بدأت في الهند حملة جديدة تهدف لإقناع المواطنين بالعدول عن فكرة تفتيح لون بشرتهم التي تحولت إلى ظاهرة كبيرة في البلاد. فالهنود يصرفون على عمليات تفتيح لون بشرتهم ما يقارب نصف مليار دولار سنويا، حيث يؤمن كثيرون منهم بأن ذوي البشرة الأفتح هم أكثر نجاحا من غيرهم. هدف الحملة الجديدة التي تحمل شعار «السمراء جميلة» هو إقناع النساء والرجال بعدم وجود أي تأثير للون البشرة على نجاح الإنسان. «أريد بأن يشعر الناس بشكل جيد حيال بشرتهم، وأن يدركوا أن لون البشرة ليس أمرا أساسيا» كما أفادت النجمة السينمائية ناديتا داس التي تساهم في الحملة.
لكن الأصوات التي تؤيد عمليات تبييض أو تفتيح لون البشرة كانت الطاغية حتى الساعة. فهي تحظى بتأييد لاعبي رياضة الكريكت الشهيرة، وكذلك بتأييد نجوم السينما الهندية أو ما يعرف ببوليوود. خذ مثلا الممثل شاه روح خان الذي صوّر إعلانا تلفزيونيا يروج فيه لنوع من أنواع كريم التبييض. هذا الإعلان أثار ردة فعل عاصفة لدى الناشطات الهنديات اللواتي وقّعن على عريضة مناهضة للدعاية، لأنها تروج حسب رأيهن لرأي فريد يزعم بأن الإنسان الذي يملك بشرة بيضاء أو فاتحة اللون هو أكثر جاذبية ويتمتع بوضع اجتماعي أفضل. وهذا بالتحديد ما يتوق إليه عدد كبير من الهنود وفق ما تؤكده الإحصائيات والأرقام.
يمكننا تبييض كل شيء
استهلك الهنود خلال العام الماضي حوالي 233 طنا من مستحضرات تفتيح لون البشرة، وصرفوا بسبب ذلك حوالي نصف مليار دولار، في حين تشير الإحصائيات الىأن هذا المبلغ يرتفع كل عام بمعدل %18.
ويعود تاريخ هاجس الهنود بمسألة البشرة الأفتح إلى عام 1978 عندما انتشر في الأسواق المحلية أول كريم لتبييض البشرة. ونظرا للنجاح الذي حققه هذا المستحضر، بدأ التجار يبيعون مستحضرات أخرى للجسم بأكمله أو لأجزاء منه، ثم بدأت دائرة المنتجات تتوسع شيئا فشيئا.
ويبدو أن الوضع الحالي في ما يخص هذا الموضوع قد وصل إلى أبعاد أخرى في الهند حاليا. فالناس يفتّحون لون بشرتهم بشكل اعتيادي جدا على الصور الفوتوغرافية التي يتم التقاطها بمساعدة أجهزة الكومبيوتر.
«سألني أصدقائي عن سبب اللون الأخضر لبشرتي»، كما أفادت مؤخرا الكاتبة مونيشا راييش. «فبعد أن قاموا في الصحيفة التي أجرت معي مقابلة بتفتيح لون بشرتي على الصورة، بدوتُ كامرأة مريضة فعلا. ربما اعتقد المحررون في الصحيفة بأنهم ومن خلال تفتيح لون بشرتي على الصورة يقدمون لي خدمة جليلة».
حتى ناديتا داس تملك خبرة في هذا الموضوع. فقد تم «تبييض» لون بشرتها على الصورة التي رافقت حملة «السمراء جميلة». وتفيد في هذا السياق بأن «الهنود عنصريون. إلا أن الضغوط التي تمارسها حاليا المجلات وقنوات التلفزة واللوحات الإعلانية الكبيرة، أجبرت كثيرا من الناس للاعتقاد بأن اللون الفاتح للبشرة هو أمر مثالي».
جدير بالذكر أن الهند ليست البلد الوحيد الذي تغزوه مساحيق تبييض كهذه، حيث ان كريمات تفتيح البشرة تجني أرباحا ضخمة حتى في اليابان وبعض الدول العربية.