10 يناير موعد الإعلان عن نتيجة انتخابات مجلس النواب 2025    وزير الصحة يلتقي الأطباء وأطقم التمريض المصريين العاملين في ليبيا    رئيس الوزراء: مصر ستبقى إلى جانب لبنان في مسيرتها نحو التعافي والاستقرار    وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي ووزيرة التنمية المحلية ومحافظ سوهاج يتفقدون ممشى كورنيش النيل    المهندس أشرف الجزايرلي: 12 مليار دولار صادرات أغذية متوقعة بنهاية 2025    لافروف: نؤيد رؤية مصر بضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ليبيا    الأردن يرحب بإلغاء عقوبات "قيصر" ويؤكد دعمه لجهود إعادة البناء في سوريا    الإصابة تبعد حسام عوار عن منتخب الجزائر في أمم أفريقيا وعبدلي يعوض غيابه    تحرير 1079 مخالفة مرورية لعدم ارتداء الخوذة    الداخلية توضح حقيقة السير عكس الاتجاه بطريق قنا - الأقصر الغربي    لقاء أدبي بفرع ثقافة الإسماعيلية حول أسس كتابة القصة القصيرة    وائل كفوري يمر بلحظات رعب بعد عطل مفاجى في طائرته    «الإفتاء» تستطلع هلال شهر رجب.. في هذا الموعد    الصحة: تنفيذ برنامج تدريبي لرفع كفاءة فرق مكافحة العدوى بمستشفيات ومراكز الصحة النفسية    بوتين لزيلينسكي: ما دمت على عتبة الباب لماذا لا تدخل؟ الرئيس الروسي يسخر من نظيره الأوكراني    محمد رمضان: الجمهور مصدر طاقتي وسبب نجاحي بعد ربنا    انطلاق مبادرة لياقة بدنية في مراكز شباب دمياط    جامعة عين شمس تواصل دعم الصناعة الوطنية من خلال معرض الشركات المصرية    محافظ أسيوط يطلق مبادرة كوب لبن لكل طفل دعما للفئات الأولى بالرعاية    يبدأ رسميًا 21 ديسمبر.. الأرصاد تكشف ملامح شتاء 2025 في مصر    افتتاح مسجد نادي جامعة أسيوط بعد تجديد شامل    توصيات ندوة أكاديمية الشرطة حول الدور التكاملي لمؤسسات الدولة في مواجهة الأزمات والكوارث    عماد أبو غازي: «أرشيف الظل» ضرورة بحثية فرضتها قيود الوثائق الرسمية.. واستضافة الشيخ إمام في آداب القاهرة 1968 غيرت مساره الجماهيري    وزير الخارجية: العلاقات مع روسيا شهدت طفرة استراتيجية على جميع الأصعدة    حماس: محادثات ميامي لن تفضي لوقف خروقات إسرائيل للهدنة    أحمد شيبة ينتهي من تسجيل أغنية جديدة لطرحها في رأس السنة    ندوة تناقش 3 تجارب سينمائية ضمن مهرجان القاهرة الدولي للفيلم القصير    اطلاق بوستر الدورة ال16 من مهرجان المسرح العربي بالقاهرة    النتائج المبدئية للحصر العددي لأصوات الناخبين في جولة الإعادة بدوائر كفر الشيخ الأربعة    نيجيريا الأعلى وتونس وصيفًا.. القيمة التسويقية لمنتخبات المجموعة الثالثة بأمم إفريقيا 2025    عبد الغفار يبحث مع وزير الصحة الموريتاني نقل التجربة المصرية في التأمين الشامل    فضل قراءة سورة الكهف.....