تعمل الدكتورة جنيفر بريمر، رئيس قسم السياسات العامة والإدارة في الجامعة الأمريكيةبالقاهرة مع سكان عزبة الهجانة، أكبر منطقة عشوائية في شرق القاهرة، لإيجاد سبل لمعالجة بعض المشكلات المرتبطة بالمناطق الفقيرة في العاصمة. تقول بريمر: "الأولوية هي مساعدة الناس في تسجيل ممتلكاتهم وتقنين تواجدهم في المنطقة، على الرغم من أن ذلك سوف يحتاج للكثير من موارد. الحاجة الرئيسية في هذه المرحلة هي تحويل التركيز من بناء مجتمعات للنخبة إلي التعامل مع الاحتياجات السكنية العاجلة للمهمشين والطبقات الحضرية العاملة، وهو مامن شأنه أن يستتبع بإدماج المناطق غير الرسمية في النظام الرسمي، وتوفير الخدمات الاجتماعية الأساسية لهم ومنحهم وضعاً آمناً، وبالتالي إعطاء سكان هذه المناطق حافزاً أقوى للبناء من أجل المستقبل، ومع ذلك فالخطوة الأولى هي ملء فجوة الخدمات في المناطق ذات الدخل المنخفض من خلال ضمان جمع القمامة، وتوفير إمكانية الوصول إلى المياه بشكل كاف، وضمان وجود صرف صحي، وتمكين جميع الأطفال من الالتحاق بالمدارس في أحياء خاصة بهم." باعتبارها موطناً لحوالي 500،000 نسمة من السكان، تشكل عزبة الهجانة تحديا هائلاً لصانعي السياسات. كانت المنطقة في السابق أرضاً عسكرية وتصنف رسمياً بأنها منطقة متخلفة تواجه مجموعة من المشكلات الشائعة في المناطق الفقيرة الأخرى في القاهرة. يشمل ذلك أيضاً كل شيء من نقص الخدمات الأساسية، مثل المياه، والصرف الصحي وجمع القمامة، حتي الرعاية الصحية والتعليم غير الكافيين على الاطلاق.
تقول بريمر:"يبدو أن العقد الاجتماعي الأساسي بين المواطنين والحكومات قد تم تجاهله. إن السبب الجذري للكثير من هذه القضايا هو فشل الحكومة في الارتقاء لمستوى مسؤولياتها الأساسية تجاه سكان المناطق غير الرسمية، فهي لا توفر لهم ما يكفي من المدارس، أوالمراكز صحية أو حتي مراكز الشرطة ومكاتب البريد، فلا يوجد بها طرق ممهدة أو إضاءة في الشوارع. ليس هناك جهوداً مبذولة لضمان توفير المساحات العامة الأساسية حيث تنمو هذه المناطق باستمرار."
نشأت العشوائيات أو المناطق غير الرسمية مثل عزبة الهجانة في مصر نتيجة لسياسات وقواعد الإسكان الضعيفة، فضلاً عن انخفاض مستويات الدخل والنمو السكاني السريع. في "فهم الأحياء الفقيرة"، أشار ديفيد سيمز، خبير التخيط واقتصاديات المناطق الحضرية، إلي أن مشكلة الإسكان غير الرسمي بدأت في القاهرة في منتصف الستينيات من القرن الماضي مع الزحف العمراني غير المنظم على الأراضي الزراعية، والذي قوبل بمقاومة لا تذكر من قبل الحكومة. لم تعير الحكومة الانتباه إلى المناطق غير الرسمية المتنامية حتى منتصف السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، وقد أصبحت واسعة منذ ذلك الوقت. اليوم، تشير الإحصاءات من وزارة الإسكان المصرية إلي وجود 1221 منطقة عشوائية مماثلة لعزبة الهجانة في مصر. تأوي تلك العشوائيات من حوالي 12 مليون إلي 15 مليون من الكثافة السكانية للبلاد والتي تبلغ 80 مليون شخص. بالإضافة إلى عدم امتثالها لقواعد البناء والتخطيط، تعاني هذه المناطق من نقص المرافق، ووسائل الراحة والبنية التحتية المناسبة.
تقول بريمر: "إن سياسة الإسكان معقدة لأنها لا يمكن فصلها عن التنمية الاقتصادية، والخدمات الاجتماعية، والنقل، والتمويل أو توفير فرص العمل –لا يمكن فصلها تقريباً عن أي شيء هام للتنمية. حل مشكلة الإسكان يعني التعامل مع القضايا القانونية المعقدة، لا سيما تلك المتعلقة بملكية الأرض والتمويل، فضلاً عن تحقيق التوازن بين الجوانب الفنية بمشاركة المجتمع عند اتخاذ القرارات الحاسمة. ومع ذلك ففي مصر يتم التعامل مع التخطيط الحضري وكأنه تخصص فرعي من الهندسة المعمارية، مما يعني أن الأشخاص الذين يعملون في الإسكان يملكون، في أحسن الأحوال، الألفة العملية الاعتيادية بهذه المجموعة الأشمل من القضايا. فليس من المستغرب إذن، أن قضايا الاستدامة الحضرية لم يتم التعامل معها بفعالية."
بدأت بريمر أولي مقابلاتها في عزبة الهجانة في أعقاب ثورة 25 يناير عندما قابلت شباب شاركوا في اللجان الشعبية التي كانت تحرس المنازل والشركات خلال الاضطرابات. من خلال عملها، التقت بريمر بقيادات جمعية إسلامية محلية، وكانوا، بالإضافة إلى ممارستهم للأنشطة الخيرية، يشاركون بقوة في دعم الحوار المجتمعي، وتسوية المنازعات والتعاون الوثيق مع الحكومة. خلال الأشهر اللاحقة، عملت بريمر مع الجمعية في المنطقة جنباً إلى جنب مع فريق من طلاب الجامعة الأمريكيةبالقاهرة لتسهيل التعاون الجاري. قادت بريمر وطلابها حملة جمع التبرعات خلال شهر رمضان، وسعت لمساعدة السكان في تلبية احتياجاتهم الطارئة.
على نطاق أوسع، تعمل بريمر مع الجمعية في المنطقة للمضي قدماً في مشروع كبير لإنشاء مركز للخدمات الاجتماعية الحكومية في عزبة الهجانة، والذي كان قد تم البدء فيه عندما صدر مرسوم عام 2000، لنقل 5 فدادين من الأراضي من الجيش إلى محافظة القاهرة. هذه الأرض كان من المفترض استخدامها لبناء أول مدارس ابتدائي ومرافق صحية في عزبة الهجانة. تقول بريمر: "هذه مجرد بداية لبناء رابطة أقوى من شأنها أن تتضمن تعبئة الأموال، ورفع القدرات المحلية للتخطيط والحوار، والعمل على إشراك المنظمات الحكومية في هذا المجال، الذي طالما استبعد من المشاركة الكاملة في الهيكل الرسمي."