اوقفت الشرطة البريطانية الجمعة المسؤول الاعلامي السابق في رئاسة الوزراء على خلفية فضيحة تتعلق بالتنصت بينما وعد رئيس الوزراء ديفيد كاميرون باجراء تحقيق عاجل في ما يزعم عن اخفاقات عدة من جانب سياسيين وشرطة واعلاميين في فضيحة صحيفة "نيوز اوف ذا وورلد". وبدا كاميرون محرجا خلال اصعب مؤتمر صحافي يخوضه خلال عام من توليه السلطة، ولكنه دافع رغم ذلك عن قراره بتعيين اندي كولسون في منصب المسؤول الاعلامي لرئاسة الوزراء، والذي سبق وشغل منصب رئيس تحرير صحيفة نيوز اوف ذا وورد الشعبية التي اعلن مالكها روبرت ميردوك الخميس اغلاقها. واعترف كاميرون بأن الفضيحة المتعلقة بمسلك الصحيفة مست قلب المؤسسة البريطانية، قائلا "في الواقع تأثرنا جميعا بتداعيات ذلك -- سواء الصحافة او رجال السياسية او زعماء الاحزاب كافة، ما يشملني انا ايضا". وقال كاميرون انه منح كولسون "فرصة اخرى" بعد تركه نيوز اوف ذا وورلد عام 2007 اثر اعتقال شخصين بسبب عمليات تجسس للصحيفة، ولكن تلك الفرصة "لم تنجح". واستقال كولسون من رئاسة الوزراء في كانون الثاني/يناير معللا ذلك بالضغوط التي تفرضها المزاعم المتعلقة بمسلك الصحيفة التي عمل فيها قبلا.وقال رئيس الوزراء "لقد كان تعيينه (كولسون) قراري وحدي، واتحمل المسؤولية الكاملة عن ذلك"، رافضا في الوقت ذاته قطع علاقته بكولسون، حيث قال انه "اصبح صديقا لي وهو ما زال صديقا". واعلن كاميرون انه سيفتح تحقيقا عاما يرأسه قاض يشمل كافة جوانب القضية المتعلقة بنيوز اوف ذا وورلد فضلا عن تحقيق ثان يتناول القواعد التي تنظم عمل الصحافة في بريطانيا في المستقبل. وقال رئيس الوزراء "تلك هي الاسئلة التي يجب الاجابة عنها: لماذا اخفق التحقيق الاول الذي اجرته الشرطة اخفاقا ذريعا؟ ما الذي كان يحدث تحديدا داخل اروقة نيوز اوف ذا وورلد؟ ما الذي جرى في الصحف الاخرى؟".
وقال معلقا على ما تردد من ان ريبيكا بروكس، رئيسة القسم البريطاني المعني بالصحيفة التي يملكها ميردوك قدمت استقالتها بسبب المزاعم، "في ظل هذه الظروف كنت ساقبلها (الاستقالة)". وبعد اقل من ساعة من حديث رئيس الوزراء اكدت شرطة العاصمة البريطانية القاء القبض على كولسون، 43 عاما "على صلة بمزاعم بالفساد والتنصت على الهواتف".
وتتعلق مزاعم الفساد بما يتردد عن دفع الصحيفة اموالا لمسؤولين بالشرطة حينما كان كولسون رئيس تحريرها ما بين عامي 2003 و2007. يذكر ان الصحيفة تعد الاعلى مبيعا في بريطانيا بين الصحف الصادرة الاحد. وقال بيان الشرطة ان كولسون محتجز في مركز للشرطة بجنوب لندن. كما قالت الشرطة انها اعادت الجمعة القبض على كلايف غودمان المحرر السابق لقسم التحقيقات الملكية بالصحيفة، والذي سجن عام 2007 بعد تنصته على رسائل هاتفية للاميرين ويليام وهاري. واعتقل غودمان، 53 عاما، في منزله في ساري بجنوب لندن بناء على اتهامات بالفساد. وكان مستثمر خاص يدعى غلين ملكير قد سجن ايضا عام 2007 على خلفية متصلة. وكان ميردوك اصدر قرارا مفاجئا الخميس باغلاقه نهائيا الصحيفة المستمرة منذ 168 عاما بعد سلسلة المزاعم التي لاحقتها بالتنصت على الرسائل الصوتية لمراهقة كانت ضحية جريمة قتل وعلى اسر جنود قتلوا في الحرب. واعتبر كثيرون الاغلاق المفاجئ للصحيفة محاولة لاحتواء الفضيحة وحتى يتسنى لميردوك انقاذ مسعى مجموعته، مجموعة نيوز كورب الاعلامية، للسيطرة على مؤسسة بي سكاي بي التلفزيونية الضخمة، وهو المسعى الذي ما زالت الحكومة البريطانية بصدد البت فيه. وانخفضت اسهم بي سكاي بي بنسبة 3.94 بالمائة وصولا الى 780,5 بنسا للسهم خلال التداول في وقت متأخر صباح الجمعة حيث كانت بين ابرز الخاسرين على مؤشر فوتسي 100 بالبورصة.وستكون اخر طبعة لصحيفة الاثارة الشعبية نيوز اوف ذا وورلد الاحد المقبل، ما يضع نهاية لتاريخ طويل من نشر الفضائح الجنسية فضلا عن تحقيقات قوية تتعلق بقضايا كان بينها ما ثار مؤخرا من اتهامات بالتلاعب بنتائج مباريات الكريكيت الباكستانية. وقد نعت الصحف البريطانية الجمعة الصحيفة المخضرمة في الفضائح، فقد قالت التايمز "لقد قضت قطعة من انكلترا امس، وهو وقت للاسى". وتابع المقال الافتتاحي للتايمز "من بين حسناتها انها خرجت بتحقيقات عظيمة وكشفت عن اخطاء جمة". وجاء عنوان صحيفة ديلي ميل "الصحيفة التي قضت خزيا"، ناعية "سقوط مؤسسة بريطانية عريقة"، بينما قالت ديلي تليغراف "وداعا ايها العالم المر!". غير ان الفرع الاسترالي لامبراطورية ميردوك نأى بنفسه الجمعة عن فضائح نيوز اوف ذا وورلد مشيرا الى انه لن يقبل بأي مسلك "لا اخلاقي". وسوف يفقد مئتا موظف بنيوز اوف ذا وورلد وظائفهم، حيث يتردد ان ميردوك سيستبدل الصحيفة بطبعة ليوم الاحد من صحيفة الصن الشعبية التي تصدر يوميا، والتي تحقق اعلى مبيعات بين الصحف اليومية في بريطانيا.