لا تتركها يوم الجمعه وستنعم بالبركات    نواف سلام: العلاقة بين مصر ولبنان أكثر من تبادل مصالح إنها تكامل في الرؤية وتفاعل في المسار وتاريخ مشترك    سلام: العلاقة بين مصر ولبنان تشمل تفاعلا في المسار واتفاقا في الرؤى    تنفيذ 27 حملة تفتيش وتحرير 156 محضرا فى حملة تموينية بالوادى الجديد    حملات أمنية مكبرة تضبط 340 قضية مخدرات وتنفذ قرابة 60 ألف حكم خلال 24 ساعة    وفاة 7 أشخاص وإصابة 5 آخرين في حريق سيارة سوزوكي على الطريق الإقليمي    ضبط 20 متهمًا أثاروا الشغب بعد إعلان نتيجة الانتخابات بالإسماعيلية    رئيس هيئة الرعاية الصحية يشهد ختام مشروع منحة FEXTE الفرنسية    وفاة طبيب متأثراً بإصابته إثر طلق ناري أثناء مشاركته بقافلة طبية في قنا    وزير الزراعة يعلن خفض المفوضية الأوروبية فحوصات الموالح المصرية إلى 10% بدلا من 20%    "الوزراء": الحكومة تمنح تيسيرات لزيادة عدد الغرف الفندقية وتحويل بعض المنشآت السكنية    الزمالك في معسكر مغلق اليوم استعداداً للقاء حرس الحدود    اليوم.. الأهلي يواجه الجزيرة في دوري سيدات اليد    وزيرة التخطيط تختتم الحوار المجتمعي حول «السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية»    أطعمة تقوي المناعة.. كيف يساعد الغذاء الجسم على مواجهة الإنفلونزا؟    كأس عاصمة مصر.. الإسماعيلي يتحدى بتروجت بحثًا عن الفوز الأول    ارتفاع حصيلة البعثة المصرية بدورة الألعاب الإفريقية للشباب إلى 65 ميدالية    الدفاع الروسية: قواتنا سيطرت على 4 بلدات أوكرانية خلال الأيام الماضية    جامعة السوربون تكرم الدكتور الخشت بعد محاضرة تعيد فتح سؤال العقل والعلم    أستاذ لغويات: اللغة العربية تمثل جوهر الهوية الحضارية والثقافية للأمة    أبو الغيط يرحب بانتخاب برهم صالح مفوضًا ساميًا لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة    الداخلية تضبط 20 شخصا من أنصار مرشحين بسبب التشاجر فى الإسماعيلية    سنن وآداب يوم الجمعة – وصايا نبوية للحياة اليومية    هل يجوز للمرأة صلاة الجمعة في المسجد.. توضيح الفقهاء اليوم الجمعة    تبلغ 32 مليون دولار والبطل يحصل على 7 ملايين.. كاف يعلن زيادة الجوائز المالية لبطولة كأس الأمم الأفريقية 2025    مستشار الرئيس للصحة: لا يوجد وباء والوضع لا يدعو للقلق.. والمصاب بالإنفلونزا يقعد في البيت 3 أو 4 أيام    محافظ الدقهلية يكرم أبناء المحافظة الفائزين في المسابقة العالمية للقرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ومن أحسن من الله صبغة
نشر في الفجر يوم 27 - 08 - 2014

من الآيات الدالة على أفضلية دين الإسلام على غيره من الأديان، وأنه الدين الذي ارتضاه الله لعباده، وأنه لا يقبل منهم ديناً سواه، ما جاء في قوله تعالى: {صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون} (البقرة:138). نحاول في هذه السطور أن نستبين المراد من هذه الآية الكريمة.
قوله سبحانه: {صبغة الله} (الصبغ) في اللغة: تلوين الشيء بلون ما. يقال: صبغته أصبغه. و(الصبغة) هنا: اسم للماء الذي يغتسل به اليهود عنواناً على التوبة لمغفرة الذنوب. والأصل فيها عندهم الاغتسال الذي جاء فرضه في التوراة على الكاهن، إذا أراد تقديم قربان كفارة عن الخطيئة عن نفسه، أو عن أهل بيته، والاغتسال الذي يغتسله الكاهن أيضاً في عيد الكفارة عن خطايا بني إسرائيل في كل عام. والنصارى إذا أرادوا أن ينصروا أطفالهم، جعلوهم في ماء زاعمين أن في ذلك تقديس لهم ، بمنزلة غسل الجنابة لأهل الإسلام، وأنه صبغة لهم في النصرانية.
