نظافة البيئة وحمايتها ، وجعل ذلك مسؤولية كل فرد من أفراد المجتمع المسلم ، حتى يعيش الناس في بيئة صحية ، جميلة المظهر، خالية من الأوبئة والأمراض .