بوجوه باسمة متحملة مشقة الوقوف بالساعات فى طوابيرالبنوك لمشاركتهم فى بناء قناة السويس، تقدم المئات من المصريين على مستوى محافظات مصر فى بنوك "القاهرة، مصر، البنك الأهلى، بنك قناة السويس" لشراء شهادات اعتماد قناة السويس، للمشاركة فى تمويلها وبناءها، حيث تتراوح فئاتها ما بين عشرة ومائة وألف جنيه ومضاعفتها، وتمنح عائد سنوى مقداره 12% يصرف كل ثلاثة أشهر، فقد تجاوزت حصيلة بيع الشهادات فى أول يوميين 14.5 مليار جنيه فى الوقت الذى تستهدف الدولة تحقيق 60 مليار جنيه حصيلة هذه الشهادات.
تجولت الفجر بين البنوك الثلاث فى مناطق مختلفة من شبرا الخيمة والعتبة ومنطقة الدقى، وشهدت هذه الأماكن ازدحام شديد يجمع ما بين الأطفال والشيوخ والسيدات التى تتصدر المشهد، كما تضم عائلات بأكملها ذهبت للمشاركة فى تمويل قناة السويس حتى لو من خلال مبلغ صغير لأطفالها قد يصل ل10 جنيهات.
فى البنك الأهلى المصرى بمنطقة شبرا الخيمة تواجد العشرات من كافة الفئات المختلفة لشراء شهادات قناة السويس، وقال جمال على، موظف بوزارة المالية، ذلك الرجل الخمسينى الذى جاء إلى البنك منذ الساعة الثامنة صباحاً لتحويل حسابه فى البنك لشراء شهادات وهو فى انتظار دوره منذ 4 ساعات، حيث قال: "أنا جاى النهاردة أشارك فى بناء مصر وتنميتها، وسوف أشترى شهادات بمقدار 150 ألف جنيه بسحبهم من حسابى الخاص بالبنك"، مؤكدا أنه رغم خسارته جراء تحويل مبلغ مالى من حسابه قبل مدته التى تزيد من عوائده إلا أنه سعيد بالمشاركة وأن الشهادات ستوفر عائد كبير للمواطن وتضمن حقوقه وكرامته.
وعبر وليد صالح، صاحب مركز لغات، عن سعادته لمشاركته فى شراء الشهادات، حيث ساهم بشراء شهادات تساوى 100 ألف جنيه، قائلا: "عشمانين خير أن الدنيا تمشى وفيه إقبال وزحام شديد على الشهادات بس هنستحمل أنا بقالى 3 ساعات ولسة مستنى دورى"، وعلى الجانب الآخر تجد عائلة مكونة من سيدة تزيد عمرها عن الستين وبناتها الأثنين مع حفيدتها التى يصل عمرها لخمس سنوات والتى جاءت من ميت نما بشبرا الخيمة للمشاركة فى شراء شهدات قناة السويس، وعبرت السيدة "أم طارق" عن فرحتها للمشاركة، مؤكدة أنها جاءت منذ ساعة وفى انتظار دورها، قائلة: "كله يهون فى حب مصر والسيسى.. كل الناس جاية تعبر عن حبها لبلدها وعايزين نشوف التطور والتنمية.. أنا جيت مرة قبل كدا وقالولى لازم شهادات ميلاد أحفادك وجيت تانى بعد ما خلصت الورق ومستنية دورى، وأدعو كل المصريين للمشاركة".
وأكدت أم كريم، إنها جاءت لشراء شهادات لأبنائها الأثنين بمقدار 200 جنيه لكل شخص، قائلة: "هشارك عشان البلد تقوم على حيلها.. لازم كلنا نكون أيد واحدة.. مكناش متوقعين الإقبال دا اللى أكد أن الشعب المصرى هو أعظم شعب"، وذلك فى الوقت الذى اشتكى البعض من صعوبة الإجراءات والوقوف بالساعات لشراء الشهادة، وعدم الاستعداد الكافى من البنوك لمواجهة الزحام، ووجود بعض الارتباك، وأوضحت "أم محمد" التى تزوجت فى شبرا وهى من الإسكندرية أنها جاءت مرتين لشراء الشهادات وواجهتا صعوبة الإجراءات، حيث جاءت أول يوم تم فتح فيه الشهادات الساعة السابعة صباحاً وتم تأخيرها لعدم اكتمال أوراقها وتواجد مسكنها الحالى بشبرا فى البطاقة، وجاءت نفس اليوم الساعة الرابعة عصراً هى وزوجها ليؤكد لهم مكانها الحالى وانتهت من إجراء الشهادة وشرائها الساعة العاشرة مساءاً.