وإطلاق (الصبغة) على ماء المعمودية، أو على الاغتسال به استعارة مبنية على تشبيه تخييلي؛ إذ تخيلوا أن التعميد يُكْسِب المعمَّد به صفة النصرانية، ويلونه بلونها، كما يلون الصبغ ثوباً مصبوغاً. وقريب منه إطلاق الصبغ على عادة القوم وخُلُقهم.
والذي ذهب إليه جمهور المفسرين أن المراد ب {صبغة الله} هو: دين الله. وهو الإسلام. روى الطبري عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: {صبغة الله}: دين الله. وهو مروي عن كثير من التابعين. فسمي (الدين) صبغة استعارة ومجازاً، من حيث ظهور أعماله وسَمْته على المتدين. وعليه فقوله سبحانه: {صبغة الله} ردٌّ على اليهود والنصارى معاً؛ أما اليهود فلأن الصبغة نشأت فيهم. وأما النصارى فلأنها سُنَّة مستمرة فيهم، ولما كانت المعمودية مشروعة لهم لغلبة تأثير الماديات على عقائدهم، رد عليهم بأن صبغة الإسلام الاعتقاد والعمل، المشار إليهما بقوله: {قولوا آمنا بالله} إلى قوله: {ونحن له مسلمون} (البقرة:136)، أي: إن كان إيمانكم حاصلاً بصبغة القسيس، فإيماننا بصبغ الله وتلوينه، أي: تكييفه الإيمان في الفطرة مع إرشاده إليه. فإطلاق الصبغة على الإيمان استعارة، علاقتها المشابهة، وهي مشابهة خفية، حسنها قصد المشاكلة.
وقد ذهب بعض المفسرين إلى أن المراد من قوله سبحانه: {صبغة الله}، أي: فطرة الله، كما قال تعالى: {فطرة الله التي فطر الناس عليها} (الروم:30). روي هذا عن مجاهد وغيره. والمعنى على هذا القول: بل نتبع فطرة الله وملته التي خلق عليها خلقه، وذلك الدين القيم، من قول الله تعالى: {فاطر السماوات والأرض} (الأنعام:14)، بمعنى: خالق السماوات والأرض. قال الرازي: معنى هذا الوجه: أن الإنسان موسوم في تركيبه وبنيته بالعجز والفاقة، والآثار الشاهدة عليه بالحدوث والافتقار إلى الخالق، فهذه الآثار كالصبغة له، وكالسمة اللازمة.
والظاهر أنه لا فرق بين القولين؛ إذ إن دين الإسلام هو الفطرة، ولا يخالفها في شيء. قال القاضي الباقلاني: من حمل قوله: {صبغة الله} على الفطرة، فهو مقارب في المعنى لقول من يقول: هو دين الله؛ لأن الفطرة التي أمروا بها، هو الذي تقتضيه الأدلة من عقل وشرع، وهو الدين أيضاً، لكن (الدين) أظهر؛ لأن المراد هو الذي وصفوا أنفسهم به في قوله: {قولوا آمنا بالله}، فكأنه تعالى قال: إن دين الله الذي ألزمكم التمسك به فالنفع به سيظهر ديناً ودنيا، كظهور حسن الصبغة. ثم قال الباقلاني: "وإذا حمُل الكلام على ما ذكرناه، لم يكن لقول من يقول: إنما قال ذلك لعادة جارية لليهود والنصارى في صبغ يستعملونه في أولادهم معنى، لأن الكلام إذا استقام على أحسن الوجوه بدونه فلا فائدة فيه".
