قد تتفق مع فيلم «ركلام» أو تختلف معه، لكنك فى كل الأحوال ستشعر باحترام كبير لأسرة هذا العمل الذى يعد جريئا فى ظل ظروف تعيشها البلاد من تضييق الخناق على الفن بشكل عام. بطلة فيلم ركلام «غادة عبدالرازق والنجم صبرى فواز» ومخرجه ومؤلفه «على رجب ومصطفى السبكى» وشركة الإنتاج قرروا التحدى والمجازفة بتصوير الفيلم فى وقت لا تظهر فيه أى معالم.. لأى شىء. ورغم خطورة التجربة التى اعتبرها البعض سباحة ضد التيار، كان هناك إحساس عام بأن صناع الفيلم يصنعون فيلما جيدا.. ولما لا والنوايا صافية لدى الجميع. لذا قررنا استضافة أسرة فيلم «ركلام» للتأكيد على أننا نناصر قضية العمل من ناحية، ولكوننا أردنا الاحتفاء بفيلم ناجح. حضر الندوة من أسرة الفيلم المخرج على رجب والفنانة غادة عبدالرازق والنجم صبرى فواز والموسيقار تامر كروان وإنجى خطاب وليلى قاسم والمونتيرة دعاء فاضل. الفجر لغادة عبدالرازق: عند قراءتك الأولى للسيناريو ما هو انطباعك عن شخصية شوشو التى ظهرت من خلالها بالفيلم؟ - غادة: كان بالنسخة الأولى من السيناريو نقاط ضعف كثيرة، ولأننى كنت قد قررت العودة للسينما بعمل قوى يستطيع أن يعيد غادة عبدالرازق التى يثق بها الجمهور، خاصة بعد الهجوم الذى تعرضت له مؤخرا، فاتخذت قرارا يقضى بأن تكون العودة على مستوى فنى عال ويحمل قيمة فنية حتى لا أتعرض للهجوم مرة أخرى. وقتها تحدثت مع المخرج على رجب وقلت له بصراحة حكاية الفيلم «رهيبة» لكن السيناريو ضعيف وكان ذلك قبل بدء التصوير بأيام قليلة، وفوجئت أنه يعود لى بسيناريو آخر فوافقت عليه على الفور وقلت له إننى على استعداد أن نبدأ التصوير من الغد، لكن قلت له أرجوك انت عارف إنى بعانى من مشكلة وزى ما هقف جنبك أقف جنبي «ووعدنى أننى لن أندم على ثقتى فيه». وكان أهم ما يشغلنا قبل التصوير هو اختيار فريق العمل من بقية بطلات الفيلم بشروط معينة، أن تكن البنات شكلهن مصرياً جدا وأن يكون شكلى ولونى باختلاف المستويات والحمد لله، كنت طوال التصوير حاسة انى بعمل حاجه كويسة، ورد الفعل على الفيلم لم أكن أتوقعه تماما الحمد لله. الفجر لعلى رجب: الفيلم كان يحمل طابعا سياسيا أكثر منه فنيا وهو ما ظهر من خلال بعض المشاهد التى أظهرت فيها قضباناً حديدية وكبارى وكأنك تحاكم المجتمع؟ - أكثر ما جذبنى فى السيناريو فكرة السقوط من خلال سقوط البطلات اللاتى بدأن حياتهن شريفات لا تشوبهن شائبة، فمثلا شخصية شادية «شوشو» بدأت حياتها تعمل بشرف، وشخصية ديدى متعلمة وتعمل من أجل تدبير فلوس زواجها، من الرجل الذى أحبته، فأردت أن أطرق الباب على دوافع سقوطهن. وأنا بطبيعتى مهموم بصناعة السينما وتاريخ السينما المصرية فكان أهم ما يشغلنى، أن أقدم فيلما يُخلد فى تاريخ السينما المصرية، ولأننا بدأنا فى توقيت كان الكل متوقفاً