استقبل المكسيكيون في منطقة غواناخواتو (وسط) الجمعة بحماس البابا بنديكتوس السادس عشر الذي دعا الى الاعتراف بدور الكنيسة بشكل افضل واكد على الحرية الدينية في هذا البلد الكاثوليكي جدا والعلماني جدا ايضا. وقد استنفرت كل المنطقة التي تعد معقلا تقليديا للكاثوليك لاستقبال البابا الالماني الذي قال انه يقوم بهذه الزيارة على خطى البابا يوحنا بولس الثاني وفي اطار الاستمرارية. وكان البابا يوحنا بولس الثاني زار المكسيك خمس مرات. وقال الناطق باسم الفاتيكان الاب فيديريكو لومباردي نقلا عن "مصادر شبه رسمية" مكسيكية ان ما بين 600 الف و700 الف شخص اصطفوا على جانبي الطريق ليهتفوا للحبر الاعظم عند مروره على امتداد 37 كلم بين مطار سيلاو ومعهد عذراء ميرافلوريس حيث يمضي ليلته في مدينة ليون. واضاف الاب اليسوعي ان "بنديكتوس السادس عشر تأثر جدا بحضور هذا الحشد الكبير وبالفرح الذي عبر عنه الناس". واكدت مصادر في الفاتيكان ان بنديكتوس السادس عشر لم يلق استقبالا حارا الى هذا الحد من قبل حشد بهذا الحجم، خلال زيارات للخارج من قبل. وفي مطار غواناخواتو (وسط) حرص الحبر الاعظم على الاشارة الى التوتر الذي تشهده المكسيك حاليا بشأن العلمانية ومختلف مشاريع الاصلاحات المطروحة حول العائلة والاعراف ومن بينها الاجهاض ووضع مثليي الجنس. وذكر الحبر الاعظم في اليوم الاول من زيارته "بالحق الاساسي للحرية الدينية" داعيا "هذا الشعب الى التمسك بالعقيدة التي تلقاها وافضل ما لديه من تقاليد". وقبل ايام من بلوغه الخامسة والثمانين من العمر، يفترض ان يزور البابا في رحلته الثانية الى اميركا اللاتينية كوبا ايضا. واكد ان الكاثوليك يرغبون في ان "يكونوا خميرة المجتمع بمساهمتهم في تعايش محترم وسلمي قائم على الكرامة التي لا تضاهى لكل انسان خلقه الله ولا يحق لاي حكم ان ينساها او يحط من قدرها". وعبر بنديكتوس السادس عشر عن سروره لوجوده في اميركا اللاتينية التي يزورها للمرة الثانية خلال حبريته بعد رحلته الى البرازيل في 2007. وقال الحبر الاعظم وسط تصفيق الحشود "اتمنى ان اصافح جميع المكسيكيين واقبل الدول والشعوب اللاتينية الاميركية". البابا بنديكتوس السادس عشر يبارك الحشود في مدينة ليون المكسيكية في 23 اذار/مارس 2012 ويشكل المسيحيون الكاثوليك رسميا 84 بالمئة من سكان المكسيك البالغ عددهم 112 مليون نسمة. وكان البابا دعا في مؤتمر صحافي عقده في الطائرة التي اقلته الى المكسيك الى مكافحة تهريب المخدرات الذي يدمر هذا البلد مؤكدا ضرورة "كشف شرور وكذب المهربين" الذين يؤكد بعضهم انهم كاثوليك. كما دعا الى مكافحة "عبادة المال". وقال قبل ساعات من وصوله الى المكسيك ان "مسؤوليتنا الكبرى هي تعليم الضمائر وتدريس المسؤولية المعنوية" بينما يشن الرئيس فيليبي كالديرون حملة عسكرية على عصابات تهريب المخدرات اسفرت عن سقوط حوالى خمسين الف قتيل منذ 2006. من جهته، اكد كالديرون الذي كان في استقبال البابا في المطار ان زيارة الحبر الاعظم تعد "اشارة تضامن مع شعبنا ولن ننساها ابدا". وذكر بان المكسيك "عانت من العنف الاعمى الذي مارسه منحرفون" في اشارة الى المواجهات مع مهربي المخدرات. واضاف ان "لوجودكم معنى خاصا في ظرف تجتاز فيه بلادنا اوضاعا صعبة وحاسمة". وكانت الطائرة التي اقلت البابا حطت عند الساعة 16,13 (22,13 تغ) في مطار ولاية غواناجواتو بوسط المكسيك حيث سيبقى حتى الاثنين. وخلال رحلته التي تستمر ستة ايام، سيزور البابا خمس مدن هي سيلاو وليون وغواناخواتا في وسط المكسيك (من 23 الى 26 آذار/مارس) ثم سانتياغو دي كوبا وهافانا (من 26 الى 28 آذار/مارس). لكنه لن يتوجه الى العاصمة المكسيكية بسبب موقعها المرتفع (2300 متر). وسيترأس البابا اليوم السبت قداسا خاصا في معهد ميرافلوريس في ليون مقر اقامته لثلاثة ايام قبل ان يجري محادثات مع كالديرون ثم يلتقي اطفال غواناخواتو. وقد يواجه الحبر الاعظم انتقادات تتعلق بخنق الفاتيكان لفضائح تتعلق باعتداءات جنسية على الاطفال. وكان الفاتيكان تردد عشرات السنين قبل ان يتحرك بعد الكشف عن اعتداءات جنسية على اطفال ارتكبها مؤسس فرسان يسوع المكسيكي مارسيال ماسييل ديغويادو الذي توفي في 2008. وحول كوبا، قال البابا الجمعة ان الايديولوجيا الماركسية "كما صممت في البدء لم تعد تتلاءم والواقع" وانه "حان وقت العثور على نماذج جديدة". وشدد البابا على نية الكاثوليكيين على "المساعدة في انشاء حوار بناء لتجنب الصدمات" حيث باتت الكنيسة المحلية المحاور السياسي الاساسي مع السلطات الكوبية. وفي كوبا قال اسقف سانتياغو دي كوبا ديونيسيو غارسيا ان البابا سيحمل رسالة "شجاعة وامل ومصالحة"، مؤكدا ان المدينة التي يصل اليها الاثنين "تنتظره بحماس وبفارغ الصبر".