ترجمة منار طارق نشرت صحيفةواشنطن بوست مقالا اوردت فيه: تخيل عالم لا تنزلق فيه منطقة الشرق الأوسط الى المذابح والفوضى، بل تقع على حافة سلسلة ضخمة من الاختراقات . بحلول الربيع المقبل ، يتم تأمين برنامج ايران النووي و تحويل مصر الي دولة ديمقراطية ليبرالية . و تنحي الديكتاتور السوري بشار الأسد جانبا. وأخيرا وليس آخرا، استقرار الإسرائيليين والفلسطينيين على شروط لاقامة دولة فلسطينية .
هذا هو العالم الذي يتمناه جون كيري بينما كان يتنقل في جميع أنحاء العالم في الأسبوع الماضي: عالم خيالي أنشأته رؤيته المتصاعدة عما يمكن أن ينجزه كوزيرا للخارجية . وفي الوقت نفسه، على هذا الكوكب ، اوردت منظمات المساعدات وجود مجاعة و تفشي شلل الأطفال في سوريا ، و تقديم الرئيس المصري المنتخب للمحاكمة ؛ و فشل الزعماء الاسرائيليون والفلسطينيون في التوصل لحل بشان محادثات السلام التي توسطت فيها الولاياتالمتحدة ، و وصف وزير الخارجية الفرنسي الاتفاق مع ايران انه " لعبة غير مجدية. "
لنسميه لغز رحلة كيري السحرية. يوم 3 نوفمبر في القاهرة ، أعلن أنه جاري تنفيذ " خارطة الطريق [ إلى الديمقراطية في مصر ] مطابقا لمفهومنا "، حتى بعد أن فشل في ذكر محاكمة الرئيس المخلوع محمد مرسي .
يوم الثلاثاء ، قدم كيري التفسير التالي عن سبب نجاح مؤتمر السلام السوري الذي يعمل من اجله : "إن نظام الأسد يعرف جيدا أن الغرض من " المؤتمر هو " تعيين حكومة مؤقتة ". و ان "الحكومة السورية وافقت علي المجيء الي جنيف" . على ما يبدو انه يترتب على ذلك ظهور الأسد ، والاتفاق بهدوء علي تسليم السلطة . إذا لم يكن كذلك، غامر كيري ، " سوف يتأكد الروس و الإيرانيين . . . من أن النظام السوري سيرقى إلى مستوى التزاماته " .
كان تفاؤل كيري غير مرهق. وخصص محطته التالية لرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس ، و قد كسر كلاهما نذر الصمت ليقول ان المفاوضات التي أقنعهم بها كيري في يوليو لم تفضي الي اي شيء. وقال كيري انه لا داعي للقلق: "أنا مقتنع بان محادثاتي " معهم " ليست مهمة مستحيلة ، وهذا يمكن أن يحدث. "
كان كل هذا قبل رحلة عطلته الاسبوعية إلى جنيف لما أصبح محاولة فاشلة لإغلاق صفقة مع إيران بشأن برنامجها النووي . خاتمة كيري: استطيع ان اقول لكم ، من دون أي تحفظات ، اننا حققنا تقدما كبيرا. "
إلى من هم خارج فقاعة كيري ، يحكم مصر نظام أكثر قمعا من أي عهد مضي، مع تكميم وسائل الإعلام والآلاف من السجناء السياسيين . وتشهد سوريا صراع فوضوي علي ما يبدو للجميع بين الأسد والقاعدة ، مع عدم ميل ايا منهما الى التفاوض. الإسرائيليين والفلسطينيين بعيدين كل البعد عن الاتفاق علي شروط التسوية اكثر مما كانا عليه في مطلع هذا القرن. كما تهدد الظروف الناشئة عن عقد صفقة مع إيران للوقيعة بين الولاياتالمتحدة وبعض من أقرب حلفائها .
يثير هذا السؤال التالي: هل يؤمن كيري حقا بخطابه ؟ في الواقع ، يبدو أنه كذلك ، لا سيما على حساب اسرائيل والفلسطينيين. يائسا من ترك ارث في نهاية حياته المهنية الطويلة، أقنع عضو مجلس الشيوخ السابق نفسه أن أ) شروط التسوية بادية للعيان ب) لديه المهارات السياسية لإقناع نتنياهو و عباس بقبولهم
يقتنع كيري ، مثل الرئيس أوباما ، أيضا بأن الانفراج ، إن لم يكن "الصفقة الكبرى "، كان ممكنا طوال الوقت بين الولاياتالمتحدة و إيران ، فقط إذا تدخل الاشخاص المناسبين ( مثله).
مواقف كيري الأخرى هي النتيجة المنطقية لقرار أوباما بتقليص سياسة الولاياتالمتحدة في الشرق الأوسط بشكل جذري. قرر أوباما في نهاية الصيف تقييد نشاط الولاياتالمتحدة للاقتصار علي "المصالح الأساسية" التي لا تشمل الدفاع عن الديمقراطية ، ومنع كارثة إنسانية أو إنهاء "حرب اهلية ". وهذا يعني أن كيري ، الذي دفع ذات مرة لتسليح المعارضة السورية كوسيلة ل" تغيير حسابات الأسد ، " لم يتبق له سوى التراجع بدلا من التعهد لروسيا وإيران لإنجاز ما لن تنجزه الولاياتالمتحدة.
و يختتم الكاتب مقال قائلا : بمواجهة قول أوباما أن التعاون بين الولاياتالمتحدة و العسكرية المصرية سوف يستمر، يجب علي كيري التظاهر بأن الجنرالات يحققوا الديمقراطية. إذا تحقق اي من أحلام كيري ، فإن العالم سيكون أفضل حالا ، لذلك آمل أن يثبت خطأ المشككين امثالي . إذا لم يكن كذلك، سيذكر وزير الخارجية انه متردد مخادع لذاته - و سيتعين علي خليفته تنظيف عبث كبير سيتركه وراءه.