قبل عام لم يكن ثوار البحرين يعرفون عن «زينب الخواجة» سوى أنها ابنة عبدالهادى الخواجة المناضل الحقوقى الشهير والمعتقل حاليا بتهمة محاولة قلب نظام الحكم، واليوم تكتسى الصحف والمجلات العالمية بصور تلك الفتاة التى يعتبرونها النسخة النسائية ل «بوعزيزى» تونس، و«خالد سعيد» مصر، وتبشر بأيقونة نسائية تنذر بعودة الروح لثورة البحرين التى اندلعت فى 14 فبراير 2011. صحيفة «نيويورك تايم» نشرت 10 تقارير متتالية ترصد أخبار زينب ابنة 28 ربيعا، التى قضت سنوات الدراسة الأولى فى الدنمارك، ثم تخرجت فى جامعة بيلويت الأمريكية العريقة متخصصة فى العلوم السياسية والصحافة، أول تقارير الصحيفة الأمريكية نشر فى 6 أبريل الماضى، وبعده بخمسة أيام أرسلت أيقونة ثورة البحرين برقية للرئيس الأمريكى «أوباما» تحمله فيها المسئولية عن أى مكروه يصيب والدها «عبدالهادى» وشقيقها «حسين» وزوجها «وافى» وعمها «صلاح» المعتقلون فى سجون النظام البحرينى المدعوم من أمريكا، وتخبره أنها قررت ألا تتناول الطعام بداية من مساء يوم 11 أبريل لحين الافراج عن عائلتها. إن أضواء الصحافة العالمية التى تحيط الآن «زينب الخواجة»، دفعت رئيس وزراء الدنمارك إلى أن يرسل برقية لملك البحرين يطالب فيها بالإفراج الفورى عن والدها باعتباره مواطناً يحمل الجنسية الدنماركية، وطلب تشكيل فريق من الأطباء المستقلين عن النظام لتقييم حالته الصحية، نظرا لاستمراره فى الإضراب عن الطعام منذ 9 فبراير الماضى، فى المقابل أصبحت قوات أمن النظام فى البحرين تخشى من تلك الفتاة التى كانت أول من هتفت ضد الملك وطالبت بإسقاط النظام.. تضامنت معها العديد من صفحات التواصل الاجتماعى على شبكة الإنترنت بمختلف دول العالم وهو ما يعنى عودة الروح إلى الثورة.. وتجلى ذلك فى فتيات كن هتفن ضد النظام فى شارع البديع الأسبوع الماضى، فصرخ فى وجوههم عناصر الأمن مرددين «علمتكم زينب الخواجة». لا تكف «زينب» عن الثورة.. حين أضربت عن الطعام فى إبريل بعد الاعتقال الوحشى لوالدها وزوجها، قالت: كان العالم والناس يتعاملون معى كأى فتاة من مئات الفتيات اللواتى اعتقل آباؤهن وقتها، اليوم لم تعد قضية أبى وزوجى بالنسبة لى إلا حالة واحدة من مئات الحالات الأخرى من المعتقلين والمعذبين، ولا تهمنى إلا بذات المستوى تماما. زينب رافقت الكثير من المصابين فى رحلة علاجهم، وكانت من بين من عالج المتظاهرين، قبيل 14 فبراير أعدت بحوثا عن «المقاومة السلمية والعصيان المدنى»، وكانت تستلهم كثيرا من أفكار غاندى عبر مؤلفات البروفيسور الأمريكى الشهير جين شارب، لا ترى نفسها سياسية، لأنها لا تجيد الحديث بدبلوماسية، لا تحب تزيين الكلمات.. أو التفاوض حول الحقوق، تريد الحرية وتسعى إليها بكل جرأة.. حتى لو دفعت حياتها ثمنا لنيلها. أصبحت «زينب» حديث العالم وجزءاً مهما من احاديث خطباء المساجد الذين رأوا فيها نموذج للفتاة المؤمنة بالحق وتدافع عنه، بجرأة وحزم، لقد اخترقت الحشود الأمنية التى كانت تطوق شارع البديع- يشبه شارع محمد محمود المؤدى لوزارة الداخلية فى مصر- وقفت وحيدة تهتف وسط ذهول قوات الشغب «يسقط حمد يسقط حمد».. تشجعت فتيات أخريات وانضممن إليها، ثم جاءت القوات وأطلقت القنابل فوق رءوسهن، فغادر الجميع.. وبقيت هى، فقبضوا عليها.. أهانوها.. عذبوها.. وسجنوها لمدة 7 أيام، خرجت بعدها لتصبح حديث الباحثين عن الحرية.