يعكف المشرعون الصينيون ، فيما هو أشبه بخلية نحل من مختلف المناطق والمقاطعات الصينية منذ امس على عقد أجتماعات على مدار اليوم لوضع التفاصيل الفرعية لخطط إصلاح وقوانين مقاطعاتهم والتى ستوضع ضمن خطة الإصلاحات العامة الكاملة للدولة للدولة الصينية . وخلال اجتماعات مجموعة عمل الدورة مقاطعة قواندونغ بجنوب الصين ، فؤجي المشرعون بحضور الرئيس الصيني شي جين بينغ وعدد من القادة لللمناقشات حيث دعاهم إلى التحرك والعمل على نطاق أوسع في خطة الاصلاح والانفتاح الاقتصادي ، مؤكدا أن مقاطعة قواندونغ كانت الخط الأمامي لخطة الإصلاح والانفتاح لأكثر من 30 عاما ويجب أن تستمر في ذلك.
وأضاف الرئيس الصيني ، موجها كلامه للمشرعين فى المقاطعة ، إنه يجب أن نستمر في أداء دور بارز في تجربة الاشياء الجديدة واستكشاف مجالات جديدة للاصلاحات في المستقبل ، وحث على التسريع في بناء اقتصاد سوق حديث وتحسين الوظائف الحكومية وتبني سياسات انفتاحية أكثر فاعلية.
على نفس الجانب ومع إعلان الصين - في أحدث هدف اقتصادي لها - تصميمها على زيادة الناتج المحلي الإجمالي إلى 10 تريليونات دولار أمريكي في 2014 ، أعرب عدد من الخبراء والمحللين عن تفاؤلهم تجاه هذه الخطوة .. مشيرين إلى أن كلمة رئيس مجلس الوزراء الصيني لي كه تشيانغ في تقرير عمل الحكومة والتى تضمنت تحديد هدف نمو الاقتصاد الصيني للعام 2014 عند حوالي 5ر7 بالمائة ، أخذت بعين الاعتبار المتطلبات والاحتمالات بناء على المقارنة الدقيقة والموازنات المتكررة للعديد من العوامل المتغيرة ، ورغم ذلك ثبتت الحكومة الصينية هدف نمو الاقتصاد عند 5ر7 % للسنة الثالثة على التوالي.
وتوضح الأرقام الصادرة عن مصلحة الدولة للإحصاء فى الصين أن إجمالي الناتج المحلي ارتفع إلى 9ر56 تريليون يوان (نحو 3ر9 تريليون دولار أمريكي) في 2013 بنمو يقدر ب 7ر7 % على أساس سنوي متجاوزا 5ر7 % المستهدف ، وقد يصعد إجمالي الناتج المحلي للصين إلى 1ر61 تريليون يوان (نحو 10 تريليونات دولار أمريكي) بحلول أواخر 2014 إذا تحقق هدف النمو الاقتصادي واستقر سعر صرف اليوان مقابل الدولار .
ورغم تراجع سعر صرف الرنمينبي ( اليوان الصيني) مقابل الدولار في الفترة الأخيرة ، إلا أن هناك توقعات باستقراره أو إرتفاعه مدعوما بأساس متين لنمو الاقتصاد الصيني ، فى وقت أكد باحثون إنه لا يوجد أساس لتراجع سعر الرنمينبي بشكل مستمر حيث من المتوقع أن يصل فائض التجارة الصينية إلى 280 مليار دولار أمريكي في 2014 من 265 مليار دولار أمريكي في 2013.
وعلى الرغم من أن هدف النمو الاقتصادي للصين هو 5ر7 % مثل الأعوام الماضية فإن أهميته تتضاءل حيث يرى الكثيرون أن الحكومة لم تعد تنظر لمعدل النمو الاقتصادي باعتباره الحد الأدنى الضرورى ، خاصة عندما أكد رئيس الوزراء الصيني أنه "يجب أن نحافظ على الأداء الاقتصادي في نطاق مناسب ، وهذا النطاق ، وهو ما بين الحد الأدنى لضمان تحقيق نمو مطرد وخلق فرص عمل والحد الأقصى لتجنب حدوث تضخم ، تم إدراجه في تقرير عمل الحكومة للمرة الأولى ويعتبر بمثابة استراتيجية الصين الجديدة لموازنة النمو والإصلاح.
