ارتبطت حياته بثورة 23 يوليو من صغره، وشاء القدر أن يكون واحدا من أهم وأشهر رجال ثورة يوليو 1952، إنه محمد عبد الحكيم عامر من مواليد 11 ديسمبر 1919 فى قرية أسطال بمحافظة المنيا، وتزوج مرتان الأولى زينب عبد الوهاب وهى ابنه عمه وله منها ثلاث أبناء وأربع بنات والثانية الفنانة برلنتى عبد الحميد وله منها ابن، التحق بالكلية الحربية عام 1935 وتخرج فيها عام 1939 ثم فى كلية أركان الحرب عام 1948.
شارك بعدها فى حرب 48 فى نفس وحدة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وهنا ظل التاريخ يذكر ويروي واحدة من أشهر وأبرز القصص الدرامية التى عاشتها المحروسة قصة "صديق العمر" وأبطالها الرجل الأول والثانى، الرئيس والمشير، وشارك المشير عبد الحكيم عامر فى العديد من الحروب أولها حرب 48، والعدوان الثلاثى وحرب اليمن وأخرها حرب 67 أو ما سميت بال"نكسة"، وكان المشير عامر أول من جنده عبد الناصر لتنظيم الضباط الأحرار وكان أقرب أعضاء التنظيم على قلبه.
وعندما نجحت الثورة كان ناصر أول مدير لمكتب القائد العام محمد نجيب ثم تلاه في هذا المنصب عبد الحكيم عامر، وحتى يضمن ولاءه له وللنظام الجديد رشحه ناصر ليقود القوات المسلحة.
ويروي الرئيس الراحل محمد نجيب في مذكراته مشهدا من مشاهد حب ناصر لعامر بقوله: "لقد ثرت ثورة عنيفة معارضا ترقية عبد الحكيم عامر من رتبة صاغ إلي رتبة لواء دفعة واحدة وتعيينه قائداً لجميع القوات المسلحة، مبينا أن ذلك سوف يخلق نقمة عامة في الجيش قد تكون صامتة ومطوية في الصدور، ولكنها ستكون قابلة للانفجار في أي لحظة"، وقلت لهم: "إنني اعترضت علي تعيين الفريق محمد حيدر رغم أقدميته؛ لأنه كان بعيداً عن صفوف الجيش، وأنا اليوم أعترض علي ترقية عبد الحكيم عامر وتعيينه قائداً عاماً ، لأنه ليس مؤهلاً لذلك، ولم ييأس المجلس من الوصول إلي غرضه، فتكرر الموضوع أكثر من مرة، وفي كل مرة كنت أرفض وأثور وحدي بلا نصير يقف معي وهددت بالاستقالة، فتأجل الموضوع ثلاثة أسابيع، لكني قبلت تحت ضغط وإلحاح استمر طوال هذه الفترة من جمال عبد الناصر".
المشير والرياضة .. القلعة البيضاء ولا شىء قبلها
كان مولع بحبه وإنحيازه إلى نادى الزمالك وكان هذا من الثوابت التى لا تقبل النقاش فكانت علاقته بالزمالك فريدة من نوعها، عندما ترأس اتحاد الكرة المصرية عام 1958 كان يضع مصلحة الزمالك قبل كل شىء فأعاد للنادى هيبته ما أدى إلى تحول عدد كبير من المصريين إلى تشجيع ومساندة الزمالك حبا فى عامر.
عامر.. الضحية
كان عام 1967 كفيل بالقضاء على المشير عبدالحكيم عامر، إنه عام الفاجعة التي عاش فيها شعب مصر، وكان لابد من أحد أن يتحمل مسئولية الهزيمة، ولم يكن هناك أفضل وأنسب من عبد الحكيم عامر، القائد العام للقوات المسلحة ونائب رئيس الجمهورية والرجل الثاني في الدولة، للعب هذا الدور وتحمل هذه الفاجعة، باعتباره المسئول الأول عن الهزيمة حتى وإن لم يكن المسئول الأوحد.
انتحر أم قتل
قضية تحتمل الشىء ونقيضه فكل الأطراف يريدون حسم القضية لصالحهم دون النظر للحقيقة التي باتت أمرا معقدا للغاية، والقصة لها روايتان كل رواية لها أدلة نفى وإثبات.. الرواية الأولي: نشرت صباح يوم 16 من سبتمبر 1967 وهي أن المشير عبد الحكيم عامر انتحر بعد أن تناول كمية سامة من مادة مخدرة. والرواية الثانية: التي تؤكد أنه قد تم قتله وأن المؤامرة تمت بتدبير من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وأنه قام بتكليف الفريق محمد فوزي وعبد المنعم رياض ليقوما بقتله .
وفى هذا الصدد، قدم الإعلامى يسرى فودة بتقديم حلقتين من برنامجه السابق على قناة الجزيرة "سرى للغاية" تحت عنوان "موت الرجل الثانى" يتحدث فيها عن الظروف والملابسات التي أدت إلى وفاة المشير عبد الحكيم عامر، وقام باستضافة العديد من الشخصيات التي شهدت كافة ملابسات الحادث ومن ضمن هذه الشخصيات: سامى شرف، سكرتير الرئيس عبد الناصر للمعلومات، وأمين الهويدى رئيس المخابرات العامة المصرية آنذاك، وجمال عبد الحكيم عامر، نجل المشير، إضافة إلى مجموعة من المتخصصيين في الطب الشرعى والخبراء والمحللين السياسيين الذين أشاروا إلى "استحالة انتحار المشير بالطريقة التي أعلنت وأنه تم دس السم له بعد عملية تم التحضير لها بعناية"، و تقرير الطبيب الشرعى الدكتور على محمود دياب سنة 1978، الذي أقر بقتله مع سبق الإصرار والترصد.
وعن هذا، يؤكد الدكتور عمرو عبد الحكيم عامر، نجل المشير، فى تصريحات خاصة ل"الفجر"، أنه يرى أن المشير قتل ولم يقدم على الانتحار ومن أشاعوا أكذوبة انتحاره هم المتورطين فى قتله، ويؤكد: "ظهر 3 تقارير آخرين من الطب الشرعى وآخرهم من دكتور إسحاق كميل وحسم الموضوع بأنه قتل، وتقرير الستينات مضحك ومليء بالأخطاء وأشياء منافيه للعلم"، قائلاً: "المشير عامر كان بمثابة الصندوق الأسود وقتله كان أمرا متوقعا".