فيه، وهو فى شهر فبراير أى بعد أحداث الثورة، وكان أهم ما يشغلنا أنا وغادة استمرار صناعة السينما لأن السينما لابد أن تستمر لأنها قضية أنا «مهووس» بها منذ بدايتى ووجدت غادة نفس الشىء فأنا أتعامل معها كسينمائية مهمومة بصناعة السينما، وليست ممثلة وكان يحركنا هدف واحد هو استمرار الصناعة، وأذكر وقت غزو الكويت جميع الأنشطة توقفت فيما عدا السينما، ووقتها كان الفنان نور الشريف يمثل فيلم «الصرخة» وقال: سيذكرنا التاريخ بهذا الفيلم بعد 100 سنة، لأننا السينما الوحيدة على مستوى العالم التى لم تتوقف. وناقشت فى الفيلم فكرة سقوط البلد من خلال سقوط المرأة، خاصة بعد الثورة فمن يتخيل أن الثورة التى اشتعلت للإطاحة بمبارك وأعوانه، تفرز لنا الإخوان والسلفيين بهذا الشكل، فكيف بعد ما نقوم بالثورة ترجع لنا حاجات سقطت منذ زمن بعيد. الفجر لغادة: ألم تشعرى بخوف تجاه جرأة الفكرة التى يتناولها الفيلم على تشويه صورتك وتعرضك للهجوم ؟ - لا فأنا أتعرض للهجوم من زمان وتعرض لتشويه صورتى من قبل الكثيرين، وكل ما أطلبه أن يفصلوا بينى كممثلة وبينى كإنسانة، وأن يتقبلنى الآخر بتفكيرى مثلما أتقبله، فأنا عمرى ما تاجرت بآراء الآخرين. والحقيقة، أنا اندهشت عندما تعرضت لهجوم شديد عندما أبديت رأيى ووجدت كل الناس ضدى، خاصة المنادين بالديمقراطية وتساءلت طيب فين الديمقراطية بقى، وللعلم أنا أصلا عمرى ما كنت سياسية أو أبحث عن كرسى أو أرفع شعارات وعمرى ما حسبتها لو كنت حسبتها زى ناس كنت هعمل كثير قوى، الخلاصة إننى حتى لم أخطط لركلام، وكل ما هنالك أننى شعرت بأن الفيلم سيجعلنى أسير فى طريقى المعتاد، وهو أن أصنع تاريخا ولم أفكر فيه كى أرضى طائفة أو حزباً معيناً أو شريحة معينة. الفجر لغادة: هل شعرت بقلق تجاه فريق عمل الفيلم خاصة أن معظمهم حديث العهد؟ - حياتى كلها مجازفات مثلا قدمت 3 مشاهد لدور فتاة شاذة فى فيلم «حين ميسرة» وحياتى كفنانة لا يمكن أن أحسبها بالورقة والقلم أما حياتى الإنسانية فلا يمكن التهاون فيها، وأذكر أنهم قبلنا مثلوا أفلاما تصنع لهم اسماً وتاريخاً، وأفلاماً أخرى ليس لها معنى، ووقتها لم يوجه لهم أى لوم فلماذا جيلنا الآن هو من يواجه كل هذا اللوم والنقد؟! أعتقد أن المجتمع هو السبب. - الفنان صبرى فواز معلقاعلى كلام غادة: - المجتمع أصبح مثل «الرجل العاجز جنسيا الذى لا يشبع زوجته لذا يرتاب فى كل تصرفاتها، للأسف أصبحنا نعانى من حالة عجز شديدة بداخلنا مما جعلنا «بنتلكك» على أى شىء». الفجر لغادة: رغم تأكيدك أنك لم تخططى لحياتك القادمة بعد 17 عاما من الفن، لكنك حققت مكانة مميزة فى السينما والدراما كيف تستطيعين الحفاظ عليها؟ ما هو تفكيرك للخطوات القادمة؟ - أسعى لاكتشاف الجوانب الفنية التى لم تكتشف بداخلى حتى الآن، وحلمى أن أى مخرج أتعاون معه يخرج جانباً لم أره فى كممثلة من قبل لكن اكتشفت أننى الوحيدة التى أعرف ما بداخلى ومواهب نفسى، وأخرجت منها جانباً مع على رجب فى هذا الفيلم، وأيضا فى المسلسل الجديد الذى كتبت قصته وجدت أن قصته ستخرج جانباً جديداً سيشاهده الجمهور لأول مرة فى الدراما، وليس عيبا أن أقوم بكتابة قصة المسلسل، خاصة أن لدى خبرات حياتية لا يستهان بها.. الفجر لصبرى فواز: لماذا وافقت على المشاركة فى ركلام؟ - عند مشاركتى فى أى عمل جديد لدى شرطان: أن يحمل العمل قضية تتفق مع قناعاتى، والشرط الثانى أن يدفعنى خطوة للأمام وهو ما توافر فى هذا الفيلم، وأكثر ما لفت انتباهى فكرة سطوة المجتمع الذكورى فى مصر والعالم العربى كله، خاصة أنه ظالم المرأة فالمرأة بشكل عام مظلومة وطول الوقت تعانى من استعراض القوى الذكورية، أما أهم ما ركزت عليه فى الشخصية أن يكون لديها هم شخصى تعانى منه طوال الأحداث، أن تتخلى عن شىء يحبه من أجل شىء أهم وأسمى، وكلنا يفعل ذلك من منا لا يجىء على نفسه من أجل أبنائه أو احبائه وكنت أرى أن الدور يعتبر «بل ريق» فى حياة شوشو لأنه كان الوحيد الذى يعاملها كإنسانة، لذا أعجبتنى فكرة أن الشخصية تضحى بسعادتها من أجل الحفاظ على أسرتها وأصولها وعاداتها ومن أجل إسعاد الآخرين. الفجر لمصطفى السبكى: هل قصدت أن تظهر أن الخطيئة موجودة فى كل المستويات الاجتماعية؟ - طبعا، فأنا عشت حياة فتيات الركلام ست سنوات، قابلت خلالها فتيات ركلام كثيرات وعلمت منهن قصصا كثيرة، وللعلم قصص الفتيات الأربع التى قدمت فى الفيلم حقيقية منذ البداية حتى النهاية وما حاولت التركيز عليه ما قبل انحراف تلك الفتيات. الفجر لعلى رجب: وهل قصدت بمشهد الطرحة التى ارتدتها شوشو فى نهاية الأحداث أنها ستصبح قديسة؟ - لا ليست قديسة وانما كنت أريد أن أطرح سؤالا (من أكثر شرفا؟) من تاجر بجسده أم من تاجر بدينه أم من تاجر بالسلطة، فمن أولى أن يعاقب على جرمه؟! الفجر لعلى رجب: كيف وقع اختيارك على غادة عبدالرازق أولا: وعلى بقية فريق العمل؟ - غادة صانعة سينما وأنا أتعامل معها على هذا الأساس ولا أتعامل معها على أنها ممثلة ولولاها ما كان الفيلم خرج للنور فهى قامت بأشياء كثيرة لاستمرار الفيلم حتى يخرج للجمهور فى هذا الشكل. وفى هذا الفيلم دور غادة هو أكثر الأدوار التى حذف منها مشاهد لأن الفيلم كان طويلاً وكان علينا أن نحذف منه بعض المشاهد وكانت المشاهد لغادة ولم تعترض تماما، بل كانت هذه رغبتها وأصرت ألا أقوم بحذف أى مشاهد لبقية البطلات، علاوة على أنها لم تشترط أجراً معيناً وقالت للمنتج: ادخل صور وبعدين نتكلم عن أجرى، أما انجى خطاب فوجدتها الأنسب للدور بالرغم من أنها أول التصوير كانت سيئة لكنها تطورت جدا فى الآخر. وليلى قاسم التى قدمت شخصية «صديقة رانيا يوسف» فأنا