وقالت الحاجة سامية، التى يزيد عمرها عن الستين، إنه واجهتها مشكلة فتح حساب لشراء الشهادات، وأنها لم تكن على علم بذلك سوى المجىء بالبطاقة الشخصية، ما جعلها تعانى التأخير لعدم تواجد حساب جاري لها، قائلة: "جاية عشان البلد ومستقبل أحفادى.. وربنا يقوى السيسى.. وتكون قناة السويس بشرة خير لأن مصر تعبانة، وأحنا جايين نقف مع السيسى والبلد.. ربنا ينصره على من يعاديه".
وفى سياق متصل، تابعت جيهان محمد، موظفة بالسجل المدنى، وأحد مصابى ثورة يناير، والتى جاءت إلى البنك على عكاز لإصابة ظهرها وقدمها بإعاقة: "جاية أعمل شهادات لبناتى مكنتش أعرف أنه لازم يكون معايا رصيد فى البنك اللى أعرفه إنى هاجى ببطاقتى وشهادات ميلاد الولاد كان لازم يعلنوا عن المطلوب بالظبط، ربنا يستر على مصر، مبسوطة من الزحمة لو هقف اليوم كله مش هتعب".
وفى بنك القاهرة بمنطقة العتبة، كانت الأجواء تميل إلى الهدوء بعكس بنك مصر والبنك الأهلى، حيث توافد العشرات على فرعه ولكن بمعدلات أقل، وجاءت سيدة تسنتد على عكاز لوجود إعاقة فى قدميها ومعها ابنتها وحفيدتها لشراء شهادات قناة السويس لها ولحفيدتها، حيث قالت: "أحنا كبرنا بس هنفضل نساهم عشان البلد تعيش وقناة السويس مستقبل لأحفادى هما شباب بكره، عايزين البلد ظروفها تتحسن"، بينما عبرت أم مصطفى، التى جاءت لشراء شهادات لابنيها لكل منهم بألف جنيه، عن سعادتها وذهابها لأكثر من مرة إلى بنك مصر وعودتها فى ظل الزحام الشديد، مؤكدة أن مشروع قناة السويس هو مستقبل مصر ومستقبل أولادنا، داعية المصريون للمشاركة فى تمويل قناة السويس لبنائها بأموال وجهود المصريين بعيداً عن الاستدانة.
كما شهد بنك مصر بمنطقة الدقى إقبال شديد فى أيامه الأولى وحتى الآن، وكانت السيدات تتصدر المشهد لشراء الشهادات بإسمها وأسم أبنائها، سيدة تتجاوز الأربعين من عمرها، مطلقة، من منطقة العجوزة، تعمل سكرتيرة فى عيادة دكتور أمراض عصبية، ورغم حاجاتها الشديدة للمال لكنها تمكنت من المشاركة بمبلغ مالى وصل ل2000 جنيه، فكاميليا تلك السيدة التى تحدثت بوجهها البشوش قالت ل"الفجر"، إنها قامت ببيع ذهبها من خاتمين مقابل مبلغ مالى 2000 جنيه للمشاركة فى مشروع قناة السويس، مؤكدة أن المشروع أمن قومى وأن "المصريين زمان بنوا القناة بدمائهم وفلوسنا قليلة عليها"، مضيفة: "موجودة من الساعة 11 بقالى ساعتين وهفضل موجودة ومش تعبانة أنا حاسة أننا فى عيد، أخواتى كلهم مشاركيين فيهم اللى ب10آلاف ومضاعفتها".
وبجوار كاميليا، كانت تقف أميرة وأولادها الأثنين، والتى تقطن بمنطقة المنيب، وجاءت إلى الدقى لشراء شهادات قناة السويس لها بعدما قامت ببيع أجهزة منزل والدتها التى ورثته عنها فى الدقى، قائلة: "أنا عايشة فى المنيب وورثت البيت عن أمى وبيعت عفشها القديم بحوالى ألفين جنيه وجاية النهاردة أشترى شهادات قناة السويس وأشارك فى هذا الحدث التاريخى عشان نبنى مصر، وجوزى عمل لنفسه بخمسة ألاف جنيه ولكل واحد من ولادى بمائة جنيه فقولت لازم أشارك، ولازم كل المصريين يشاركوا عشان مصر وتنميتها"، وعلى الجانب الأخر تجد تلك السيدة المسنة التى تجاوزت الستين من عمرها والتى جاءت لتشترى لأحفادها شهادة استثمار بألف جنيه لكل منهم، قائلة: "أنا جيت أنهاردة عشان أحفادى ومستقبلهم..خلاص أحنا هنسيب البلد للأجيال اللى جاية وهى عمرانة مش خربانة.. أنا فرحانة..ومش تعباانة.. وبقالى ساعتين ولو قعد أكتر من كدا عادى".