وعلى كلا القولين، يكون المعنى: الزموا دين الله، وقوموا به قياماً تاماً، بجميع أعماله الظاهرة والباطنة، وجميع عقائده في جميع الأوقات، حتى يكون لكم صبغة، وصفة من صفاتكم، فإذا كان صفة من صفاتكم، أوجب ذلك لكم الانقياد لأوامره، طوعاً واختياراً ومحبة، وصار الدين طبيعة لكم بمنزلة الصبغ التام للثوب الذي صار له صفة، فحصلت لكم السعادة الدنيوية والأخروية، لحث الدين على مكارم الأخلاق، ومحاسن الأعمال، ومعالي الأمور.
أما قوله عز وجل: {ومن أحسن من الله صبغة}، فهو جواب لما قالته اليهود والنصارى للنبي محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه المؤمنين به: {كونوا هودا أو نصارى تهتدوا}، فأمر سبحانه نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم، أن يقول لهم: بل اتبعوا ملة إبراهيم، صبغة الله التي هي أحسن الصِبَغ، فإنها هي الحنيفية المسلمة، ودعوا الشرك بالله، والضلال عن محجة هداه.
قال السعدي: "وإذا أردت أن تعرف نموذجاً، يبين لك الفرق بين صبغة الله، وبين غيرها من الصبغ، فقس الشيء بضده، فكيف ترى في عبد آمن بربه إيماناً صحيحاً، أثر معه خضوع القلب وانقياد الجوارح، فلم يزل يتحلى بكل وصف حسن، وفعل جميل، وخُلُق كامل، ونعت جليل، ويتخلى من كل وصف قبيح، ورذيلة وعيب، فوصفه: الصدق في قوله وفعله، والصبر والحلم، والعفة، والشجاعة، والإحسان القولي والفعلي، ومحبة الله وخشيته، وخوفه، ورجاؤه، فحاله الإخلاص للمعبود، والإحسان لعبيده، فقسه بعبد كفر بربه، وشَرَد عنه، وأقبل على غيره من المخلوقين، فاتصف بالصفات القبيحة، من الكفر، والشرك، والكذب، والخيانة، والمكر، والخداع، وعدم العفة، والإساءة إلى الخلق، في أقواله، وأفعاله، فلا إخلاص للمعبود، ولا إحسان إلى عبيده. فإنه يظهر لك الفرق العظيم بينهما، ويتبين لك أنه لا أحسن صبغة من صبغة الله، وفي ضمنه أنه لا أقبح صبغة ممن انصبغ بغير دينه".
وقوله سبحانه: {ونحن له عابدون} بيان لهذه (الصبغة)، وهي القيام بهذين الأصلين: الإخلاص والمتابعة؛ لأن (العبادة) اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأعمال والأقوال، الظاهرة والباطنة، ولا تكون كذلك، حتى يشرعها الله على لسان رسوله. والإخلاص: أن يقصد العبد وجه الله وحده في تلك الأعمال. ووَصَفَهم باسم الفاعل (عابدون) الدال على الثبوت والاستقرار؛ ليدل على اتصافهم بذلك، وكونه صار صبغة لهم ملازماً".
والحاصل: أن الله تعالى أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول لليهود والنصارى، الذين قالوا له ولمن تبعه من أصحابه: {كونوا هودا أو نصارى}، أمره أن يقول لهم: بل نتبع ملة إبراهيم حنيفاً، وهذه الملة الحنيفية هي صبغة الله. {ونحن له عابدون}: يعني: نحن من ملة الخاضعين لله المستكينين له في اتباعنا ملة إبراهيم، ودينونتنا له بذلك، غير مستكبرين في اتباع أمره، والإقرار برسالة رسله، كما استكبرت اليهود والنصارى، فكفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم استكباراً، وبغياً، وحسداً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.