ويرى المحللون أنه بشكل عملي تتخطى الصين عادة معدل النمو المستهدف ، حيث أنه في العام الماضي بلغ معدل النمو 7ر7 % لكن هناك قبولا متزايدا لمعدل نمو أبطأ ، فى وقت قلل وزير المالية الصيني لو جي وي من أهمية هذا الرقم ، وقال "سواء كان الرقم النهائي قريبا أو بعيدا عن المستهدف فليس هذا هو المهم ، المهم هو التوظيف" ، وأضاف أن معدل نمو يبلغ 3ر7 % أو 2ر7 % يمكن إعتباره في النطاق المقبول.
وأشارو إلى أنه أما بالنسبة لمن يريدون أن تتخلى الحكومة الصينية عن أهداف النمو تماما وأن تركز على الإصلاح بدلا من ذلك ، فسيكون وقتها تقرير لي مخيبا للآمال ، لكن الصين تحتاج لنمو مستقر من أجل خلق وظائف كافية لضمان إعادة توطين القوة العاملة القادمة من الريف في المدن.
وعلى الرغم من الأداء الاقتصادي الجيد مؤخرا بالصين ، لا زال العديد من المواطنين فى مقاطعات معينية يعيشون في ظروف صعبة ، ونظرا لأن خط الفقر في الصين محدد ب 2300 يوان لإجمالي الدخل الصافى سنويا في العام الماضي فإن ريفيين يبلغ عددهم 5ر82 مليون نسمة مصنفون فقراء رسميا ، فى الوقت الذي أكد رئيس الوزراء على أن "الصين لا زالت دولة نامية ولابد أن تعتبر التنمية الاقتصادية مهمة مركزية".
وقال لي إن التعهد باستقرار النمو لا يعني المساومة على الإصلاح، ولكنه يعني تحديد الظروف المواتية لتسريع الإصلاح الاقتصادي ، وأن "الإصلاح على قمة أولويات العام الحالي" ، وأنه من بين خطط عام 2014 أعلن لي نظام تأمين ودائع الذي يعتبر شرطا مسبقا لتحرير أسعار الودائع ، وتلك على الأرجح آخر وأهم خطوة لتحرير سعر الفائدة.
وتشدد الصين أنها ستعمل أيضا على إصلاح النظام الحالي الذي تطبقه الحكومات المحلية لإصدار السندات من أجل السيطرة على مشكلة الدين المتفاقمة ، وهناك إجراءات تفصيلية للسيطرة على الإنتاج الفائض الذي يعد عقبة رئيسية للاقتصاد ، وأنه في إطار خطوات الاستجابة للمخاوف العامة قام الحكومة الصينية أيضا "بإعلان الحرب" على التلوث وتعهدت بالتعامل بشكل صارم مع المسؤولين الفاسدين "دون رحمة".
من جانبه ، قال وانغ تاو كبير الخبراء الاقتصاديين في بنك (يو بي اس) بالصين "كما توقعنا ستتم الإصلاحات السهلة نسبيا والإصلاحات التي تحظى بأعلى نسبة توافق بوتيرة أسرع على المدى القريب .. محذرا من أنه من المرجح أن يخفض نمو اجمالي الناتج المحلي الطموح نسبيا من قدرة الحكومة على المناورة في ظل مكافحة ديون الحكومات المحلية والقدرة المالية وغيرها من الإصلاحات الهامة ، وتوقع أن يتم تنفيذ المزيد من إجراءات الإصلاح القاسية بمعدل أبطأ، حيث يمكن أن يبلغ معدل النمو في الصين لعام 2014 ما نسبته 8ر7 %.