قامت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بالتعاون مع جمعية التقدم العلمي والتكنولوجي في العالم العربي (SASTA)افتتاح مؤتمر تحت عنوان: العلماء العرب المغتربين..عندما تتكامل العقول العربية. حضر المؤتمر الدكتور مصطفي مسعدوالأستاذ الدكتور/ نبيل العربية و الأمين العام لجامعة الدول العربية، الأستاذ الدكتور/ وائل الدليمى ورئيس جمعية التقدم العلمي والتكنولوجي فى العالم العربى، والأستاذ الدكتور/ محمد العزيز بن عاشور مديرعام المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوموالأستاذة الدكتورة/ نادية زخاري وزيرة البحث العلمى والتكنولوجيا.
فيما قام الدكتور مصطفي مسعد وزير التعليم العالي بالكلمة الافتتاحية وقال" يسعِدني ويشرفني أن أشهَدَ مع حضراتكم اليوم، افتتاحَ فاعليات هذا الحدث العلمي العربي الهام، الذي تنظمه الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، بالتعاون مع جمعيةِ التقدمِ العلمي والتكنولوجي في الوطن العربي بالولايات المتحدةالأمريكية، تحت عنوان: "مؤتمر العلماء العرب المغتربين: عندما تتكامل العقول العربية"، ويشارك فيه نخبة من خيرة العقول العربية المغتربة، بالإضافة إلى عدد من رؤساء الجامعات، ورجال الصناعة، والمؤسسات الخاصة ووكالات التمويل، ويبحَثُ على مدار جلساتِه، كيفية إدماج العلماء العرب فى خطط التنمية العربية، وتسخيرِ قدراتهم لخدمة الشعوب العربية، في المجالاتِ المختلفة، ولا سيما الطب الحيوي والعلوم الصحية، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وموارد الطاقة الجديدة والمتجددة. وأكد وزير التعليم العالي إن هِجرة العقول والكفاءات العلمية تمثل واحدًا من أكبر التحديات التي تواجِه بلدان الوطنِ العربي، في عالم يقوم بالأساس على العلم وتطبيقاتِه، وتتميز الدول المتقدمة فيه على يرها، بما تملكه من ثروة معرفية وتكنولوجية تعتمد بالأساس على ثروة بشرية مؤَهَلَةٍ للتعامل مع التطورات العلمية والتقنية المتلاحقة، ونخبة من العلماء والباحثين - وكثير منهم من أبناء هذا الوطن العربي- تعكف على تحصيل وتطوير وإنتاج المعرفة وتحويلها إلى ابتكارات ذات قيمة اقتصادية عالية تساهم فى دفع عجلة اقتصاد المعرفة بقوة كل يوم.
والحقيقة أن الدول العربية جميعا تشترِك في هذهِ الأزمة، حيث تجنح نسبة كبيرة من الكفاءات العلمية والعقول المبدعة فيها إلى الهجرة للخارج، لِيصبِحُوا في سَنَواتٍ قليلة، عناصرَ فاعلةً في منظوماتِ العلومِ والتكنولوجيا في البلادِ التي هاجروا إليها، بينما تُعاني بِلادُهُم مِنْ فَقرٍ شديد، وحاجةٍ مَاسَّةٍ إلى جُهُودِهِمْ وَمُساهَمَاتِهِم.
وإذا كانت الإحصاءاتُ تُشيرُ إلى أنَّ المجتمعاتِ العربيةَ أصبحتْ بيئةً طاردةً للكفاءاتِ العلمية، حتى إِنَّ نَحْوَ 54% من الطلابِ العربِ الذينَ يُسافرونَ للدراسةِ بالخارج، لا يعودونَ إلى بلادِهِم، وَأَنَّ تقديراتٍ تُشيرُ إلى وجودِ نَحْوِ مئات الألوف من العلماء والباحثين والخبراء العرب، يعيشونَ خارجَ بلادِهم، تستفيدُ منهم البلادُ التي يعيشونَ فيها، بِما يُعادِلُ تقريبًا قيمةَ ما تُنتِجُهُ بِلادُنا من النِّفْطِ والغاز. فإنَّ الأمرَ يلزمنا جميعًا أن نقف معَ النفسِ وقفةً صادقة، نعترفُ فيها بوجودِ أزمةٍ حقيقية، تَتَمَثَّلُ في هذا النزيفٍ حادٍّ في الخبراتِ والكفاءاتِ العربية، يَعُوقُ جُهودَ بلادِنا نحوَ تحقيقِ تقدمٍ علميٍّ وتكنولوجيٍّ حقيقيّ.. وَأَنَّ علاجَ هذهِ الأزمةِ يتطلبُ مِنَّا أن نَبْذُلَ جُهودًا جَبَّارةً على مُسْتَوَيَين: أَوَّلُهُمَا: تَطويرُ مَنظوماتِ العلومِ والتكنولوجيا العربية، بما يَجْعَلُها حاضنةً للإبداعِ وجاذبةً للكفاءات، من خلالِ عددٍ من الضماناتِ والمميزاتِ المعنويةِ والماديةِ لأبنائِنا من شبابِ الباحثينَ والعلماء، يفتحُ أمامَهم المجالَ لوضعِ قُدراتِهم ومواهبِهِمْ في خِدمةِ أوطانِهم. والآخَرُ: فتحُ قنواتٍ حقيقيةٍ للتواصلِ مع أبناءِ العالمِ العربيِّ من الأساتذةِ والعلماءِ المقيمينَ بالخارج، بما يَكْفُلُ تحقيقَ استفادةٍ حقيقيةٍ من خبراتِهِم، ولا سيما في ظِلِّ ما يُبْدُونَهُ دائمًا من رغبةٍ صادقةٍ في تطويرِ بلادِهِم، وحرصٍ على المساهمةِ في خدمتِها.. وَلَعَلَّ مًؤتمرَكُمُ اليوم، خُطوةٌ طيبةٌ على هذا الطريق، نَأمُلُ أن تُؤتِيَ ثِمارَها، وأن تَتْلُوَها خُطواتٌ أخرى أكبر وأعمق، وذلك بالنظرِ إلى الأهدافِ التي يَسْعى المؤتمرُ إلى تحقيقِها، ومنها: وضعُ آلياتٍ فعالةٍ ودائمةٍ لدعمِ المعارفِ والخبراتِ والشبكاتِ والمواردِ الخاصةِ بالعلماءِ العربِ في الخارج، مِنْ أَجْلِ بناءِ القدراتِ وتَقَدُّمِ العلومِ والتكنولوجيا والتنميةِ الاقتصاديةِ في بلادِنا. إطلاقُ مبادراتٍ مُحَدَّدَةٍ وبرامجَ علميةٍ قابلةٍ للتنفيذ، تَجْمَعُ بينَ الخبراتِ والمواردِ القائمةِ في البلادِ العربية، وما لدى الجماعاتِ العلميةِ العربيةِ في الخارج، لمواجهةِ التحدياتِ المُشْتَرَكَة، واستغلالِ الفرصِ الفريدةِ المُتاحةِ في مِنْطَقَتِنا، مِنْ أَجْلِ الابتكارِ والتطورِ العلميِّ والتنميةِ الاقتصادية. وضعُ مَنْهَجِيَّةٍ وإطلاقُ مبادراتٍ إقليميةٍ جماعيةٍ ومُنَسَّقَةٍ للنهوضِ بالعلومِ والتكنولوجيا في العالمِ العربيّ، وإبرازُ صورةِ العلومِ العربيةِ في العالم.
الأساتذة والعلماء اِنَّ مؤتمرَكُمُ هذا، لَجَديرٌ بأن يَلْقَى كُلَّ اهتمام، وأن يُحاطَ بِكُلِّ رعاية، وأن نسعى جاهدينَ إلى تنفيذِ ما يُسْفِرُ عنه من نتائجَ وتوصيات، بما يُحَقِّقُ المعادلةَ الصعبة، التي يُمَثِّلُ عُلماؤُنا في الخارجِ أَحَدَ طَرَفَيْهَا، وَتُمَثِّلُ مَنظوماتُ التعليمِ والبحوثِ والتكنولوجيا العربيةُ الطرفَ الآخر، برعايةٍ ودعمٍ وَاجِبَيْنِ من المؤسساتِ الحكوميةِ وَقِطَاعَيْ الإنتاجِ والخدماتِ في الوطنِ العربيّ، وُصُولاً إلى تحقيقِ الهدفِ الأكبر، والعُنوانِ الرئيسِ الذي يَنْتَظِمُ مُؤتمرَكُم: "عندما تَتَكَامَلُ العُقُولُ الْعَرَبِيَّة".
وإذا كُنَّا نَسعى اليومَ معًا، إلى بَلْوَرَةِ إطارٍ جامعٍ لجهودِ العلماءِ العربِ في الخارج، لِتَصُبَّ في خِدْمَةِ الشعوبِ العربية، فَإِنَّ المصداقيةَ تُوجِبُ علينا الاعترافَ بحاجَتِنَا الماسة، إلى إعادةِ هيكلةٍ كاملةٍ للمؤسساتِ التعليميةِ والبحثيةِ في بلادِنا، تُحَقِّقُ لها استقلالاً حقيقيًا، وتُطْلِقُ حُرِّيَّةَ البحثِ العلميِّ والابتكار إلى أبعدِ مَدَىً مُمْكِن، وتُزيلُ عن المناهجِ والبرامجِ الدراسيةِ بِها ما تُعانيهِ من تَرَهُّلات، وتَفتحُ قنواتِ اتصالٍ ونوافذَ تَوَاصُلٍ مع مُستجِدَّاتِ العِلْمِ في شَتَّى مجالات العلوم.