أصلا متخانق معاها لكن أقنعنى بها المؤلف ووجدته على صواب لأنها تطورت جدا داخل التصوير وأصبح أداؤها جيداً. - وتضيف انجى خطاب التى قدمت شخصية «سوزى»: الكل كان بيخوفنى من التعامل مع غادة عبدالرازق والذى كان حلماً بالنسبة لى أن أسلم عليها، مش أمثل معها لكن وجدتها إنسانة رائعة وكذلك على رجب كان صبوراً جدا معايا لأنى بصراحة كنت «مخضوضة» والحقيقة أن كواليس الفيلم كانت رائعة. - وتحكى غادة عبدالرازق عن كواليس الفيلم: كواليس الفيلم كانت ممتعة خاصة أثناء تصويرنا فى الإسكندرية، كنا نوقف القطارات لندخل ونصور مشهداً وكنت أقوم بتغيير ملابسى فى غرفة مدير المحطة، وكنا نجرى بالكاميرات فى الطرق والشوارع لدرجة أن الناس لم تصدق أننى غادة عبدالرازق وأنهم فريق عمل فيلم. الفجر لعلى رجب: الموسيقى التصويرية التى قدمها تامر كروان كانت عاملاً مهماً داخل أحداث الفيلم، خاصة أن الفيلم ملىء بالإنسانيات.. لماذا اخترت تامر كروان بالتحديد؟ - فى كل الأفلام التى قدمتها أطرح اسم تامر كروان لأننى أحب التعاون معه لكنه كان يعتذر فى كل مرة بسبب الأجر.. والحقيقة أن تامر ينفق بسخاء على المزيكا التى يقدمها، ويدرس المشاهد جيدا، لدرجة أنه من الممكن أن يخرج لنا مشاهد تحتاج موسيقى تصويرية لم تقع أمامنا. - وعن اختيار على رجب لمديرة التصوير نانسى عبدالفتاح والمونتيره دعاء فاضل يقول: أولا دعاء فاضل شريكة فى السيناريو وقد اخترت مونتيرة «ست» لأن عينيها عين «ستات» وهو ما يهمنى، فهى تعرف مشاعر المرأة جيدا فى كل مشهداً أما نانسى فتهتم بإضاءة كل مشهد وكل جزء فى المشهد. - دعاء فاضل تعلق قائلة: على رجب أتاح لنا مادة خام كبيرة نستطيع استخدمها جيدا، وهو أكثر ما ساعدنا فى العمل، مثل لقطات القطارات والبحر والكلوزات فطريقة السرد داخل الفيلم مختلفة لم تكن تقليدية خاصة فى طريقة الفلاش باك خلقت، لى مساحة أكثر من أى فيلم تقليدى أقوم بمونتاجه. الفجر لعلى رجب: هل قصدت اختيار الألوان الزاهية فى تصوير مشاهد الفيلم رغم حالة الفقر التى تعانى منها الشخصيات؟ وهل قصدت تقديم فيلم تسجيلى عن مدينتك «الإسكندرية» داخل الفيلم بتصوير أماكن لم يعرفها الكثير هناك؟ - نعم لأن الفقر لا يرتبط بالذوق أو النظافة، فمثلا فيلم المليونير المتشرد كل مشاهده ألوانه زاهية فالفقر ليس عيبا كى نظهره باهتا. تماما القلعة التى صورت فيها هى قلعة كوسا باشا والمدافع التى أثارت دهشة الجمهور هى مدافع بونابرت، وهى مدافع حقيقة وكنت بروح ألعب هناك عند المدفع، لأن خالتى تعيش هناك، وأنا متيم باللوكيشن ودائما أشفق على شركة الانتاج التى أتعاون معها، لأننى أؤرخ للفترة الزمنية التى أقدم من خلالها أحداث الفيلم من خلال الأزياء واللوكيشن والملابس. السنة الخامسة - العدد 343 - الاثنين - 27/02/2012